الأربعاء، مايو 30

خرافة الاستئثار بالسلطة في الدولة الديمقراطية

ياسين رُكَّهلمن يخشى خرافة ’الاحتكار‘ و’التكويش‘ في الدولة الديمقراطية؛ وهذه سذاجة سياسية يؤسفني أن أرى إعلامنا المضلل قد أقنع بها بعض أبناء هذا الشعب المعروف عنه الفهلوة، وقد كتبت وتحدثت وكتب الكثيرون غيري في واقع أحزاب الأغلبية في مختلف البلدان الديمقراطية المتقدمة في العالم، الواقع الذي يثبت أنه من السذاجة السياسية أن نسمي الانتشار الطبيعي لحزب الأغلبية في كوادر الوطن ’احتكار للسلطة‘؛ ولكني أريد أن أعالج القضية من منظور آخر يركز على خصائص واقع جمهورية مصر العربية اليوم ودينامية العلاقات السياسية فيه، فعندي لك سؤال: ما هي أنياب الدولة التي يُخشى منها الأذى؟ أليست الأجهزة الأمنية؟ الجيش والمخابرات والشرطة؟

حسناً، ألا يتفق أي اثنان مصريان عاقلان أن المخابرات والجيش والشرطة المصرية لا تطيق الإخوان المسلمين على الإطلاق؟ تمام، الإخوان نصف البرلمان—ليس كله أو حتى معظمه، فإن أخذوا نصف الحكومة أيضاً ونصف القضاء ومركز الرئاسة، ألا يمكنك أن تتفق معي أنهم، بالرغم من كل هذه السلطات، إلا أنهم لن يكون معهم ولو ناب واحد يتسلطوا به على الشعب؟ بل بالعكس، أنياب الدولة قد تكون دائماً علاقتها باردة مع الإخوان؟ أما على الجانب الآخر، فإن إعطاء أي سلطة تنفيذية للنظام القديم، نفس النظام الذي استخدم هذه الأنياب في قمع الشعب وقتل وتعذيب أبنائه سابقاً، سيسهل على ذلك النظام القديم استعادة كل سلطته مع الوقت لأن الأنياب كلها معه.

أي باختصار، إن كانت نيتك فعلاً هي موازنةُ وطنِك، وضمانُ عدم احتكار أو اختصار القوةِ في يدٍ وجهةٍ واحدة، فلتعطي السلطات التنفيذية إلى حزب الأغلبية الحالي وجرّبْهُ، واطمئن لأنه لا يملك أيَّ أنيابٍ—ولن يملُكها، فستظل أنياب الدولة هذه علاقتها باردة بهذا النظام الجديد، لأنّ الأنيابَ مخلصةٌ للنظام القديم على الأقل سياسياً وفكرياً، إن لم يكن اجتماعياً؛ أي أنه حتى وإن تخلصت الأنيابُ من علاقاتها الاجتماعية بالنظام القديم، فهي ستظل رافضةً للنظام الجديد وموافقة للنظام القديم من حيث المبدأ والفكر—السياسة.

وبهذا تتحق مصالح الشعب في عدم استبداد أي جهة. فوقتها، الأنياب لا تأتي لها أوامر بالقتل أو التعذيب أو القمع، وفي نفس الوقت السلطة التنفيذية ليس لها دلال على الأنياب كي تظلم الشعبَ بغرور الحاكم الذي يملك جيشاً رهن إشارته؛ لأنّ وقتها ستكون علاقةُ الأنيابِ بالسلطة التنفيذية أشبه بالهدنة.

أنت كمواطن ستأمن أي شر سواء من الأنياب أو من السلطة التنفيذية، لأنه يمكنك أن تشتكي أحدهما إلى الآخر ولن يكون الآخر متسامحاً مع الأول أو محابياً له على حسابك! فكّر.

—ياسين رُكَّه

الجمعة، مايو 25

عبد المنعم الشحات: قصة اختيارنا للدكتور أبو الفتوح

كتب الشيخ المهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، والاستفتاء على التعديلات الدستورية، وظهور مدى تأثير الإسلاميين في الشارع... طُرح سؤال في أوساط الإسلاميين، وهو: هل تحتمل مصر رئيسًا إسلاميًّا أم لا؟

وكانت هناك أصوات كثيرة تنادي بأن يتم اختيار شخص مؤمن بمرجعية الشريعة الإسلامية، ولكن غير موسوم بأنه إسلامي أو على الأقل غير منتمٍ تنظيميًّا، وفي هذا السبيل عَقدت الدعوة السلفية مؤتمرًا تشاوريًّا ضمَّ أعضاء مجلس إدارتها، بالإضافة إلى رموز كثيرة مِن رموز التيار السلفي غير المنتمين لجماعة "الدعوة السلفية".

ولا نذيع سرًا إذا قلنا: إن أحد الدعاة البارزين المؤيدين للدكتور "محمد مرسي" الآن باعتباره المرشح الإسلامي الوحيد كان قد اقترح عدم تأييد أي مرشح مِن الإسلاميين الثلاثة في ذلك الوقت: "الشيخ حازم - الدكتور العوا - الدكتور أبو الفتوح"، واقترح بحث تأييد الدكتور "الأشعل" باعتباره مؤمنًا بالمرجعية الإسلامية، ولكن غير موصوف بأنه إسلامي، وطبعًا لا ننكر عليه تغيُّر اجتهاده، ولكن ننكر عليه أنه استبعد "أبو الفتوح" بوصفه إسلاميًّا مرة، ثم عاد فاستبعده بوصفه غير إسلامي مرة أخرى واصفًا الدكتور "محمد مرسي" بأنه المرشح الإسلامي الوحيد!

وقد انتهى ذلك المؤتمر إلى أن معظم الحاضرين يرون أن المرحلة لا بد فيها مِن رئيس إسلامي حتى لو أبقى على ما لا يستطيع تغييره من مخالفات؛ لأنه سيكون حريصًا على التوجه نحو تطبيق الشريعة، بخلاف ما لو تركناها لخصوم الشريعة الذين ربما اتجهوا إلى الضد.

وعلى الجانب الآخر كانت جماعة الإخوان قد أعلنت أنها لن تُقدِّم مرشحًا للرئاسة، ثم بدأ الترويج لفكرة الرئيس التوافقي العالماني، ونُسبت تصريحات عديدة لعدد من رموز الإخوان في هذا الصدد إلا إن التصريح الأبرز الذي يمكن التعويل عليه كان مِن نصيب فضيلة "المرشد" مع الإعلامي "وائل الإبراشي"، والذي ذكر فيه ثلاث عبارات حاسمة:

- لن نرشح مرشحًا إخوانيًّا.
- لن نرشح مرشحًا إسلاميًّا.
- لن نرشح مرشحًا ذي خلفية إسلامية!

وبعد هذه "اللاءات الثلاثة" لم يبقَ إلا مرشح توافقي عالماني! وهو ما شجع الدكتور "منصور حسن" إلى أن يتقدم للرئاسة زاعمًا أنه مدعوم مِن الإخوان، وفي مداخلة هاتفية للدكتور "غزلان": ذكر أن الجماعة لم تتخذ موقفًا بشأن "منصور حسن"، بينما قال: إن الجماعة اتخذت موقفًا نهائيًّا بعدم دعم الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح"!

وحينما صرح الدكتور "محمد البلتاجي" بأنه يرى أن الدكتور "أبو الفتوح" أفضل مرشح؛ سارعت الجماعة بالتأكيد على أن هذا موقف فردي منه.

وتمت اتصالات بيْن جماعة "الدعوة السلفية" وجماعة "الإخوان المسلمين"؛ لإقناعهم بأن أفضل الحلول أن ندعم سويًّا رئيسًا إسلاميًّا غير منتمٍ تنظيميًّا؛ ليكون أقرب إلى التوافقية، وتم إعادة تعريف مصطلح الرئيس التوافقي إلى "الرئيس التوافقي الإسلامي"، وفي ذلك الحين كان المرشحين الإسلاميين الثلاثة: "الشيخ حازم - الدكتور العوا - الدكتور أبو الفتوح"، وكانت هناك أمور تتعلق بالشيخ "حازم" أبرزها: جنسية والدته، ومِن ثَمَّ كان مِن المنطقي أن تتم المفاضلة بيْن المرشحين الآخرين إلا أن الإخوان طلبوا مهلة؛ لإقناع أحد مِن الرموز الأخرى التي تؤمن بالمرجعية الإسلامية، ويكون لها قبول أعلى لدى الإخوان؛ ولأن توحد الإسلاميين خلف مرشح واحد كان من الأهمية بمكان فقد تركنا لهم الفرصة؛ فحاولوا مع المستشار "طارق البشري"، والمستشار "حسام الغرياني".

وفي هذه الأثناء قام بعض أعضاء "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" بزيارة مكتب الإرشاد، وطلبوا منهم ترشيح المهندس "خيرت الشاطر"، وكان تعليق المهندس "خيرت الشاطر" نفسه آنذاك: أن مبررات عدم ترشيح أي مرشح من الإخوان ما زالت قائمة، ومِن ثَمَّ كان رأيه الشخصي رفض هذه الفكرة حتى قيل: إنه صوت ضدها في اجتماع مجلس شورى الإخوان، والذي أخذ القرار "بأغلبية ٥٦ عضوًا ورفض ٥٢ عضوًا".

ورغم خطورة الدفع بمرشح إسلامي منتمٍ تنظيميًّا إلا أننا لاعتبارات تتعلق بشخصية المهندس "خيرت"، وارتباط مشروع النهضة باسمه، ولتاريخه النضالي، ولروحه الانفتاحية على المجتمع ككل -وعلى الحركة الإسلامية بوجه خاص التي بدت لنا آنذاك-؛ وجدنا أنه من الممكن لنقاط القوة هذه أن تعادل وتَجْبُر الخوف العام والخاص مِن وجود رئيس له انتماء تنظيمي؛ لا سيما لتنظيم شديد العمق التنظيمي كجماعة الإخوان المسلمين.

وعندما زار وفد من "الدعوة السلفية" مكوَّن مِن: "الشيخ سعيد عبد العظيم - والشيخ ياسر برهامي - وعبد المنعم الشحات" مكتب الإرشاد كان الغرض مِن الزيارة: الدعوة لمبادرة الدعوة السلفية للوصول إلى مرشح إسلامي واحد، ولما جاء ذكر المهندس "خيرت الشاطر" قلنا: إننا نتوقع إن ترشح أن يحصل على أعلى الأصوات من مجلس شورى الدعوة السلفية، كما نتوقع أن يحصل على تأييد معظم التيارات الإسلامية في تلك المبادرة.

وعندما رددت وسائل الإعلام أن جماعة الإخوان تتجه لترشيح مرشح آخر أرسلنا لهم رسالة فيها نصيحة بعدم تقديم مرشح، إلا أنهم في النهاية رشحوا المهندس "خيرت الشاطر"، وبالفعل تم طرحه على مجلس شورى الدعوة السلفية في لقاء لم ينته بتصويت؛ لأن باب الترشح لم يكن قد أغلق، وإن كان اللقاء قد شهد مناقشات ساخنة بين مؤيد ومعارض.

وبعد تقدُّم المهندس "خيرت الشاطر" بأوراقه تم الطعن عليه، ولم تتكلم الجماعة عن مرشح احتياطي حتى آخر يوم في الترشح، وأشيع أنه سوف يتم إقصاء كل الإسلاميين الذين كانوا أربعة آنذاك: "الشيخ حازم - المهندس خيرت - الدكتور أبو الفتوح - الدكتور العوا"، وكرد فعل لهذه الشائعة تقدم الدكتور "عبد الله الأشعل"، والدكتور "محمد مرسي"، وكاد الدكتور "صفوت حجازي" أن يترشح، وكنا نظن أن هذا يعني أنه لو استمر واحد من الأربعة الأساسيين سوف ينسحب مَن ترشح في آخر الأمر؛ إلا أن جماعة الإخوان المسلمين فاجأت الجميع بإعلان أن لها مرشحَيْن، وأنها سوف تستمر بالدكتور "محمد مرسي" إذا استُبعِد المهندس "خيرت الشاطر"!

وقد ذكَّرناهم بالمخاوف التي كانوا هم أول مَن نادى بها إلى حد قولهم بأنهم لا يريدون مرشحًا ذي خلفية إسلامية، وبيَّنا لهم الفرق بيْن المهندس "خيرت" الذي له مِن المزايا ما يمكن أن يوازن هذا التخوف وبيْن غيره مِن المرشحين.

وفي ظل إصرار الإخوان على موقفهم "الجديد" رأت القوى والأحزاب الإسلامية الأساسية: "الدعوة السلفية - حزب النور - الجماعة الإسلامية - حزب البناء والتنمية - حزب الوسط" الحفاظ على النظرة الموضوعية التي تنادي برئيس إسلامي غير منتمٍ تنظيميًّا، ويكون قادرًا على إحداث اصطفاف وطني، في حين غلب على رموز بعض الجهات التنسيقية: كالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح نظرية: "أن الإخوان هم رجال المرحلة" أو نظرية: "عدم شق الصف"، مع أن الأُولى غير مسلَّم بها، والثانية معكوسة إذا ما أخذنا في الاعتبار تاريخ وظروف ترشح كل مِن الدكتور "أبو الفتوح" والدكتور "محمد مرسي".

وإذا كان الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" أسبق ترشحًا كما أن عدم انتمائه التنظيمي مزية كبيرة -كان الإخوان أنفسهم يسعون إليها عندما حاولوا مع المستشار البشري، والمستشار الغرياني، رغم أن المزية موجودة في "أبو الفتوح"- إلا أن جماعة الإخوان قيادة وقاعدة يرون أن الدكتور "أبو الفتوح" خرج على رأي مجلس شورى الجماعة، وبالتالي لا يستحق أن تدعمه الجماعة، بل ربما تعجب بعضهم مِن آلية الشورى في الدعوة السلفية، وفي الجماعة الإسلامية التي تفرز قرارًا بتأييد شخص خرج عن شورى الجماعة.

وفي واقع الأمر إذا استصحبنا أن جماعات الدعوة إلى الله جماعات مِن المسلمين و"ليست جماعة المسلمين"، وأن الانتماء إلى أي منها انتماء رضائي قائم على قناعة الشخص بأهداف ووسائل الجماعة؛ فإن الشخص الذي يخالف جماعة الدعوة التي اختار العمل مِن خلالها لا سيما إذا كثرت القضايا أو كانت في أمر جلل فلا يسعه إلا التزام الشورى أو الاستقالة من الجماعة، وقد اختار الدكتور "أبو الفتوح" الطريق الثاني واستقال، وظل يتكلم عن الجماعة بكل ود واحترام؛ رغم أن منهم مَن شبهه بـ"عبد الناصر"! ومنهم مَن اتهمه بأنه سوف يمنع الحجاب، والصلاة في المساجد! ورغم تبرؤ الجماعة مِن هذه التصريحات إلا أن هذا القدر غير كافٍ، وكان ينبغي اتخاذ إجراء تأديبي في حق قائلها على الأقل.

فنحن لا نوافق جماعة الإخوان على اعتبار أن الدكتور "أبو الفتوح" قد خالف الشورى؛ لأنه استقال من الجماعة، ويبقى أن بعض رموز الإخوان: كالدكتور "الزعفراني" ترك الجماعة؛ احتجاجًا على انتخابات مكتب الإرشاد 2009، والتي خرج فيها "أبو الفتوح" من مكتب الإرشاد، في حين بقي في الجماعة كعضو مجلس شورى؛ مما يدل على نبل أخلاقه، وسعة صدره.

ثم لو افترضنا أن الدكتور "أبو الفتوح" قد أخطأ خطأ يستوجب التأديب؛ فهل يرقى ذلك الخطأ إلى منع الأمة مِن الاستفادة مِن قدراته الإدارية، والاصطفاف الوطني الذي حدث خلفه مما نحن في أمس حاجة له الآن؟!

إن الحساسية البالغة من الجماعة ضد مَن يستقيل منها -وإن استقال بكل أدب ولطف- يخالف ما عرف عن الإمام "البنا" -رحمه الله- مِن سعة الصدر مع المخالفين، ومنهم: المنشقين عن الجماعة -إن صح التعبير-، وقد ذكَّرتهم في مقالة سابقة بموقف الأستاذ "البنا" مِن جماعة "شباب محمد" الذين انشقوا عنه، فما كان منه إلا إن كان أول المتبرعين لهم، وليس هذا بموقف انفرد به الأستاذ "البنا"، وإنما كان يحاكي ما صنعه معه أستاذته: "محمد رشيد رضا" و"محب الدين الخطيب"، وأقرانه الكبار: كـ"محمد حامد الفقي" مؤسس جمعية أنصار السنة، وكل هؤلاء قد دعموا "البنا" في إنشاء جمعيته رغم وجود جمعياتهم ومؤسساتهم الدعوية؛ لمَّا وجدوا في أفكار "البنا" مِن إثراء لواقع الحركة الإسلامية آنذاك -ولعلنا نعود إلى تفصيل تلك النقطة في مقالة لاحقة إن شاء الله.

غير أن المهم هنا طالما استقر الأمر على بقاء كل مِن الدكتور "أبو الفتوح" والدكتور "مرسي" في السباق أن نوازن بينهما -وكلاهما فاضل-، فنقول بعد تقرير أسبقية "أبو الفتوح" وعدم انتمائه التنظيمي -وكلاهما ميزة هامة-: إن هناك بعض القواسم المشتركة بيْن الدكتور "أبو الفتوح" والدكتور "محمد مرسي"، منها:

- أن كلاً منهما ابن للحركة الإسلامية وإن رجحت كفة الدكتور "أبو الفتوح" في هذا الجانب أكثر حيث كان مِن مؤسسي الجماعة الإسلامية في السبعينات، ثم كان مِن الفريق الذي انضم إلى الإخوان مِن هذه الجماعة، ثم كان عضو مكتب الإرشاد، وقائدًا بارزًا مِن 1994 حتى 2009، بينما لم ينضم الدكتور "محمد مرسي" إلى الجماعة الإسلامية، ولا إلى الإخوان وهو طالب، ولكن انضم إليها بعد سفره إلى أمريكا لدراسة الدكتوراه.

- ومنها: أن كلاً منهما ينتمي إلى المدرسة التي تبنت جماعة الإخوان المسلمين آرائها الفقهية منذ بداية الثمانينيات على الأقل، وهي مدرسة مِن رموزها: الدكتور "القرضاوي"، والشيخ "الغزالي"، والدكتور "العوا"، وهي مدرسة لها آراء لا توافق عليها المدرسة السلفية، ومِن ثَمَّ فقد أعلنا بوضوح أننا مع تأييدنا للدكتور "أبو الفتوح" إلا أننا نأخذ عليه هذه الأقوال، ومما يهوِّن مِن الخلاف فيها في هذه المرحلة أننا متفقون على البدء بالممكن، وهو متفق عليه تقريبًا بيننا، ولكن جماعة الإخوان تقع في تناقض كبير عندما تستضيف بعض الدعاة السلفيين؛ ليردوا على الدكتور "أبو الفتوح" بمعايير سلفية في قضايا يقول مرشحهم فيها بعين أقوال "أبو الفتوح"؛ لا سيما مسألة: ولاية الكافر، والمرأة، ومسألة: حد الردة!

- ومنها: أن كلاً منهما إذا أصبح رئيسًا فستكون له صلاحيات دستورية محدودة فلن يستطيع تطبيق الشريعة إلا كنظام عام، مع الاعتماد في التطبيق الشامل المتدرج على البرلمان والأزهر.

ولكن مِن جهة أخرى: فإن الدكتور "أبو الفتوح" يتميز بعدة أمور "غاية في الأهمية"، مثل: أن وراءه فريقًا كبيرًا مِن المستشارين البارزين في تخصصاتهم، ولن يعمل بمفرده، ومن أوجه التميُّز البارزة في هذا الفريق: تنوعه الواسع وانتماؤه إلى تعدد طيفي يشمل سائر توجهات المجتمع المصري، حتى إن أستاذة علوم سياسية يسارية: كـ"رباب المهدي" انضمت إلى فريق عمله شهادة منها بأن التيار الإسلامي أقدر على تحقيق العدالة الاجتماعية مِن التيار اليساري نفسه، وعندما لمز بعض مناصري الدكتور "مرسي" الدكتور "أبو الفتوح" لتعاون د. "رباب" معه؛ رد عليه الدكتور "محمد البلتاجي" بأنه تعامل معها في الثورة، بل وفي مليونية "٢٩ - ٧" بصفته ممثلاً للإخوان -فجزاه الله خيرًا على هذا الإنصاف.

أما من الجانب السياسي: فيتميز الفريق الاستشاري بثقل ملحوظ حيث يضم على سبيل المثال: د. "سيف الدين عبد الفتاح" مؤسس مدرسة الفكر السياسي الإسلامي في جامعة الاقتصاد والعلوم السياسية، ود. "نادية مصطفى"، ود. "هبة رءوف"، ود. "هشام جعفر" مؤسس موقع "إسلام أون لاين"، وهي أسماء لها ثقلها؛ لا سيما في الجانب السياسي، وهو الأهم بالنسبة لمنصب الرئيس.

- وحتى وإن كان "مشروع النهضة" يبدو أقوى مِن الناحية الاقتصادية رغم عدم إعلان أسماء الخبراء العاملين فيه؛ فإنه على كل حال أليق بمنصب رئيس الوزراء الذي سيؤول إلى حزب "الحرية والعدالة" على كل حال.

وهذا كله بالإضافة إلى الخبرات الشخصية الواسعة التي يتميز بها الدكتور "أبو الفتوح" مِن خلال مواقعه القيادية العديدة السابقة بجماعة الإخوان ذاتها، بالإضافة إلى المواقع العديدة الأخرى التي شغلها: كمواقعه في نقابة الأطباء أو هيئة الإغاثة، أو اتحاد الأطباء العرب، وهذه الخبرات أقرب لمنصب الرئيس.

وبالإضافة إلى أوجه يتفرد بها الدكتور "أبو الفتوح" بصورة واضحة، منها:

١- ثقة جميع التيارات فيه أنه سوف يقف على مسافة واحدة من الجميع.
٢- قربه من تيار الشباب الذي صنع الثورة، وقدرته على إزالة مخاوفهم من المشروع الإسلامي.
٣- حرصه على تقنين أوضاع الحركة الإسلامية، وغيرها مِن الحركات... مما يجعل جميع الحركات على قدم المساواة القانونية، ويقي الحركة الإسلامية مِن أي تقلبات سياسية مستقبلة.
٤- قبوله لمناظرة "عمرو موسى" في حين اعتذر الدكتور "محمد مرسي"، ثم حسن إدارته لها جعله يبرز كرجل دولة مِن الطراز الأول.
٥- تصويت المصريين في الخارج الذي تراوح فيه في معظم البلدان بين الأول والثاني.

نعم قد تؤثر نتيجة المصريين في السعودية على الترتيب العام؛ إلا أنها مطعون عليها -حتى الآن-، كما أنها -إن صحت- لن تؤثر على قراءة المشهد في معظم الدول، وإنما ستدل على أن الماكينة الانتخابية الإخوانية في السعودية عملت بكفاءة -وهو أمر متوقع.

ولهذه الأسباب وغيرها... كان اختيار الأغلبية الساحقة للدكتور "أبو الفتوح" في مجلس "شورى الدعوة السلفية"، مع كامل تقديرنا لجميع المرشحِين الإسلاميين.

الشيخ المهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية

الجمعة، مايو 18

ختان دماغ إسعاد يونس

ياسين رُكَّهإلى مزبلة التاريخ يا إسعاد. أقسم بالله العظيم أنا نادراً ما بأنفعل كده، ونادراً أكتر ما أهاجم أشخاص بدلاً من أفكار، لكن انتي فعلاً فعلاً، بنى آدمة واطية.

مقالة لا تفعل شيئاً سوى اللعب على أوتار العواطف، والمبالغات طافحة فيها زي المجاري ما بتطفح من البلاليع...انفعالِك مجاري، وانت بلّاعة يا إسعاد.

عارفه ليه بأقول كده يا إسعاد؟ عشان الجمل الواطية دي، والمقالة الموجهة أولاً وأخيراً على جماعة وحزب محدد بريء من الأمراض النفسية اللي في قلبك ضدهم. تعالي نقرأ الجمل اللي كتبتيها تاني كده:

وتتربى على ثقافة بيع بنتها ولحمها فى مقابل قزازة زيت وكيسين عدس‘؛ إيه القذارة دي في التلميحات؟ وإيه الإصرار العجيب ده على إن الإخوان عملوا أي حاجة، سواء سابقاً أو مؤخراً، تتعلق بالختان؟ هوّه انتي مسمعتيش عن صحابك التانيين، كارهي الإخوان، اللي رَدَحوا باستهزاء وقالوا: ’واشمعنا مبنشوفش قوافل المساعدات الطبية المجانية دي، والزيت والسكر، غير وقت الانتخابات، ها؟ كل سنة وانتوا طيبين بقه، ماهو أصلي مُوسم انتخابات.‘ وطبعاً الكلام مفهوم...إنهم مش بيشوفوا القوافل الطبية دي غير وقت الانتخابات. وأصلاً من الفكرة دي نقدر نستنتج حاجة بالمنطق كده...إذا كان فعلاً الإخوان ناويين ’يدبحوا‘ البنات الصغيرين على حد قولِك (وعلى فكرة، القوافل دي كانت مليانة طبيبات محجبات، مش بس...دُقون!)، هل يُعقل يعني إنهم مش قادرين يصبروا شوية لغاية ما يكسبوا الانتخابات وبعدين يبقوا يدبحوا البنات على كيفهم؟؟ همّا أغبياء يعني؟ حَبَك قبل وقت الانتخابات يروحوا يعملوا حاجة همّا عارفين كويس جداً إنها موضوع حساس في المجتمع؟ إذا كنتي انتي غبية أو ساذجة وتصدقي، فأؤكدلك إن الإخوان، اللي ٢٠% منهم أكاديميين ودكاترة ومهندسين، الآي-كيو بتاعهم أعلى منك حبيتن. يعني إحنا نقول عليهم أذكياء، وانتي تقولي عليهم خبثاء. مش مهم التسمية، المهم إن النتيجة في الآخر هيّه إنهم أذكى منك بكتير. ففعلاً، لو ناويين على شرّ، مش حيختاروا وقت حساس عشان يعملوه، وإنما حيستنوا لحظة ’التمكين‘ يا أذكى اخواتِك.

بتكتب إسعاد يونس كمان وتقول: ’وهو ماسك فى يمينه بكتاب تعاليم الجماعة وبالشمال النجسة كتاب الطب‘؛ صدقيني يا إسعاد، ما فيه نجس غير يمينك انتي الآثمة (أو شمالِك لو شولة)، اللي كتبتي بيها النجاسة دي. انتي مش بس محتاجة غُسْل وتوبة، انتي محتاجة إعادة تأهيل وتربية من جديد، عشان انتي مش بس قلبك مريض، لا، انتي كمان مبتعرفيش إزاي تكتبي نقد موضوعي فِكري، موجه ضد أفكار وأفعال وبيعالجها من منظور موضوعي، وإنما بتعرفي تكتبي قصص خيالية، ويا ريت المعالجة العاطفية فيها واقعية وإنما مبالغة ومبتذلة؛ إنما العيب الأكبر مش عليكي، العيب على اللي عايز يبيع جرايد وسمحلِك تلوثي صفحات جريدته وعقول المجتمع بزبالتِك العاطفية.

وتكتبي يا إسعاد وتقولي: ’لمنع قانون التحرش.. لمنع المواقع الإباحية.. لمشروع قانون المضاجعة بعد الموت...‘؛ وكإنك كل اللي كلّفتي خاطرك وسمعتيه هوه الإشاعات التافهة الهبلة الساذجة، ومكلفتيش خاطرك وفتحتي التليفزيون أو اتفرجتي على جلسات مجلس الشعب أو قريتي التصريحات الرسمية للأحزاب السياسية عشان تشوفي لو فعلاً فيه أي حاجة من دي حصلت أم لا. استكفيتي وزهقتي واحبطتي من إيه يا إسعاد؟ من الإشاعات والأكاذيب دي؟ أم من خيالك المريض اللي هيّألِك إن الكلام ده حقيقي؟

مرة تانية، إلى مزبلة التاريخ يا إسعاد...إلا أن تتوبي توبة نصوحة وتقولي كلمة حق في يوم من الأيام، وبنفس الطريقة وفي نفس الجرانيل اللي نشرتي فيها الأمراض النفسية دي. غير كده، يبقى فعلاً إلى مزبلة التاريخ، ورحلتِك إلى مزبلتِك حتبقى أسهل لما—بإذن الله بإذن بالله بإذن الله (وده رداً على لا قدر الله ثلاثاً بتاعتك)—مشروع النهضة الإخواني يبدأ في إثبات فعالياته في الوطن، رغم أنفِك وأنف اللي يشتددلِك. وفعلاً، موتي بغيظِك—آمين.

—ياسين رُكَّه

ملحوظة: التالي مزج حقائق مع أكاذيب، وهو أسلوب معروف عند الإعلاميين الفاسدين ممن يهدفون إلى خلط الأمور على الناس ونشر الإشاعات والسمّ بدسّه في العسل، أو لإقناع الناس بالكذب بتغليفه ببعض الحقيقة: ’استكفينا وقرفنا وأحبطنا بقى.. إشى تخفيض سن الزواج لأربعتاشر سنة.. لمنع قانون التحرش.. لمنع المواقع الإباحية.. لمشروع قانون المضاجعة بعد الموت وقبل ما الولية ريحتها تطلع.. والمصيبة كل ما المجتمع يعترض ويثور لما يسمع كده.. يجروا جرى يقولوا ما حصلش.. ما عملناش.‘ وقبل ما حدّ يجري ويقول محصلش، هوّه أصلاً الإدعائات دي كانت كذب وإشاعات وتدليس ومعليهاش أي دليل وأتحدى أي واحد إنه يطلع عليها دليل واحد من جلسات مجلس الشعب اللي بتتعرض على الملأ أمام الشعب واللي كمان بتتسجل وتتحط قدام العالم كله على يوتيوب.

الخميس، مايو 17

فيديو: مقاطعون المناظرة الثانية

#مقاطعون_المناظرة_الثانية حتى يحصل بقية المرشحين على مناظرة أولى أصلاً! انشر الوسم (او الهاشتاج) ده على تويتر: #مقاطعون_المناظرة_الثانية

رسالة بسيطة: متتفرجش على المناظرة الثانية، لا على قناة تليفزيونية، ولا حتى على يوتيوب. جايز انت فرد واحد، لكن لما مئات الآلاف مننا يعملوا كده، الأجهزة الإعلامية حتخسر فلوس عشان بتعمل بث لحاجة يكاد يكون محدّش معبّرها (يا رب!)؛ عشان يعرفوا إننا مينفعش حد يستخفّ بعقولنا ويعمل مننا فلوس ويبيع إعلانات وهوّه متجاهل مرشحين تانيين يستحقوا نفس الدعاية والعرض الإعلامي ده لتوصيل صوتهم للناس، وعشان الشعب يعرف يقارن كويس بين المرشحين ويشوف بنفسه نقاط الضعف والقوة. ابعت رسالة مهمة؛ الثورة علّمتك إن صوتك ليه قيمة، ليه وزن. قاطع المناظرة التانية.

#مقاطعون_المناظرة_الثانية حتى يحصل بقية المرشحين على مناظرة أولى أصلاً!

قاطع المناظرة الثانية. #مقاطعون_المناظرة_الثانية #مقاطعون_المناظرة_الثانية

تويتر: http://twitter.com/YaseenRocca
فيسبوك: http://www.facebook.com/yarocca
http://www.facebook.com/gorocca

الأربعاء، مايو 16

عبد الرحمن البر: بيعة المرشد وبيعة الرئيس

عبد الرحمن البركتب عبد الرحمن البر: يعجب الإنسان كثيرا حين يرى اختلاط المفاهيم الواضحة—أو التي يرى أنها واضحة—على بعض المثقفين وأهل العلم، ولذلك تأخذني الدهشة أحيانا حين أرى جدلا طويلا ونقاشا مستفيضا حول قضية شديدة الوضوح فتتحول إلى قضية مشكلة وملتبسة، ولله در الحكيم الذي قال: «إيضاح الواضحات من المشكلات» .

ومن هذه القضايا التي كثر الجدل حولها قضية البيعة عند الإخوان المسلمين، وقد كثر اللغط من البعض مع ترشيح الأستاذ الدكتور محمد مرسي لرئاسة الجمهورية، وأخذ البعض يثير أسئلة غير مبررة عن ولاء الرئيس القادم (إن شاء الله) وأبدى البعض وأعاد في الكلام حتى الملل بزعم أن الحاكم الفعلي للبلاد سيكون هو المرشد العام باعتبار أن الدكتور مرسي –مثل كل الإخوان المسلمين—قد بايع قيادة الإخوان المسلمين على السمع والطاعة! وهذا خلط عجيب أراني مضطرا إلى توضيحه لإزالة اللبس ودحض الشبهة، مع أن فضيلة المرشد العام –قطعا لدابر التلبيس والتدليس—قد أعلن في المؤتمر الجماهيري بالمحلة الكبرى أنه يحل الأخ الدكتور مرسي من هذه البيعة، ولهذا أكتب اليوم لأوضح هذه القضية، فأقول وبالله التوفيق:

البيعة والمبايعة: عبارة عن المُعَاقَدة والمُعَاهدة بين طرفين على أمر ما، كأنّ كلَّ واحد منهما باع ما عِنده من صاحبه، وأعطاه خالِصَةَ نفسِه وطاعتَه في الموضوع محل المبايعة، والبيعة تنقسم قسمين: بيعة عامة، وبيعة خاصة.

فالبيعة العامة: هي بيعة المواطنين للحاكم أو الرئيس، إذ لا بد للأمة من حاكم يقيم الدين، وينتصف للمظلومين، ويستوفي الحقوق، ويقيم العدل، ويفصل بين السلطات، وبيعة هذا الرئيس وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أخرجه مسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، ومن صور هذه البيعة الانتخابات، فمن حاز على ثقة أغلبية الشعب في انتخابات حرة نزيهة فقد انعقدت له البيعة من جميع المواطنين حتى الذين لم يعطوه أصواتهم، وتقتضي هذه البيعة دُخُولَ المواطنين جميعا تَحْتَ طَاعَةِ الحاكم في غير معصية الله، وَعليهم أن يَسْمَعوا وَيُطِيعوا لَهُ فِي السِّرِّ والعلانية، وَلَا يَعْتَقِدوا خِلَافًا لِذَلِكَ، فَإِنْ أَضْمَرَ أحد المواطنين خيانة هذه البيعة والخروج عليها بالسلاح فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةً.

وهذه البيعة مثلما توجب السمع والطاعة له فإنها توجب عليه القيام بواجباته التي بايعه المواطنون عليها والتي يحددها الدستور والقانون، وتراقبه الأمة ومؤسساتها في أدائها، فإن قصر في القيام بواجباته فعلى الأمة أفرادا ومؤسسات أن تبادر بنصحه وإرشاده، فإن أبى وامتنع سعوا في خلعه وإبعاده عبر الانتخابات أو سحب الثقة أو غير ذلك من الوسائل التي يحددها الدستور والقانون.

ومع أنه تجوز معارضة هذا الحاكم وتجب نصيحته وتذكيره من قبل الأفراد والمؤسسات في الدولة؛ فإنه لا تجوز مبايعة غيره، ولا يجوز الخروج عليه بالسلاح، فقد أخرج مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ»، كما أخرج مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: «سَتَكُونُ بَعْدِي ‏هَنَاتٌ ‏وَهَنَاتٌ (أي شرور وفساد)، ‏فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ أُمَّةِ ‏مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم‏‏‏وَهُمْ جَمْعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ» كما أخرج مسلم أيضا عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ». قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ »، وأخرج البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: «مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا» (أي حذراً من القتل، فإن من فعل ذلك فقد غرر بنفسه وبصاحبه وعرضهما للقتل)

وإذاً فهذه البيعة العامة للحاكم لا يجوز أن تعطى لاثنين شرعا، وهي ليست البيعة التي يبايع عليها الإخوان قيادتهم على الإطلاق، وليس المرشد العام في نظر الإخوان حاكما، ولا منازعا للحاكم القائم على الإطلاق.

القسم الثاني: هو البيعة الخاصة، وهي بيعة على أمر خاص غير الحكم، كالبيعة على التعاون في نشر الدين ونصرة القيم والأخلاق والعمل لإعزاز الدين وغير ذلك، وهذه يمكن أن تكون بين الحاكم وبعض رعيته ولا يلزم أن تكون عامة لجميع المواطنين، كما يمكن أن تكون بين أي مجموعة من الناس، وهذه البيعة يجب أن يلتزم بها من بايع عليها، فقد قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ وقال تعالى ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾، ويكون الالتزام أوجب إذا تعاهد أطراف هذه البيعة على الالتزام بفريضة الشورى فيما بينهم، كما هو الحال في جماعة الإخوان المسلمين. أما من لم يبايع هذه البيعة الخاصة فليس ملتزما بالوفاء بها.

فمما بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعض الناس بيعة خاصة: ما أخرجه مسلم عن جَرِير بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: «بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»، ومن ذلك ما بايع عليه النساء بعدم النوح، فقد أخرج الشيخان عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ»، ومن لطائف روايات هذا الحديث: أن إحدى النساء امتنعت من هذه البيعة حتى تجامل امرأة في النياحة على ميتها، ثم جاءت فبايعت، فقد أخرج البخاري عن أم عَطِيَّةَ، قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ عَلَيْنَا ﴿أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا﴾ وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا، فَقَالَتْ: أَسْعَدَتْنِي فُلاَنَةُ أُرِيدُ أَنْ أَجْزيهَا (يعني ناحت على ميت لي وأريد أن أفعل ذلك معها)، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا.

وهذه البيعة يمكن أن تسمى عهدا أو عقدا أو اتفاقا أو نحو ذلك، وليست معارضة على الإطلاق للبيعة العامة التي يعطيها المواطنون للحاكم، وفي السيرة للفزاري: قال أبو إسحاق الفزاري: قلت للأوزاعي: لو أن إمامنا أتاه عدو كثير فخاف على من معه فقال لأصحابه: تعالوا نتبايع على أن لا نفر، فبايعوا على ذلك؟ قال: ما أحسن هذا. قلت: فلو أن قوما فعلوا ذلك بينهم دون الإمام؟ قال: لو فعلوا ذلك بينهم شبه العقد في غير بيعة.

وهذه البيعة الخاصة هي البيعة القائمة بين الإخوان المسلمين وبين قيادتهم، فالإخوان العاملون يبايعون قيادتهم على السمع والطاعة في غير معصية الله لنصرة الإسلام ونشر دعوته وقيمه وجمع الناس عليه، وفق فهم الإخوان الوسطي المعتدل للإسلام وعلى ضوء الضوابط المنظمة للعمل الجماعي الذي ارتضاه جميع الإخوان، ولا يبايعون المرشد حاكما لا على مصر ولا على غيرها، وبالتالي فلا معنى لما يردده البعض من محاولة الإيهام بأن الدكتور محمد مرسي حين يختاره الشعب رئيسا للجمهورية بإذن الله سوف يكون تابعا للمرشد العام أو سيكون مزدوج الولاء بين ولائه للوطن وولائه للإخوان، وقد أعلن الأستاذ الدكتور محمد مرسي بوضوح أنه حين ينتخب رئيسا بإذن الله فإن المرشد العام بالنسبة لوضعه القانوني هو مواطن مثل كل المواطنين مع كامل الاحترام لشخصه وموقعه، فهل يعي الجميع حقيقة هذه القضية الواضحة؟

—عبد الرحمن البر

المصدر: رصد

الأحد، مايو 13

إعادة فتح ملف الختان…استماتة في التشويه

ياسين رُكَّهالظاهر إن فيه قلة من ال’نخبة‘، تجار الشنطة الثقافية اللي مليانة لعب وحاجات، عايزين يعيدوا فتح ملف الختان...واللي مفيش واحد في التيار الإسلامي أصلاً فتحُه! أي حاجة بقه عشان نلهي الشعب ونبيع جرايد ونعمل برامج نستضيف فيها رويبضة ونستلهم كلام نكتبه في المقالات…ماهو الإفلاس الفكري حيجيب إيه، ها؟

وانا ساعات مببقاش فاهم الناس دي عايزه إيه بالظبط، وعايزه تقول إيه؛ يعني مثلاً، الفريق ده كلّه، اللي بيكره الإخوان المسلمين كُره العَمَى، شوية منهم بيقولوا إيه: ’حتى لو كذِّبوا الإخوان خبر القافلة بتاعة الأطباء دُول، برضو الموضوع مثير للشكّ.‘ تمام؟ شوية تانيين من نفس الفريق، همّه همّه، بيقولوا إيه بقه: ’أصلُه مُوسم الانتخابات؛ كلّ سنة وانتوا طيبين. مبنفشوفش قوافل المساعدات دي غير وقت الانتخابات ليه، ها؟‘ وعجبي! هيّه البشر دي مصدّقين إنها قوافل طبية لمساعدة الناس بس الإخوان مصلحجيّة وبيعملوا دعاية وخلاص، أم شاكّين ومش مصدّقين إنها قوافل مساعدة ومقتنعين إنها فعلاً قوافل لإجراء عمليات ختان؟؟ الناس دي بتفكّر إزاي؟ وإيه معنى التناقض ده بينهم وبين بعض، ولكن الاتفاق على إن الهدف أولاً وأخيرا هوّه تخوين وكراهية الإخوان؟ التناقض فيما بينهم، داخل صفوفهم، ورؤية نفس الحدث هوّه هوّه من منظورين مختلفين تماماً، لكن في الآخر كُلُّه، الرؤيتين المتناقضتين تماماً…بقدرة قادر بيصبّوا في خانة واحدة وبيُؤدوا إلى نفس الاستنتاج عن الإخوان!! تخيّل لمّا يتحوّل الأمر مع الناس دي إنهم يبقى عندهم رأيين متناقضين، عكس بعض، والرأيين في الآخر بيصبّوا في كراهية وتخوين الإخوان! يا ترى الظاهرة العجيبة دي معناها إيه؟؟

خلاصة الكلام، يا ريت كل إنسان عاقل يقول للناس دي: نرجو عدم أسلمة موضوع الختان، ولا وضع هالة من الدين حوليه، ماشي؟ الإسلام لا يقول ختان الأنثى حرام ولا يقول واجب؛ يعني الموضوع ملوش دعوة بالدين أصلاً، فاشفونا منكم بقه. ختان الأنثى الرأي فيه راجع لمختص أو طبيب في حالات قليلة ومحددة، إذا رأى هو أنّ له حاجة طبية. يعني مفيش شيخ ولا عالم محترم من جمهور علماء الأمة ولا المسلمين العاقلين شايف إن لينا دعوة بالموضوع أصلاً. روحوا كلموا دكتور ولّا حاجة وانزلوا من على وداننا—الله لا يسيئكم!

—ياسين رُكَّه

روابط ذات صلة:

علامات استفهام حول برنامج الإخوان الاقتصادي

بسم الله والحمد لله.

أولاً، أبدأ بتوضيح أني، ككاتب هذه الكلمات، أحب الإمام الشهيد حسن البنّا—رحمه الله—وأعتز بالإخوان المسلمين في مصر وخارجها، وأدعو الله لهم بالخير.

ثانياً، بغض النظر عن رأيي أو ميولي الشخصية، هناك الكثير من المصريين اليوم ممن يجدون في مرشحَين مثل د. محمد سليم العوّا ود. عبد المنعم أبو الفتوح بدائل إسلامية (بل وحتى ليبرالية بعض الشيء) تغنيهم عن ترشيح أ. د. محمد مُرسي. فإنه من مصلحة الإخوان، أو حزب الحرية والعدالة، توضيح بعض الأمور، أو بمعنى أفضل اتخاذ موقف واضح تماماً في بعض الأمور لأن ضبابية هذه الأمور يعاني منها المرشحون الآخرون أيضاً؛ فالوضوح فيها سيعطي للأستاذ الدكتور محمد مُرسي ولحزب الحرية والعدالة الكثير من المصداقية والشعبية.

الأسئلة التي أريد أن أقرأ لها إجابات شافية في مقالات أو تصريحات رسمية من حزب الحرية والعدالة أو من أ. د. محمد مُرسي، بترتيب أهميتهم، هي كالآتي:

  1. ما موقفكم من الطبقات الكادحة إن كان برنامجكم الاقتصادي يشجع الخصخصة والاستثمار الأجنبي المباشر—وهو ما جعل البعض يتهمكم بالنيوليبرالية؟ أين مجانية التعليم والخدمات الاجتماعية المدعمة، في ظل هذه المرحلة الحرجة اقتصادياً في تاريخ مصر، من خططكم المتعلقة بالخصخصة ومتلازماتها الاقتصادية وعدم التحكم في أسعار السلع وخلافه؟

    تفاصيل: في مقالة على موقع الجزيرة الإنجليزي بعنوان مصر النيوليبرالية: الثورة المختطفة، يتهم الكاتب الأجنبي برنامج الحرية والعدالة الاقتصادي بأنه برنامج نيوليبرالي. وبعض توجهات أ. د. محمد مُرسي، من خصخصة وعدم تدخل الحكومة في الأسعار مثلاً والاستثمار الأجنبي بلا روابط تذكر وهكذا، تتوافق إلى حد كبير مع الرؤية الاقتصادية النيوليبرالية؛ وهي رؤية كان من أنصارها مِلْتُن فريدمان، المسئول عن انهيار اقتصاد معظم دول أمريكا الجنوبية—كما هو ثابت بالأدلة في كتاب عقيدة الصدمة—والحاصل أيضاً على جائزة نوبل في الاقتصاد! أرجو أن تكون الإجابة شافية ومقنعة وخالية من التناقضات أو الشعارات: كيف ستجمعون بين سياسات اقتصادية مثل هذه وفي نفس الوقت توفرون للطبقات الكادحة السلع بأسعار مقبولة والتعليم المجاني والرعاية الصحية إلى آخره؟ الإجابة الشافية على أسئلة مثل هذه قد تكسب في صفكم الكثير ممن يؤيد ويؤمن بمرشح مثل حمدين صبّاحي.

  2. الشريعة الإسلامية تُذكر تحت شعار حملتكم نفسه، فما هو موقفكم الواضح الصريح من الاقتصاد الربوي والمعاملات المالية بالفوائد؟ وإن وُجِدَت نية التجنب والحظر، فلماذا يوافق أ. د. محمد مُرسي على الاقتراض من صندوق النقد الدولي—وهي المؤسسة التي يراها الكثير كجزء من أجندة العولمة الاقتصادية والنظام العالمي الجديد؟

    تفاصيل:عندما أقول واضح وصريح، أعني أن يكون الكلام واضحاً ومقنعاً لشخص يفهم أن مثلاً بعض ما يُدعى بالصكوك الإسلامية لا يمت بصلة في حقيقته لروح الاقتصاد الإسلامي، بل يشتمل على شكليات للتحايل على شرائع المعاملات المالية. وإن كان هناك النية لتطهير فعلي وعميق لاقتصادنا من الربا أو الفوائد، فباختصار ما هي استراتيجيتكم للتغلب على تحدي الارتباط الاقتصادي بيننا وبين بقية دول العالم؟ أم أننا سنظل نستيقن بحرب من الله؟ ’يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ‘—سورة البقرة ٢٧٨-٢٧٩.

  3. هل عندكم خطط لإقامة الاقتصاد على سبائك ذهب وفضة، وتأميم البنك المركزي حتى لا تَطبع أوراق النقد في الوطن شركة خاصة تحت مسمى البنك المركزي؟

  4. ما موقفكم الواضح والصريح من المادة ٢ وصيغتها الحالية؟ هل تفرقون بين ما يُدعى بال’مبادئ‘ وال’أحكام‘ الإسلامية؟ هل ستسعون لأن تكون الأحكام هي المصدر الوحيد—وليس فقط الرئيسي—للتشريع؟ فيما عدى ما يقع تحت بند ’أنتم أعلم بأمر دنياكم‘، فقد تُشرع له القوانين مثلاً تكنوقراطياً أو بالمنهج العلمي؟

    تفاصيل: عملاً بالقول المأثور لعثمان بن عفان—رضي الله عنه: ’إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.‘

  5. هل هناك خطة أو استراتيجية للتعامل بحكمة مع انتشار القوى العسكرية العاملة اليوم في آلاف المراكز التنفيذية والاقتصادية في الدولة؟

    تفاصيل: الإجابة السليمة على هذا السؤال ستكون الحجة على من يدعي أن هناك صفقات أو محاباة مع المجلس العسكري، وفي نفس الوقت لن تجعل المؤسسة العسكرية في الوطن تشعر وكأن الإخوان أو مؤيديهم يتعاملون معها على أنها عدو—لا سمح الله—ونخرجه من المباني. إننا نحتاج إلى استراتيجية حكيمة، تجعل مؤسسات الدولة بالفعل مدنية الإدارة، وتحفظ لمؤسستنا العسكرية ماء وجهها وكرامتها.

أنا لا أبحث عن إجابات مباشرة لشخصي، وسأكون ممتن بإجابات شافية، وإن بمقالة عامة يقرأها كل الناس، ولو عن طريق رسالة خاصة إلى بريدي الإلكتروني حتى أنقل الكلام إلى الآخرين على فيسبوك وتويتر ويمكنني أن أكمل دفاعي عن الإخوان وبرنامجهم بنفس الثقة التي أحب أن أتناقش بها مع المعارضين والمختلفين في الرأي.

وجزاكم الله خيراً.

—ياسين رُكَّه

السبت، مايو 12

والأكاديميون للمرة الكذا يؤيدون الإخوان

ماهر مصباحوتاني أهو، واحد محترم ورا واحد محترم ومتعلم وأكاديمي بيشكر في مشروع النهضة الإخواني وبيؤيد مرشح الحرية والعدالة.

طب أنا أصدق دُول ولّا أصدق أبواق إعلامية اشتهرت تحت نظام فاسد وفنانين خايفين ليتمنعوا من فنهم (وهو خوف مردود عليه بانفتاح الإخوان لاستخدام الموسيقى وإخراج الأعمال الفنية) وغيرهم ممن لا يتحدثون أو يكتبون بنفس هذه الموضوعية والعقلانية والاحترام؟ أصدق واحد مصطلحاته تم حصرها في ’تجار الدين‘ و’تكويش‘؟ ولّا أصدق شخصية مشهورة اعتزلت لوجه الله، أو أكاديمي بيكلمني عن توطين البحث العلمي وانسجام القوى التنفيذية وقت العمل بخطة موحدة؟

عميد هندسة البترول: أرى الأمل في إختيار الدكتور مرسي

*

قالّك كرة القدم غائبة في الساحة السياسية!

Football & Politicsليتك قلت ’الرياضة‘ وقضية الرياضة واهتمام المرشح بأبطال الأولمبياد مثلا! لكنت احترمت مقالتك. ولكن للأسف الشديد، حاولت وحاولت أن تضفي على مقالتك القليل من الجدية في اول ثلث لها بنفي التهمة المثبوتة عليك وعلى كلامك في الثلثين الأخيرين.

كُورة إيه بس! هوه فيه حاجة هاوسة الشعب ده أكتر من الكرة وعامله للشعب أفيون نفسي غيرا الكورة؟ ويا ريتنا عدلين فيها أصلاً! ونّبي بلاش مقارنة بالبرازيل أو أي دولة تانية تكاد رياضة كرة القدم فيها تعتبر جزء من الأجزاء الرئيسية للدخل القومي! إحنا فين والناس دي فين!

الحمد لله إن الشعب وجد حاجة جدّ يشغل بيها وقته، بدل تفاهة تضييع العمر كله في مشاهدة فريقين من الرجال يركلون كرة لبعضهم البعض، والهالة حول الأمر كله تعطيه قدسية وجدية تفوق جدية لهو وتفاهة الأمر بعشرات المرات. أفيقوا يا بشر بقه!

قدّامنا وطن نعيد بناؤه، وقدامنا مشاكل وفقراء وغلابه وناس جعانه عايزه تاكل! تقولي كورة؟ الله يهديك. ومرة تانية، لو كنت قولت الرياضة عامة، كنت احترمت الكلام كله. إنما زيادة نفخ في بالونة كرة القدم لأه وألف لأه. وربنا يشفي الجميع من غسيل المخ الإعلامي.

—ياسين رُكَّه

كيف تنقد وترفض الإخوان بعقلانية وشياكة وتحضر

ياسين رُكَّهفلنتذكر جميعاً أنه بغض النظر عن التوجهات الفكرية أو السياسية أو الانتمائات العاطفية في داخلنا، المنطق الواقعي الصادق الموضوعي الوحيد بخصوص الإخوان وقوتهم التنفيذية في تاريخ كتابة هذه الكلمات هو: أن الإخوان يملكون بالضبط صفر قوة أو سلطة تنفيذية في مصر اليوم، صفر!

فحتى لو حصل د. محمد مرسي على منصب الرئاسة، فإن هذا سيكون بالتأكيد أهمّ، ولكن أيضاً أوّل منصب تنفيذي يحصل عليه الإخوان، أوّل منصب. سيظل هناك الآلاف من المناصب التنفيذية، مثل قيادة الوزارات والمحافظات، والمناصب الشديدة التأثير على المجتمع (مثل رئاسة تحرير الصحف والقنوات التليفزيونية الرئيسية)، التي لا يملك الإخوان أياً منها اليوم ولن يحصلوا إلا على أقل القليل منها بفوز مرشحهم الرئاسي، حيث أن الأغلبية العظمى من هذه المناصب يتم الحصول عليها بالانتخاب. وللعلم بالشيء، طالما أن بقية هذا المناصب تُعطى بالانتخاب الديمقراطي، فبالتأكيد من مصلحة الإخوان أن يكون أدائهم من أفضل ما يكون حتى يحافظوا على صورتهم ويستمر تأييد الشعب لهم، أليس كذلك؟

أتدرون متى يمكننا أن نشتكي من ’تكويش‘ الإخوان أو نعترض على ما يُدعى ب’سيطرتهم‘ على المناصب؟ إن رأينا مثلاً أنهم بدءوا في نشر أعضائهم في أغلب هذه المناصب بطريقة غير ديمقراطية بل تعسفية وتخلو من الشفافية أو العدل—مثل إعطاء كرسي ما لإخواني على الرغم من أن الشخص الذي كان يجلس عليه بالفعل أكثر كفاءة أو إعطاء كرسي لإخواني بدون انتخابات محلية نزيهة وإلى آخره.

فيا أصدقائي ومعارفي وإخواني وأخواتي ومن لا يعرفني، أستحلفكم بالله أن تفكروا بعقولكم وتجتهدوا في أن يكون تعاملكم مع أي موقف تعاملاً موضوعياً وغير عاطفي، حتى وإن تعسرت الحيادية. لا أطلب منكم أن تحبّوا الإخوان ولا حتى أطلب منكم أن تثقوا فيهم! كل ما أطلبه هو أن تعقلوا ما تسمعونه وتضعوه على ميزان المنطق والموضوعية، وأن تكونوا أذكياء فلا تنساقوا وراء إعلام يتخابث بمصطلحات ساذجة وبدائية مثل ’تكويش‘ و’استولوا‘. لا مقارنة أو تشابه أبداً بين الحصول على أي سلطة أو كرسي—سواء تشريعي أو تنفيذي—بالانتخابات النزيهة (أو الديمقراطية) على جانب، وعلى الجانب الآخر الحصول على الكراسي والسلطة بالتزوير والإقصاء الإجباري لقوى المعارضة؛ لا مقارنة على الإطلاق بين الحرية والعدالة على جانب الواقع الثوري الديمقراطي الحر، والوطني على جانب الماضي القمعي الاستبدادي الاستعبادي.

إن أمكنك أن تفكر بهذه الطريقة الموضوعية الواقعية، فقل ما شئت بعدها وأيّد من شئت وانتخب من شئت وارفض الإخوان واجتهد في عدم حصولهم على كراسي أيضاً كيفما شئت؛ طالما أن مصطلحاتك نفسها راقية وتتحدث عن أفكار وأفعال—بدلا من اتهام نوايا ودخول في قلوب وترديد كلام يدل على سذاجة سياسية، طالما أنك تنقد وأنت مدرك جيداً أن الإخوان اليوم ليسوا إلا جزءاً من سلطة تشريعية لا تستطيع أن ’تنفّذ‘، وطالما أنك تتعامل معهم ومع الواقع السياسي بعقلية مثقفة عادلة واقعية متحضرة وواعية، فبعدها لك مطلق الحرية في أن تستمع لقلبِك. ووقتها يصبحك نقدك ورفضك للإخوان موضوعياً عقلانياً متحضراً…و[شِيك].

—ياسين رُكَّه

الأربعاء، مايو 9

كلمات: وكأنّ القلب

ياسين رُكَّه’وكأن الصدر قد ضاق وضاق بالقلب
فلا يجد القلب في داخله ملاذا ولا ملجئا
ومن الصدر يريد أن يثب وثبا
إلى كفّي امرأة قد ذاب لها القلب ذوبا

وكأن القلب يستكين بحب الله
فيهدأ ويسكن
لأن الله فيه حيثما توجَّه
ولكن القلب ببعده عن قلب من أحبَّه
يأبى إلا أن يندفع نحوها دفعا
أيا من ذاب لها القلب ذوبا!‘

—ياسين رُكَّه

الثلاثاء، مايو 8

المرجعية الوحيدة ليست الأزهر بل الإجماع

مراتب_الإجماع_ونقدهاأبو الفتوح بيقولّك ’مرجعيتي الوحيدة هي الأزهر‘؛ اتعَلِّم عليه خلاص. بيؤكد إن ’الإسلام ليس فيه كهنوت‘؛ طيب، ما دام انت عارف كده، اشمعنا مش عارف إن الإسلام برضو مفيهوش ’فاتيكان‘ وبتجهّز الأزهر إنه يبقى فاتيكان إسلامي بتصريحاتك دي؟ وده مع مودتي الصادقة لإخواني الأقباط، فالكلام هنا مش للمفاضلة وإنما للتمييز ومن باب المقارنة التصنيفية أو الأكاديمية فقط.

يا جماعة اقرءوا الآتي بمنتهى الانتباه: أنا مبأقولش إخوان ولا سلفيين ولا أي حزب، ولا حتى أي فرد أو جهة أو كيان مادّي محسوس؛ وإنما بأقول إن مرجعيتنا هي شيء فكري غير محسوس، [مرجعيتنا الإسلام] والمرجعية الوحيدة في الإسلام هي «الإجماع»...الإجمااااااع. يعني إجماع علماء الأمة من كافة المدارس الفكرية والتيارات. وعندما يتعسر الإجماع على شيء، يبقى برأي الأغلبية.

وللزيادة في التوضيح، يعني يبقى فيه هيئة شورى فيها مشايخ وعلماء دين من كل اتجاه ومذهب وفكر وتيار، سواء إخوان، أزهر، سلفية، مستقل، شافعي، حنفي. الهيئة أو الفريق ده هوه اللي يكون المرجعية الوحيدة لرئيس الدولة في أمور الإسلام ليه فيها قول. وأي حدّ بيقول غير كده، سواء بقه مستقل إو إخوان أو حتى ليبرالي، نصيحتي هيه: شكّوا في أمرُه وعلّموا عليه لغاية ما تشوفوا عندُه أجندة مشبوهة أم هيه مسألة سوء فهم وبس.

—ياسين رُكَّه

أيها الليبرالمانيون…عفواً!

Yaseen Rocca sq-logo-sعندما تكتب شخصية مثل حمدي قنديل مقالاً في وقت مثل هذا، يقطر بالحنكة والذكاء والدبلوماسية العبقرية، ليقنع به [أجعس جعيس] من المثقفين من أبناء الوطن بأن تجنب المرشحين ذوي المرجعية الإسلامية شيء حكيم للمرحلة (وبالمرّة يشارك في تلطيخ سمعة الإخوان بَرْضَك مع الملطخين—ومالُه ياخويا مش عيب ده أقلّ الواجب في الزمن ده)، وليقنع القارئ بأن حمدين صباحي هو الاختيار الأنسب للمرحلة…فماذا أقول؟

أقول لبعض أصدقائي ومعارفي، ولمن يعرف فِكري ومن لا يعرفني، من الليبرالِمَانيين، أني أسامحكم جميعاً عن طيب خاطر، سواء في سوء الظن بالإخوان أو تلطيخ سمعتهم أو ترديد ما سمعتموه عليهم، أو في التخلي عن المشروع الإسلامي، أو معاداة التيار الإسلامي. لست إخوانياً أو سلفياً، ولكني أنتمي إلى المشروع الإسلامي فكراً وقلباً.

فعلاً أسامحكم وأتفهم موقفكم، لأني أعي جيداً مدى صعوبة رفض كلام مثل هذا…أدرك عسر عدم الاقتناع برسالة مثل هذه…أشعر باستحالة مقاومة سحر…حمدي قنديل—عند بعض الناس. الرجل كاد أن يقنعني أنا! بكل أسوار المنطق والموضوعية والحذر التي رفعتها—بشق الأنفس—على مر الشهور السابقة والأعوام التي سبقت الثورة، وبكل المحبة والانتماء لديني ولمن يحب ديني ويعمل له، بالرغم من كل هذا، كاد حمدي قنديل أن يقنعني—ربما لأنه يكتب بإخلاص المقتنع بأن كلامه لا يحمل إضعاف شوكة الإسلام وضياع المجتمع في طياته. فما بالنا بما يستطيع أن يفعله حمدي قنديل في مئات الآلاف ممن لم يقرءوا عن تاريخ الإخوان ولا يعرفون عنهم إلا أقل القليل—وبعضه إشاعات ومبالغات، وما بالنا بما يستطيع أن يبثه قنديل في عقول مئات الآلاف ممن لم يهتموا أبداً بفهم السياسة الإسلامية (أو قوانين الله لإدارة المجتمع وعلاقاته الخارجية) ومغزاها ودورها في المجتمع الإنساني، دورها الذي كاد أن يكون مسألة حياة أو موت للمجتمع نفسه.

فإنك إما أن تحيى عزيزاً بقوانين الله أو تموت ذليلاً بما تجلبه قوانين البشر—القوانين الوضعية—من كيماويات تُرش على طعام الناس؛ وكيماويات تُرش فوق رؤوسهم في المدن بطائرات نفاثة؛ وإبَر مسمومة بأمصال تلوث دم الحيوانات بالمرض نفسه المفترض الوقاية منه، وإبَر أخرى مسمومة بتطعيمات لا يحتاجها الأطفال بل تحتاجها النخبة في اختباراتهم على الجنس البشري وقتل بعض الشعوب ببطء؛ واقتصاد ربوي قائم على الهواء وينتظر الانفجار في أي لحظة وبإشارة من أحد أغنياء النخبة؛ وعبودية للديون والرهون العقارية؛ وحروب تقتنع بأهميتها بعد غسيل المخ الإعلامي؛ وديمقراطية مسرحية هزلية جوفاء، ولاء كل مرشحيها إلى جهة واحدة وهي النخبة؛ و…و…وإلى آخره مما تأتي به قوانين البشر الوضعية من مهازل وظلم وفساد مُطبِق. إما أن يحيى المجتمع بقوانين الله أو يموت هكذا لا محالة بقوانين البشر.

ولكن إذا كان كلام حمدي قنديل، ودبلوماسيته المتأدبة العبقرية، كادت أن تسحرني بالرغم من انتمائي الفِكري العميق لقضية المشروع الإسلامي، فما بالنا بما يمكن أن يفعله كلامه في الكثير من إخواني وأخواتي ممن لا انتماء لهم أصلاً للمشروع الإسلامي!

إني أقدّر وأتفهم. ولا لوم عليكم إن صدّقتم الرجل وكذبتم الإخوان وتحسّرتم على اقتناعاتي وسذاجتي أنا أيضاً [بالمَرَّة]. لا لوم فعلاً، فإن الأمر أكبر مني ومنكم؛ والمؤامرة أقدم وأعمق مما يمكن أن يتخيل أي عربيّ—ولو كان هذا العربيّ أكثر الباحثين حنكة في نظرية المؤامرة وتاريخ المؤامرات.

ظنّي أني دائماً سأظل أحاول وأجتهد في تصحيح المفاهيم ودحض الأكاذيب، ولكني في نفس الوقت قد أعذر الناس ومن يصدق الإشاعات؛ قد ألتمس لهم أعذاراً أكثر، لأني أفهم الآن مدى صعوبة رؤية الحقائق في عصرنا هذا. ووالله إني لا أدَّعي العلم بالحقائق كلها ولا حتى أغلبها، وإنما هي بعض الثوابت الراسخة التي أعتمد عليها لتكوين القليل من الآراء واستخراج الاستنتاجات بعد ذلك عن أي بوق إعلامي أو فكرة مشبوهة.

وبخصوص رسالة حمدي قنديل الرئيسية—مرشحه المفضَّل، فإن حمدين صباحي ليس سيئاً في رأيي، بل بالعكس، إني أفضل اتجاهاته الاقتصادية (اليسارية المائلة إلى الطبقات الكادحة) بكثير عن اتجاهات الإخوان الاقتصادية (اليمينية المائلة إلى الخصخصة) في مشروع نهضتهم، ولعل هذا يقنع البعض بأني لا ولم أؤمن أبداً بأن الإخوان كاملون أو فوق النقد، وإنما هي مسألة انتصار لديني وشريعة ديني ومسألة ثقة في أنهم—وإن كان لهم أخطاء—فهم على الأقل فيهم الكثير من المخلصين ممن يريدون بالفعل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه في الأرض—أرض الوطن. ولكن على الجانب الآخر، بالرغم من ميلي ليسارية صبّاحي الاقتصادية ومآخذي على بعض قرارات وسياسات الإخوان، إلا أنني إنسان لن يثنيني عن نصرة ديني وشريعته لا اقتصادٌ ولا حرياتٌ شخصية ولا شهواتٌ ولا مالٌ الدنيا كلُّه؛ في نهاية الأمر، أدرك أن فرص تطبيق أكبر قدر ممكن من شريعة ديني، فرص تطبيق قوانين الإسلام—والتي فقط بها تستقيم أمورُ حياتِنا ومجتمعُنا كله، أكبر مع مرشح ذا مرجعية إسلامية عما هي مع حمدين صبّاحي، وبالتالي فتأييدي سيكون دائماً للمرشح الذي أشعر وأرى أن فرصة التمكين لشريعة ديني معه أكبر—كائناً من كان. وهذا عملاً بالقول المأثور لعثمان بن عفّان—رضي الله عنه: ’إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن‘.

وأؤكد أن القضية ليست قضية شريعة [وخلاص]، وليست قضية قشور أو أمور ثانوية، ولست حتى أريد—ولا أدعو إلى—تطبيق قانون العقوبات الإسلامي في أي وقت قريب—ليس قبل أن تتحول مصر إلى أندلس القرن الحادي والعشرين مثلاً؛ وإنما هي قضية إيمان عميق بأن وطننا المسلم لم ولن يستقيم شأنه أبداً…أبداً (!) إلا بإقامة أوامر الله وحظر نواهيه. وكمثال واحد للاختصار، إقامة أحكام الشريعة، أو قوانين الإسلام، معناه مثلاً حظر التعاملات المالية بالفوائد (أي تحريم الربا في لغة الدين)؛ وأي مجتمع لا يَحْظُرُ الفوائد في التعاملات البنكية هو مجتمع مسكين في حرب دائمة. أتدرون حرب ضد من؟ ضد الله نفسه! أي أن الله ما زال يحاربنا حرباً صريحة، الله نفسه، رب السماوات والأرض، يحاربنا جميعاً كمجتمع ونحن نتعامل بالفوائد. وهاهو الدليل القاطع من القرآن نفسه: ’يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ‘—سورة البقرة ٢٧٨-٢٧٩. ألسنا مساكين، فقط بنقطة مثل هذه، كمجمتع يرتع في الفوائد البنكية؟ وقُم بالقياس على هذه النقطة لتستنتج خسارة وبوار مطبق بدون طاعة الله في أمور أخرى تكاد لا تحصى في المجتمع، فهناك أدلة واضحة في صفحات ديننا أن إقامة أوامر الله أهم من أي شيء في الدنيا لنا كمجتمع؛ هذه هي رسالتي وقضيتي، وهذا منبع إصراري على عدم التخلي عن المشروع الإسلامي أبداً، ومساندة السياسي الذي يعطيني وعداً بأنه سيطبق شريعة الله—وليس لي الحكم على نواياه أو الدخول في قلبه كما لا تحب أن أفعل أنا معك ذلك. ولا أهتم بمنطق من يتشدّق بأن الرئيس لا يشرّع، وإنما هو البرلمان الذي يفعل هذا، فلا يجوز للمرشح أن يزايد أو يتلاعب بالعواطف ذاكراً مسألة الشريعة، فهذا منطق فاسد ومغالط، لأننا طالما لم نتحول إلى دولة برلمانية برئيس مهمّش أو شكلي، وإنما ظللنا دولة سلطتها التنفيذية يتشارك فيها الرئيس والحكومة، فإن تأييد الرئيس لأي قضية في الوطن يصبح مطلباً من الرئيس؛ ولنا في تجاهل حكومة الجنزوري والمجلس العسكري لطلبات، بل ولتشريعات البرلمان عبرة.

وفي النهاية أقول: أيها الليبرالِمَانيون، عفواً…إني أتفهم موقف من نفر منكم من المشروع الإسلامي، فجنح لمرشّح مثل حمدين صباحي؛ الضغوط الفِكرية قد تكون فوق طاقة الأغلبية العظمى منّا اليوم. سأظل أتحدث وأكتب ضد فكركم—أو الفِكر الذي تتبعونه، ولكني أسامحكم؛ سأظل أرفض فكركم وأرى فيه الشر للأمة، ولكني أتفهم موقفكم وأتعاطف معه، لأنه بالفعل…الزنّ على الأذن، وبالذات من عباقرة دبلوماسية ورموز مصداقية عند البعض مثل حمدي قنديل…أمَرّ من السحر!

—ياسين رُكَّه

الاثنين، مايو 7

محمد كمال: الإخوان والعسكري: كيف يفكران؟

محمد كمالكتب م. محمد كمال: الإخوان والعسكري: كيف يفكران؟

تحتدم الأحداث كلما اقتربنا من الموعد المضروب لتسليم السلطة، لا سيما أننا نعيش ثلاث انعطافات كبرى، الأولى هي الصراع بين "البرلمان" النشيط و"الحكومة العاجزة.. أو المتآمرة"، والثانية هي الصراع المفتعل على "تأسيسية الدستور" والثالثة هي الصراع على "رئاسة الدولة".

وتمايز الفرقاء على ساحة الملعب السياسي، فأصبحت المباراة بين "الإخوان" من جهة وبين "العسكري والقوى الليبرالية واليسارية والفلول" من جهةٍ أخرى، واختار "شباب التحرير" موقف المتفرج الذي يشجع فريقًا لم ينزل الملعب بعد.

أما "الإخوان" فهم مشغولون بإدارة عملية "نزع الملك" من "العسكري" والذي ألف التمدد على عرش مصر، وهم يفكرون كالآتي:

المهمة الكبرى في المرحلة هي مناجزة "العسكري" حتى يسلم السلطة للشعب ليبدأ الأخير في امتلاك إرادته وينتقل إلى ديمقراطية حقيقية يختار فيها من يشاء.

أما إستراتيجية "العسكري" فهي البقاء في السلطة بالتحكم في سلطات الدولة عبر التحصل على امتيازات دستورية تجعل الثورة عليه بمثابة (انقلاب) على الشرعية.

ظل الفريقان يتناحران ويفوز كل منهما على الآخر في مواقع ويخسر أخرى، مع إصرار كل منهما على استكمال الطريق، حتى وصلا إلى مرحلة "عدم القدرة على التراجع"...

فأما مكاسب كل فريق فكانت كالآتي:

"الإخوان" مع كل القوى الوطنية انتزعوا "الانتخابات البرلمانية" وتحديد معالم "انتخابات الرئاسة" والاتفاق على "موعد نهائي لتسليم السلطة"، وعلى صعيد "المصداقية" فقد خسر "العسكري" كثيرًا جدًّا من رصيد "حماية الثورة" بعد أن نجح الثوار في تعرية نواياه الاستبدادية.

أما "العسكري" فقد نجح في شق صف الثوار بمماطلته في الاستجابة لمطالب الثورة، والتي فرقت القوى الوطنية إلى ثلاث فرق وهم "شباب التحرير" الذي يطالب باستكمال الثورة عبر "الميادين"، ثم فريق المهادنين الذي انحاز لبقاء "العسكري" عدة أعوام والتفاوض معه بلا ضغوط، ثم "الإخوان" الذين اختاروا "التفاوض تحت وابل النيران" بمعنى "التفاوض" مع الإبقاء على "الميدان" كرادع يستخدم بحسابات دقيقة.

واستطاع "العسكري" أيضًا أن ينال من "مصداقية" شباب الثورة عبر تسريبات إعلامية تتهم الشباب بتمويلات خارجية، ويحاول النيل من "مصداقية" الإخوان مستغلاً قرار ترشيح "الشاطر"، وفي المقابل فقد ربح كثيرًا بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وزادت هذه المكاسب من "إحباط" القوى الشبابية لا سيما مع اختلافهم على أنفسهم بعد اختلافهم مع "الإخوان".

وهكذا أصبح الفريقان "الإخوان" و"العسكري" وفي يد كل منهما أوراق في مواجهة الآخر حتى أتينا للمرحلة الراهنة التي رأى فيها "العسكري" أن يبادر بفرض (شروط المرحلة)!.. فكانت كالتالي:

أولاً: تهديد "البرلمان" "بالحل" إذا استمر في إحراج الحكومة و"سحب الثقة" منها، والإبقاء على حكومة "حرق الأرض" لإفشال "البرلمان".

ثانيًا: أن يكون النظام السياسي "رئاسيًّا".. (مما ينبئ بدعم العسكري لمرشحٍ ما، قد يكون عمرو موسى في النهاية).

ثالثًا: سيطرة "العسكري" على عشر وزارات من ضمنها الوزارات السيادية, بصرف النظر عمن يفوز بالأغلبية، لتصبح إرادة "العسكري" أعلى من إرادة الشعب.

وبالقطع فقد واجههم "الدكتور الكتاتني" برفض هذه التهديدات، وأن "البرلمان" رغم كونه لا يمتلك الإسقاط القانوني للحكومة فإنه سيواصل إسقاطها سياسيًّا وشعبيًّا، إبراء للذمة، وإعلامًا للشعب الذي اختار "برلمانه".

كذلك فإن "الإخوان" رفضوا هذه الإملاءات وهددوا باللجوء للشعب صاحب الحق الأصيل في قبول أو رفض شروط العملية السياسية. هنا لجأ "العسكري" لورقة "تأسيسية الدستور" وجمع من استطاع في صفه، واستخدم مدفعية الإعلام الثقيلة لمواجهة أكذوبة اختلقوها وهي "الاستحواذ الإخواني"، ورغم القلق الشعبي العارم من هذه المواجهة إلا إنها سترسو حتمًا على شاطئ الأمان؛ ذلك لأن العسكر يخشون "الميدان"، وليس بمقدورهم الصدام الدموي مع الشعب الذي يتكون الجيش وقياداته الوسطى من أبنائه؛ وكذلك لأن "الإخوان" سارعوا إلى (عدل) موازين القوى في مواجهة "العسكري" الذي يسيطر على القوى السياسية التقليدية ومعها كل مؤسسات الدولة التنفيذية.

وأما كيف (يعدل) "الإخوان" الموازين؟.. فذلك بخوضهم انتخابات الرئاسة، وإذا نجحوا (وهو المتوقع) في إيصال مرشحهم لسدة الحكم فستكون القوى متوازنة مع "العسكري" الذي سيضطر حينئذ لسماع صوت الحقائق على الأرض، والتي ستخبره أن سيطرته على القوة رسميًّا ستتحول إلى "مسئولية" وليس "امتيازًا"، وسيكون وقتها أقل اشتهاء للسيطرة على الحكم، وسيكتفي بالحصول على "امتيازات" العسكر التي يحصلون عليها عادة نظير "التحول الديمقراطي الآمن" كما حدث في إسبانيا وشيلي وأغلب دول أمريكا اللاتينية.

ليس فخًّا- إذن- من خصوم "الإخوان" أن يحمّلوهم مسئولية "التركة الخربة"، وإذا كان أستاذنا فهمي هويدي يشفق على "الإخوان" من المخاطرة الكبيرة، فإن على الجميع أن يسأل:

وأين هي القوة (أو القوى) البديلة المرشحة لإدارة الصراع؟

الإجابة بلا تردد: ليست هناك قوة جاهزة، وعليه فإن الاختيار الإخواني أصبح أخلاقيًّا أكثر منه سياسيًّا.. بمعنى أن "الإخوان" لا يمكن أن يروا أمام أعينهم صفحة الثورة تطوى، والعودة إلى النظام البائد تجري على قدم وساق، ثم تأخذ قرارها بالابتعاد عن المواجهة خشية الفشل أو التربص، لا سيما وأن ما اكتشفه أستاذنا "هويدي" (من تآمر) منذ أسابيع كان واضحًا تمامًا وبلا لبس "للإخوان" ولقوى ثورية عديدة من البداية.

وعلى الذين يرون أن "الإخوان" سيفتتون الصوت الإسلامي بترشيح "الشاطر" أن ينظروا للمشهد من زاوية الصراع بين الثورة وأعدائها، وليس من منظور حسابات انتخابية فقط تأتى بأي إسلامي؛ لأن منظور الصراع سيحمّل "الإخوان" تبعة قراراتهم أمام الشعب وبالتالي لا يمكن أن يكتفوا بأن يكونوا مجرد أصوات تضخ لصالح أي مرشح ثم يتركونه هو والثورة نهبًا للضغوط، وعليه؛ فإن "الإخوان" اختاروا من سيواصل معركة "مطالب الثورة" وليكونوا مسئولين معه أمام الشعب عن نتائج هذا النضال.

فارق كبير بين "رئيس" يستند إلى رافعة اجتماعية، سواء أكانت حزبا أو جماعة أو هما معًا، ويمتلك بجوارها دعمًا شعبيًّا، وبين "رئيس" وصل بدعم "كتلة تصويتية" فقط؛ لأن "الأول" سيظل مدعومًا من ظهيره المجتمعي لإنجاح مشروعه، والدعوة إلى تأييده جماهيريًّا، أما "الثاني" فإن الأصوات التي أوصلته للحكم ستكون أول من يطالبه بوعوده عشية نجاحه، فتصبح ضغطًا مضافًا على ضغوط "صراع التحول الديمقراطي"، وحينها سينشغل بالعاجل الذي يستطيعه، ويرضخ لضغوط "العسكري" التي يسهل حينها أن تعيد الوطن إلى المربع صفر.

—م. محمد كمال

الفنان وجدي العربي والإخوان المسلمون

وجدي العربيحد فاكر الفنان وجدي العربي؟ الصور ممكن تفكّر الناسي.

والفيديو بالأسفل فيه كلمة جميلة جداً ألقاها في حق شهداء الثورة وفيما يتردد عن الإخوان هذه الأيام. لمن يقول أن الإخوان فقط طامعون في السلطة، ما الذي دفع فناناً ناجحاً مثل وجدي العربي لأن يقول فيهم قولة حق بعد تديّنه؟ هل هو أيضاً طالب سلطة؟ الرجل كان ناجحاً بالفعل، ولا يحتاج لا لإخوان أو لغيرهم سواء لشهرة أو مال؛ بل بالعكس، الواضح هو أنه ما أن تعاون معهم، إلا واجتهد إعلامنا الفاسد في طمس صورته وذكراه حتى ينساه الناس ولا يتسائلوا عن أراضيه أو ما يفعله اليوم بالفضول الطبيعي عن المشاهير.

وجدي العربي 1وهو بالتأكيد كان يعلم جيداً أن شهرته ستقلّ وقد تردد عليه الإشاعات أيضاً هو الآخر إن تعاون مع الإخوان؛ فما الذي يدفع رجلاً مثله لإن يخاطر بشهرته وصورته ويتعاون مع الإخوان بالرغم من كل هذا؟ أليس هذا من شواهد حب الله وحب الإسلام والتضحية أو المجازفة بأي شيء في سبيله؟ وإن كان الإخوان ليسوا على الحق ولا يلتزمون بالدين، فهل كان الفنان وجدي العربي ليتعاون معهم بعد تديّنه؟ أسئلة لكل من يتفكر بعقلانية وموضوعية في الأمور.

كلمة الفنان وجدى العربى في حق الإخوان وشهداء الثورة

*

جمال عبد الغفار بدوي: ثورة الشيشة

جمال عبد الغفار بدويكتب جمال عبد الغفار بدوي: ثورة الشيشة

من حقِّ كل ثائرٍ أن يفعل ما يحلو له، لا خلافَ على ذلك، فقد قامت الثورة من أجل الحرية في المقام الأول؛ ولذلك فمن حق مَن يريد أن يتظاهر أن يتظاهر، ومن حق مَن يريد أن يعتصم أن يعتصم، ومن حق من يريد أن يصبح ثائرًا ولا يجد ما يفعله فالطريق معروف: إما أن يذهب إلى ميدان التحرير ويشتم الإخوان، أو يظهر في فضائية أو جورنال وأيضًا لا بد أن يشتم الإخوان، وإذا كان ممن استطاع أن يكوِّن جوالاً من الملايين المملينة بسبب علاقاته السابقة بالمخلوع وأنجاله وأنداله؛ فلا بأس من أن يُضحي بملايين معدودة لتأكيد ثوريته!

ولا يحق لأحدٍ أن يخوِّن أحدًا آخر ما دام هذا الآخر ليس إخوانيًّا أو سلفيًّا أو حتى ممن يرتادون المساجد، ومن حق الجميع أن يهلفط ويردد كالببغاء دون وعي أو تمييز اسطوانات مشروخة صدئة عن عدم زواج الدين بالسياسة وبطلان ذلك تمامًا كبطلان زواج عتريس من فؤادة!

من حق الثائرين أن يطلبوا ممن يختلف معهم أن يشتروا طُرَحًا—في دلالة بذيئة على عدم رجولتهم—في أقذر طرحٍ سياسي للخلاف والاختلاف، ولكن كله مستساغ ما دام قائله والداعي إليه ليس إخوانيًّا سابق التنظيم.

لا تسأل ثائرًا لماذا تمنع مرتادي المساجد من ممارسة السياسة؟ وبأي حق تطالب بهذا؟ وهل كان للثورة أن تنجح هنا أو هناك لولا المساجد وأيام الجمع؟

هل نسيتم جمعة الغضب وجمعة التحدي وجمعة الصمود وجمعة النصر وجمعة التطهير…إلخ؟

لا تسأل ثائرًا هل منع أحد أحدًا من دخول المساجد؟

وماذا يفعل ملايين المصريين في الأحياء والقرى والنجوع الذين لا يجتمعون ولا يرون بعضهم البعض إلا في المساجد؟ هل نطالبهم بغلق أفواههم إذعانًا لمن لا يرتادون المساجد حتى يعم العدل والمساواة؟ هل ضُبط مصري إخواني أو غير إخواني يدعو للسياسة في مسجد من مساجد مصر؟

أتحدى!

إن أحاديث المساجد—لمن لا يعرفها—تخوض في عاقبة الظلم والظالمين وخسران الفساد والمفسدين، كما أنها تدعو إلى فهم الشريعة والمطالبة بتطبيقها والدعوة إليها، فهل من السياسة أن يترك دعاة المساجد الكلام عن الشريعة، توحيدًا للصف الوطني، وحرصًا على مشاعر من لا يرضون بتطبيقها؟

هل منع الإسلاميون أحدًا—ليبراليًّا أو علمانيًّا أو حتى شيوعيًّا ماركسيًّا شديد الماركسية واللينينية—من دخول المساجد؟

إن المساجد مفتوحة أمام جميع المصريين يرتادها المصلون، لا يُسألون عن هوية سياسية أو حزبية أو مذهبية، كما أن ساحات المساجد مفتوحةً لكل مَن أراد أن يوزع منشورًا أو دعاية، وكذلك الساحات أمام المساجد مفتوحة لجميع الباعة، من كل جنس ولون وطعم. إن الهلفطة بموضوع الدين والسياسة حجة البليد الذي لا يعرف كيف يمارس السياسة ويتفاعل مع الجماهير، أو هي دعوى باطلة ممن لا يعرف الأمور على حقيقتها، أو دعوى خبيثة مغرضة ممن لا يحب الشريعة، ولا يريد أن تقوم لها قائمة، مهما حاول أن يخفي دوافعه أو يلبسها ملبس العلم والوقار والحيدة؛ فعلى سبيل المثال لم يدعُ شيخ كصفوت حجازي في يوم من الأيام من منبره في المسجد أو منابره في الفضائيات لمشروع سياسي شخصي سواء هو أو أمثاله ممن عرفتهم الثورة من المشايخ والدعاة، فلما قامت الثورة كانوا في طليعتها، وممن حافظوا عليها من منطلقاتهم الدينية والشرعية؛ فهل علينا اليوم أن نطالبهم بعد الثورة والحرية والكرامة ألا يتحدثوا عن الشريعة أو الإسلام أو غير ذلك من الأمور السياسية، حتى لا نخلط الدين بالسياسة أو الكشري بالمهلبية!!!!!

إن قيمة مشاركتهم في الثورة لم تنبع إلا من معرفة دورهم الحقيقي كدعاة لا يكتفون بالوعظ الميت، ولكنهم كانوا مع الجماهير وقضاياهم اليومية كما تعلموا من إسلامهم ورسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم.

لقد كنتم تنتقدون مشايخ السلطان، الذين لم يقولوا لا لمبارك وزبانيته؛ واليوم تريدون أن تصبح مساجد مصر كلها هكذا، نؤكد مرةً ثانيةً وثالثةً ومليونيةً أن المساجد لم تكن ولن تكون مرتعاً للخلاف الحزبي والسياسي والشخصي، ولكنها لا يمكن أن تتخلى عن دورها في تبصير الناس بأمور دينهم وشريعتهم وتحثهم على العمل والإيجابية، سموا ذلك سياسةً، سموه فقهًا، سموه اقتصادًا، لا تعنينا الأسماء ولن تحول بين المساجد ودورها الذي تقوم به منذ ١٤ قرنًا من الزمان، لدرجة جعلت مجنون ليبيا لعنه الله وخسف به وبكتائبه يلغي صلاة الجمعة من مساجد طرابلس.

إن من تعلَّق قلبه بالمساجد يعرف تمامًا ما سبق قوله من استحالة الاعتداء على قدسية المساجد واستغلالها في الدعاية السياسية، فجماهير المسلمين أوعى وأحرص على مساجدهم من أي تيار أو جماعة أو حزب، فلا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يخدع هذا الشعب مخادع، تماماً كما لم يستطع مبارك وجيشه من الأمن المركزي والإعلامي أن يقهره ويلغي مقاومته وينسيه الكرامة والحرية.

إن الشعب المصري الذي قام بأعظم ثورة عرفها التاريخ يستطيع التفرقة الفطرية بين الصادقين والكاذبين والمنافقين، ومَن يشك في ذلك فعليه أن يجد لنفسه موضعاً بجانب المخلوع وعمر سليمان ونظيف، الذين كانوا يحتقرون هذا الشعب ويرددون أنه لا يستطيع ممارسة الديمقراطية، فأحياهم الله حتى رأوه وهو يمارس الثورة والخلع والعزل وسجن الطغاة والمفسدين!

وإذا سلمنا جدلاً بصحة مقولة إبعاد السياسة عن المسجد، أفلا يحق لنا أن نطالب بإبعاد المقاهي والأندية والمنتديات والأتيليهات والصالونات…إلخ، عن السياسة؟

إذا قلنا إن هنالك ظلماً بيناً وعدم عدل واضح حين يستخدم البعض المساجد للسياسة، ألا يحق لنا أن نقول إننا إذا سمحنا لمرتادي المساجد والأندية والمقاهي بممارسة السياسة فيها؛ ألا يكون هناك ظلم وغبن لمن لا يرتاد هذه الأماكن؟!!!

ما ذنب من لا يعرف إلا المسجد ولا يجلس على المقاهي من الحرمان من الأحاديث السياسية؟

هذه ليست أحجية وفزورة، ولكنها مسألة غاية في الأهمية بعد أن خرج علينا أحد كبار من يصدعوننا بالحرص على صياغة دستور على مزاج سعادته أو سعادة بقية أفراد عائلته، مستنكرًا مستعجبًا من الشباب الذين روجوا صورته الثورية وهو يشد أنفاسًا ثورية متلاحقة من الشيشة على هامش الثورة التي يحاول مستميتًا أن يتزعمها بالذوق أو بالملايين.

وليس من حق أحد—مهما كان هذا الأحد—أن ينتقد شخصًا ما لتصرف هو من صميم حريته الشخصية.

ولكن ألا يحق للشباب أن يبحث عن مواطن القدوة فيمن يتصدرون للعمل العام وقيادة الشباب الثائر ومحاولة خطف ميدان التحرير والثورة؟

هذا الثائر لم يجد في قاموسه غير البذاءة في مهاجمة من اختلف معه سياسيًّا في أمر يحتمل الاختلاف، طالبه بشراء َطرْحَة، ثم سمح لنفسه أن يقول إن الرأي العام لاينفع ولا يضر—هكذا مرة واحدة—فلماذا يتعجب من الشباب الذي استنكر إدمانه للشيشة؟

إن الثائر أعلن أنه لن يترك الشيشة واستشهد بمحمد علي باشا، وكم هو استشهاد ساذج يثير السخرية من مناضل ثورجي يريد أن يرسم مستقبل مصر حسب مزاجه بعد شد عدة أنفاس ثورية بالتفاح والمشمش، فهل يريد سيادته العودة بنا للوراء، أم أنه يجهل الفرق الزمني وما تم اكتشافه طبيًّا من مضار ومخاطر لم يكن يعرفها الباشا، وحتى لو كان يعرفها فهل الناس تقتدي بمساوئ السابقين أم بحسناتهم؟

ما علينا…ألا يعرف الثائر أن من يتصدى للعمل العام ويخالط الشباب عليه أن يكبح جماح نفسه وعاداته حتى يكون قدوة حسنة، يفيد ولا يضر؟

عموما نقول للثائر الكبييييييييييييييييييييييير شكرًا جزيلاً فقد عرفنا الآن سبب تصريحاتك التي لا ترتدي أي ملابس مثل الطُرَح وما شابهها، فمن المؤكد أن مزاج سعادتك لم يكن مشيّشًا.

حمى الله مصرنا من أصحاب الهوى والمزاج.

—جمال عبد الغفار بدوي

كيف تتعرف على أحد منافقين اليوم أو من في قلبه مرض؟

من شواهد التعرف على من في قلبه مرض—ممن ولدوا مسلمين، أو من يعادي التيار الإسلامي بشدة وهو اسمه مسلم أو هي مرتدية الحجاب (لا أدري كيف وصلوا لهذا): يسمع السباب والشتائم القذرة ضد التيار الإسلامي أو أحد مشايخ أو علماء الأمة، ثم يسمع شاباً مؤيداً للمرجعية الإسلامية يردّ بغضب على السباب، فيتجاهل تماماً سباب الحاقد الكاره للإسلام وبدلاً من أن يقول شيئاً معروفاً عندنا في مصر ومعنى الأخوة فيه واضح مثل ’متردّش عليه‘، لا، يقول له: ’وهوّه الإسلام برضو قالّك تعمل كده؟!‘

الحمد لله، أنا لا أتفاحش بالقول، وإنما أعرف كيف أكون لاذع اللسان بالسخرية ممن يهاجم ديني أو أمتي ومن يمثلونني، فهذا المشهد أراه كثيراً على الإنترنت يحدث أمامي لغيري...ويصرف انتباهي عن نصيحة أخي المسلم بأن يتحلى بالصبر والحلم، وأنا مشغول بشعور التقزز من المتأسلم الآخر الذي لم يهمه سبّ مسلمين (مثله؟) أو مشايخ، قدر ما ضره الرد الغاضب من مسلم يغير على دينه وعلى صورة من يمثلونه كمسلم في الساحة السياسية. كم أتمنى لو يكفّ هؤلاء عن استخدام أسمائهم المسلمة والأقمشة التي يضعهونها على رؤوسهنّ ليتظاهروا بأنهم منّا...ووالله إنهم ليسوا منّا، بل هم مع الفريق الآخر الكاره الحاقد—بغض النظر عن المسميات.

—ياسين رُكَّه

عامر شماخ: من هم شباب الإخوان؟

عامر شماخعامر شماخ يكتب: من هم شباب الإخوان؟

يصور خصوم الإخوان شباب الجماعة كأنهم أعضاء في هيئة سياسية كارتونية، يتنازعون السلطة مع قادة هذه الهيئة للحصول على مناصب أو مكاسب مادية.

ويصورونهم شبابًا ضائعين، عاطلين، استحوذ قادتهم على خير الجماعة، وسخروهم لحمل الأعباء، وتلقي الضربات، بينما هؤلاء القادة في رغد العيش، بعيدين عن مصادر الخطر ومواطن المواجهة مع الأنظمة القمعية.

ويصورنهم شخصيات آلية، لا عقل لها ولا حواس، فهم يسمعون ويطيعون لأمرائهم ومسئوليهم، طاعة عمياء، لا نقاش فيها ولا جدال.

ويصورون العلاقة بين القادة والشباب، كأنها علاقة صراع عنيف على السلطة، بما يحتمله هذا الصراع من توجس كل طرف بالآخر، ومن تبادل للاتهامات فيما بينهم.

وقد استغل هؤلاء الخصوم انتقاد بعض الشباب المحبين للجماعة أو المؤيدين لها ممن لم ينالوا حظًا كافيًا من التربية داخل محاضنها—فاعتبروا ذلك بداية النهاية، وأن انهيار الإخوان سوف يكون قريبًا على أيدي هؤلاء الشباب.

فما صحة ما يدّعيه هؤلاء الخصوم؟ ومن هم شباب الإخوان؟!

- شباب الإخوان يا سادة هم عماد الجماعة وأساسها، وهم قادتها وقاعدتها، هم من يخططون ويوجهون وينفذون، ويتابعون ويقيمون الأعمال ويصححون الأخطاء، ولو أجري إحصاء دقيق لوجدنا الغالبية العظمى من القيادة من الشباب—باستثناء مكتب الإرشاد الذي يضم أيضًا نسبة لا بأس بها منهم—فهم رؤساء اللجان، ونواب الشُعب، ورؤساء المناطق والقطاعات، وهم أعضاء الهيئة العليا للحزب، وأعضاء الأمانات، ورؤساء اللجان والشياخات والوحدات الحزبية الصغيرة.

- وشباب الإخوان يا سادة، هم الذين أسسوا هذه الدعوة، فالبنا نفسه كانت سنه لا تتعدى اثنين وعشرين عامًا؛ أما الستة الذين شاركوه تأسيس الجماعة وأعلنوا عن قيامها (عام ١٩٢٨م) لم تكن سنهم تزيد على ذلك؛ أما أهم خصيصة من خصائص هذه الجماعة فهي: "إقبال الشباب عليها، يناصرونها ويؤيدونها"، كما قال الإمام البنا، وهذا سبب—بعد توفيق الله تعالى—من أسباب قوتها، ونقائها، وثباتها…من أجل هذا تحتضن الجماعة ثلاثة أقسام مهمة تخصصت كلها في تربية وصناعة الشباب، هي: قسم الجامعات، قسم الإعدادي والثانوي، قسم الأشبال.

- وشباب الإخوان يا سادة، هم رجال الأمة الربانيين القرآنيين، الجادين، الذين لا تخيفهم كثرة الخصوم، ولا تفزعهم قوى الشر، هم رهبان الليل فرسان النهار، لسان حالهم يقول: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)—١٠الحشر، لا يجهرون بسوء، ولا يفحشون بقول، صابرون متعففون، مخلصون لربهم فلا يعملون لحساب أحد، ولا يخافون في الله لومة لائم، سيماهم الإيمان والحماسة والعمل، ليسوا دعاة كسل أو إهمال، وليسوا (دراويش)، وليسوا دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة، وهم قوم عمليون يدعون ميدان الكلام إلى ميدان العمل، وينتهون من وضع الخطط والبرامج إلى ميدان الإنفاذ والتحقيق.

- وشباب الجماعة يا سادة يوازنون بين العقل والعاطفة، والمادة والروح، والنظر والعمل، والفرد والمجتمع، والشورى والطاعة، والحقوق والواجبات، والقديم والجديد، وهم معتدلون في موقفهم من الدعوات والأفكار الأخرى، فهم يتمتعون بروح طيبة سمحة، وقلب كبير.

- وهم الذين حملوا الدعوة الإسلامية إلى المدارس والجامعات، والقرى والنجوع، وهم الذين قادوا الناس إلى المساجد، وضربوا المثل بطهارة الدعاة ونقاء الدعوة، وهم من دفعوا الثمن غاليًا بعدما واجهوا الطغاة والمستبدين، وهم الذين جاهدوا المحتلين، وحموا ثورة يناير من الفشل؛ حيث تقدموا للشهادة مسرعين، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا، وهم جيل جديد من الناس، أسوياء النفوس، يعيشون لفكرة، ويعملون لغاية، ويكافحون في سبيل عقيدتهم.

وهذه الصفات ليست وليدة اليوم، إنما لازمت شباب الجماعة منذ ولادتها، ونقتطف هنا فقرة للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، نشرها في تحقيق له بمجلة روز اليوسف (١٣ من سبتمبر ١٩٤٥م) يصف فيها شباب الإخوان وقتها، يقول:

’وهم مع كل ذلك شباب (مودرن)، لا تحس فيهم الجمود الذي امتاز به رجال الدين وأتباعهم، ولا تسمع في أحاديثهم التعاويذ الجوفاء التي اعتدنا أن نسخر منها، بل إنهم واقعيون يحدثونك حديث الحيـاة لا حديث الموت؛ قلوبهم في السماء، ولكن أقدامهم على الأرض، يسعون بها بين مرافقها، ويناقشون مشكلاتها، ويحسون بأفراحها وأحزانها؛ وقد تسمع فيهم من (ينكِّت) ومن يحدثك في الاقتصاد، والقانون، والهندسة والطب.‘

- ولقد عرف القاصي والداني مقدار الترابط المتين الذي يربط الإخوان بعضهم ببعض، وقد جعل إمامهم ومؤسسهم (الأخوة) أحد أركان البيعة العشرة، ولهذا فإن شباب الإخوان هم أحرص الناس على جماعتهم، وأحب الناس لشيوخهم وقادتهم.

—عامر شماخ

دَاشْ لَايْم إسلامي في كأس الخمر الليبرالي

Yaseen Rocca sq-logo-sاسطوانة ’هوه الإخوان هما الإسلام؟‘ و’الإخوان لا يمثلوا الإسلام!‘ فعلاً، فعلاً يعني انشرخت من بتاع سنة؛ وباقت مبتذلة قوي يعني. فيا كارهي الإخوان، سايق عليكو النبي دوّروا على اسطوانة تانية عشان بقيت أمتعض لما بأسمع الاسطوانة القديمة دي.

وكإن الموضوع حسبة برمه مثلاً أو نظرية فيزياء الكمّ. يا جدعان ماهُو معلوم إن لا الإخوان ولا السلفيين ولا حتى الأزهر—اللي بيضحكوا عليكو بيه عشان في جيب الحكومة—يمثلوا الإسلام! مافيش حاجة اسمها أي جهة أو مؤسسة—كائنة من كانت—تمثل الإسلام، لإن إحنا معندناش ’فاتيكان‘ في الإسلام (مع مودتي الصادقة تجاه إخواني الأقباط فكلامي ليس للمفاضلة وإنما للتمييز ومن باب المقارنة التصنيفية أو الأكاديمية فقط). الشيء الوحيد اللي يمثل الإسلام نفسه كدين هو شيء فكري غير ملموس ألا وهو ’الإجماع‘—إجماع علماء الأمة من كافة المدارس والاتجاهات الرئيسية.

فأبوس راسكم اشفونا من اسطوانة ’هوه الإخوان هما الإسلام!؟‘ عشان انشرخــــــــــــــت!

على الجانب الآخر، لما حضراتكم يعني مفيش أي حاجة تبع الإسلام عاجبة مزاجكم، لا إخوان عاجبينكم، ولا سلفيين عاجبنكم، ولا أبو اسماعيل عاجبكم، ولا حتى العوَّا—اللي مش ملتحي أصلاً—عاجبكم، ماهُو أكيد يعني بقه الموضوع مش موضوع سياسة ولا استراتيجية، دي تلاكيك بقه وانتو فعلا وبجد مش عاجبكم الإسلام! لإن لما يكون عندكم أكثر من اختيار ذي مرجعية إسلامية، وولا اختيار فيهم عاجبكم، يبقى انتم مش عايزين مرجعية إسلامية، ويبقى انتم مش عايزين إسلام. الموضوع مش معقد يعني، واضح زي الشمس.

وأتحداكم...أتحدّاكم تقولولي مثلاً عايزين مين غير الإخوان، وتعملولي مقارنة موضوعية عادلة بين اللي حتختاروه والإخوان. والله أتحداكم! أي واحد فيكم أصلاً ميعرفش لو الإخوان مشيوا حيختار مين، لإن القضية عندكم مش قضية مقارنة موضوعية عادلة، وإنما قضية كراهية عاطفية عمياء، وتصديق لإشاعات وأكاذيب ومغالطات ومبالغات، وقضية تلاكيك ورفض للإخوان وخلاص، ولو نزلولكم مائدة من السماء! وتعليقي أهو...لو أجعس جعيس فيكم عنده أي فِكر أو عقل أو معلومات أو وعي سياسي، اتفضل اعمل تعليق تحت كلامي واعملي مقارنة موضوعية عادلة ما بين الإخوان وبين الحزب الآخر اللي انت شايفة كويس. غير كده...الإفلاس الفِكري لكارهي الإخوان كلنا عارفينه كويس دلوقتي. كلها عواطف وسباب وشتائم ومشاعر كراهية شخصية غير مبررة بأي فِكر موضوعي أو حقائق ولا مصحوبة بِنَقد متحضر.

ومرة تانية، الموضوع عند الأغلبية مش موضوع إخوان فقط، وإنما كل ما هو إسلامي المرجعية فعلاً. أي فرد أو حزب مرجعيته هي الإسلام بكليته، كِخّه ووحش عندكم. ليه؟ لإن زي ما قال الإمام القرضاوي في المقالة، الإسلام الكامل ده بيشكل خطر على أسلوب حياتكم اللي اتعودتم عليه خلاص وكلبش في قلوبكم وحبيتوه وإنهارده متقدروش تستغنوا عنه خلاص. أسلوب حياتكم ده اللي بتبرروه لأنفسكم على إنه ’وسطية‘ أو ’إسلام معتدل‘، ووالله...والله الليبرالية بتاعتكم والانتقاء التعاليمي ده، الإسلام بريء منه براءة تامة.

المسيحيين في الغرب عندهم مصطلح أصلاً للأسلوب ده في الحياة أو في التعامل مع الدين، وهو مصطلح ‘كافيتريا الإنجيل‘، يعني كإن الغربي من دُول سيادته قاعد في كافيتريا، والإنجيل ده شايفُه كإنه المِنْيُو أو قائمة الطعام وهو حينقّي بقه منّه ما لذ وطاب واللي عايزه ويسيب الباقي! وهوه ده نفس طريقة تعاملكم يا ليبراليين متأسلمين (مش بتقولوا على الإخوان متأسلمين؟ خدوا عندكم بقه) مع القرآن ومع الإسلام...كافيتريا، وعايزين تنقوا من قائمة الطعام بتاعتها ما لذ وطاب، وتسيبوا الباقي: آه، الصيام ده ممكن مرة في السنة، وصلاة الجمعة برضو كُول يا مان عادي...إنما لأ لأ، تؤ تؤ، الشريعة دي ياي، مينفعش خالص، مش وقته، وصلاة الفجر كتير كتير...عندي شغل، والحجاب برضو مينفعش خالص—مش شياكة ولا كلاس وأنا لسه معشتش شبابي، والدقن دي شكليات وقشور، المهم القلب وبعدين مش نضيفة ومش شيك، وهلم جرّا. هوه ده فكركم، وهيه دي حياتكم، وانتو في مكان ما في قلوبكم وعقولكم عارفين كويس انكم بتضحكو على نفسكم، وإن الإسلام بريء من أسلوب الحياة ده، وإن الإسلام لا يقبل الأسلوب الانتقائي ده—الانتقاء التعاليمي، أو كافيتريا الإسلام دي، فأكيد أي حد عايز يطبق إسلام شامل يبقى كخّه ابن ستين في سبعين مينفعش.

وأكيد الحد ده لا يمثل الإسلام ومش هوه الإسلام، ولكن واضح ومش عايزه لف ودوران...إنكم مش عايزين الإسلام نفسه أصلا بكليّتُه! ومتستخبّوش ورا أسامي محمد وأحمد، ومتتشدّقوش بكلام أجوف وشعارات رنانة بيقولها شوية نخبة ليبراليين مفيش في مرجعيتهم الفعلية وتاريخهم المهني والسياسي ولو سطر واحد من الإسلام! الإسلام مش بالاسم أو بالبطاقة يا بهوات، والإسلام مش بالشعارات الرنانة وذكر كلمة ’الله‘ في جملتين في خطابي السياسي يا آنسات، الإسلام مش بالبُقّ وخبط الدماغ على الأرض مرة في الأسبوع...الإسلام أكبر من كده بكتير، وأعمق من كده بكتير، والمسلم اللي فعلاً قلبه على دينه بيبقى واضح من تاريخه المهني ومن مرجعيته السياسية ومن لغته ومصطلحاته نفسها. وانتو نفسكو بتعرفوا كويس قوي لغة المسلم اللي عايز يمشي على دينه، وعشان كده بتعرفوا بسرعة تلزقوا عليه ستيكر ما...زي ستكير ’تاجر دين‘ أو ’عم الشيخ‘ أو ’منافق‘ أو ’بيزايد علينا بالدين‘ أو...أو...وبسرعة بتدوّروا على واحد لغته تبقى مش لغة الدين، بل لغة الليبرالية والعالمانية، اللي عليها رشة جريئة (تاتش / وِفْ / داش) من الدين...وكإنها رشة فلفل إسلامي على سندوتش الفول الليبرالي. أو أنقح عند القليل منكم…’دَاشْ لَايْم‘ إسلامي في كأس الخمر الليبرالي! كده يبقى يَمّ ولذيذ وطِعِمْ!

—ياسين رُكَّه

الأحد، مايو 6

د. طارق السويدان: يتحدث عن محاربة الإصلاح

طارق السويداند. طارق السويدان يتحدث عن أسرار مقاومة الإصلاح ومحاربته. والله رجل من أجمل وأرقى من استمعت لهم في وقتنا المعاصر—أطال الله عمره ونفع به الأمة وجزاه الله خيراً.

كنت قد كتبت على تويتر منذ أيام، رداً على وسم #مصري_اثر_في_حياتي، التعليق التالي: ’#سعودي_اثر_في_حياتي‏ أحمد الشقيري =)‘. فإن انتشر في يوم من الأيام وسم #كويتي_اثر_في_حياتي لكان د. طارق السويدان بدون تردد هو الاسم الذي أربطه بالوسم.

سيبك من عنوان الفيديو، نفس الكلام يمكن تطبيقه على الإخوان عامة وعلى مواقف أخرى كثيرة. كلام في منتهى العقلانية والوعي والحنكة، وكلنا في أمس الحاجة لفهمه هذه الأيام، بغض النظر عن توجهاتنا الفكرية أو السياسية. والله كلنا محتاجين نفهم الكلام ده، عشان نكون شعب عندنا وعي وميضّحكش علينا، وعشان يكون حوارنا واختلافنا نفسه راقي ومتحضر. أرجو منك مشاهدة الفيديو وتمريره أو مشاركة غيرك به، للأهمية الشديدة في وقتنا هذا.

د. طارق السويدان: عن أسرار مقاومة الإصلاح ومحاربته

تعليقي على إعلان مشروع النهضة بلغة الإشارة

قد تختلف مع الإخوان في الكثير أو القليل، قد تعترض على بعض قراراتهم، قد لا تفهم أسباب هذه القرارات، قد تصدق نظريات المدعوين بال’نخبة‘ عن نوايا وقلوب الإخوان، قد تكون غيّرت رأيك في الإخوان—أو لم تغيره أبدا (وهذا أكثر الظواهر أسفا)...ولكن إن أصابك عمى الكراهية لدرجة أنك لا تُقدّر لهم لفتة مثل هذه (إعلان لذوي الاحتياجات الخاصة) وتصر على تفسيرها من نفس منظور النظارة السوداوية المُحَجِّمة للعيوب والحاكمة على القلوب، فلا محالة قلبك أنت في خطر.

لا تستسلم للبرمجة الإعلامية المنظمة وغسيل المخ الذي يقوم به البعض يومياً، مع نشر الأكاذيب والإشاعات—التي سرعان ما يُكشف كذبها وزيفها؛ ولكن للأسف، لأن البعض لا يعطي وقتاً للتيقن أو الاستبيان كما يعطي وقتاً وأذناً للأخبار والإشاعات—بالذات عندما توافق هذه الإشاعات آرائه المسبقة، يظل الكثير من الناس يردد نفس الأكاذيب وهم لا يدرون أصلاً أنها أثبتت بالدليل كأكاذيب وإشاعات—ومنذ أسابيع! هذه ظاهرة رأيتها كثيراً بنفسي؛ ناس تكرر كلاماً عن الإخوان، أثبت منذ أسابيع أنه كذب وبالأدلة القاطعة، ولكنهم لم يسمعوا عن التكذيب المدلول…ربما لأنهم مشغولون بالبحث عن أكاذيب جديدة، ونشرها ونقلها والتشدق بها كل حين وآخر، ولأنهم لا يتجاوبون سوى مع آخرين يشاركونهم نفس مشاعر الكراهية أو النفور تجاه جهات محددة.

ليس المقصود أن الإخوان ملائكة أو فوق النقد، ولكن المقصود هو أننا كأفراد في أمس الحاجة إلى الرُقيّ بطريقة تفكيرنا وحكمنا على الأمور والناس، في أمس الحاجة إلى الابتعاد عن ازدواجية المعايير واحتضان الحيادية والموضوعية والحوار الراقي ذي اللغة المتحضرة، في أمس الحاجة إلى الرفض الموضوعي للأشياء بدلا من الرفض الانفعالي أو العاطفي والكراهية للأشياء، في أمس الحاجة إلى الحكم العادل على الأفراد والجهات—فنعطيهم ما لهم قبل أن ننقدهم فيما عليهم. أنت تحب وتريد منّي أن أعاملك أنت بهذه الطريقة العادلة والمحترمة، أفلا تحب للآخرين—وإن اختلفت معهم كما قد أختلف أنا معك—أن يتم التعامل معهم بنفس الطريقة؟

شاهد هذا الإعلان، وقل كلمة حقّ في الإخوان بين الحين والآخر، ولو كنت لا توافقهم في الكثير. وتذكر أن هذه الناس لم تأخذ فرصتها الحقيقية بعد، لأن ليس لهم اليوم أي سلطة تنفيذية، بل هم جزء من سلطة تشريعية تنبح صوتها مع سلطات تنفيذية لا تتعاون التعاون الكافي؛ والأهم، تذكر أنهم وإن كانوا يمثلون نصف البرلمان، فالنصف الآخر ليسوا إخوان—أكثر من ١٠٠ نائب يمكنه أن يخدم الوطن إن تقاعس كل الإخوان ومن غير المنطقي أن يكونوا كلهم متقاعسين. وأرجو أنْ تعي أنّ الانتشار الحزبي، لحزب الأغلبية في الساحة السياسية التنفيذية لأي دولة، هو أمر ديمقراطي طبيعي ويحدث في كل الدول المتحضرة، فإعادة صياغة هذا الانتشار الديمقراطي الحزبي إلى مسمى ال’تكويش‘ هو إضلال إعلامي، وتصديق هذا الإضلال هو للأسف…سذاجة وجهل سياسي—لا مقارنة بين حزب مخلوع مُزوِّر وحزب مُنتَخَب ديمقراطياً. فأرجو مراجعة نفسك فيما تظنه وتصدقه وتقتنع به، وأرجو إعمال العقل والتفكر فيما نسمعه ونردده، وأرجو الاستبيان والتيقن من كل ما نسمعه أو نقرأه أو نراه في عصر الخدع والإشاعات هذا.

دع عنك النظارة السوداوية، وانظر بعين المحايد الموضوعي، وبقلب يرحب بالاختلاف.

أنا عن نفسي، ومع الموسيقى في الخلفية وقراءة الكلام، وجدت عيني تدمع بابتسامة دافئة على وجهي في الدقيقة الثالثة…فهذه هي مصر التي أريد أن أراها…مصراً تخطت مرحلة التفكير فقط في الفقراء، وأصبحت تفكر أيضاً في ذوي الاحتياجات الخاصة، أثابنا الله جميعاً بخدمتهم. =)

—ياسين رُكَّه

من أجل ٣ مليون مصري | مشروع النهضة بلغة الإشارة

يذكر الأستاذ محمد سليمان بعض قضايا المرأة في الدقيقة 12:20، ويتبعها كلام عن الأقباط.

*

العباسية والإصرار العجيب على شيطنة التيار الإسلامي

لماذا الإصرار على أن التيار الإسلامي كان هناك في العباسية من الأصل؟ سبحان الله، إن بعض المدعوين بالنخبة في الوطن يصرون في الثلاثة أيام الأخيرة على تحميل التيار الإسلامي أو مرشح إسلامي بعينه مسئولية أحداث العباسية، في حين أن كل هذه الجهات والأشخاص ذوي المرجعية الإسلامية أكدوا مراراً وتكراراً أنهم لم ولن يذهبوا إلى العباسية، وأنهم أعطوا تعليمات لأعضاء أحزابهم ألا يخرجوا من ميدان التحرير.

وفوق هذا، اعترفت ٦ إبريل بنفسها أنها كانت هناك، حيث  قالوا أنهم ينسحبون حقناً للدماء؛ وحركات كفاية والاشتراكيين والفوضويين وكل من حياته تدور حول إسقاط حكم العسكر، كل هؤلاء كانوا في العباسية وملئوا سواد المكان هناك، وبشهاداتهم.

فلماذا تركنا كل هذه الشواهد ونصر إصراراً عجيباً على أن أنصار أبو اسماعيل أو الإخوان أو غيرهم من التيار الإسلامي كانوا في العباسية؟ سبحان الله. حتى وإن كان هناك قلة من المتمردين من مؤيدي أبو اسماعيل قد أصروا على تجاهل طلب المتحدث الرسمي باسم أبو اسماعيل وعاندوا فذهبوا إلى العباسية، فأي منطق وعقل هذا الذي يجعلنا نظل نصر أن نحمل الرجل أو التيار الإسلامي نفسه المسئولية؟

ولماذا اقتنع البعض أن بلطجية الأمس في ثياب مدنية كانوا لا يمثلون الثوار بل كانوا مندسين وعملاء، وفي نفس الوقت مقتنعين اليوم أن بلطجية اليوم في جلابيب ولحى سلفية فخمة بالفعل يمثلون السلفيين أو أبو اسماعيل وليسوا ببساطة أيضاً مندسين وعملاء؟

لماذا أصبح إدمان ازدواجية المعايير وترديد وتصديق الإشاعات والأكاذيب الديدنة اليومية للكثير من أهل هذا الوطن بنخبته المزعومة من أهل الفكر والثقافة المفترضة؟ أين عقولنا ومؤهلاتنا ولغاتنا الأجنبية وحنكتنا السياسية وذكائنا وموضوعيتنا من كل هذا؟ هل حقاً عمتنا مصالح الدنيا والليبرالية التي ترتدي الثوب الكاذب لوسطية الإسلام...عن رؤية الحقائق وعن العدل والإنصاف والموضوعية في الحكم؟

—ياسين رُكَّه

السبت، مايو 5

ظاهرة الغباء الجماعي

أكاد أحس بخبطة على دماغي أحياناً، أو صداع مؤقت ومفاجئ، لما بأفكر في النقطة دي: رؤية الناس لهوية المخربين وانتمائاتهم. إزاي الناس بتصدق الإشاعات؟ أنا بالنسبالي الموضوع مش محتاج ذكاء أصلاً ولا تحليل! أقسم بالله العظيم بالنسبالي ما هو إلا أمر بديهي تماماً...يعني مش بأحلله وأبحث فيه أو أستذكى عليه...في عقلي، ده مجرد شيء بديهي...بلطجية بأسلحة بيضاء وملابس أو مظهر نموذجي مبتذل (سواء بلحية وجلابية أم لا—أصلا) + سلوك مسعور انفعالي عنيف = مندس ولا يمت بصلة لا للشعب ولا لأي جهة رسمية—سواء دينية أو غير دينية. ومش فاهم، ليه الموضوع ده يبدو إنُّه محتاج ذكاء وفيه ناس مش بتفهمه بالبديهة كده علاطول.

أعتقد إن الناس كرهت التدين الحقيقي، أو التمسك الحقيقي بالإسلام...وحب الدنيا والشهوات وتفاهات الدنيا طغى على قلوبهم بشدة، فأصبح التدين الكامل ده بيشكل ’خطر‘ على أسلوب حياتهم، الأسلوب اللي هوه أُشْربَت بيه قلوبهم، فتشرّبته القلوب تماماً، فسيطر عليها، فطُبِع على قلوبهم، فأصبحوا لا يفقهون...لا يفهمون، ولا يرون، عمياناً طرشاً أغبياء، كالأنعام أو هم أضل سبيلا. ومحدش يزعل منّي؛ أنا بأحاول أصدم بعض الناس في نفسها، أو أصدمهم في الواقع المؤلم اللي إحنا عايشين فيه وفي طريقة التفكير العجيبة والمزدوجة المعايير.

ده تفسيري الوحيد لظاهرة الغباء الجماعي الذي نراه اليوم، والغياب العقلي المتفشي في الشعب والأمة، والسذاجة السياسية التي تسمي كسب الأصوات والانتشار الحزبي الطبيعي—لحزب الأغلبية—’تكويش‘، والسذاجة الإنسانية التي تجعل البعض يصدق أي شيء يسمعوه طالما أنه يوافق كراهيتهم العمياء.

—ياسين رُكَّه

الجمعة، مايو 4

كلمات: الإيمان والجمال

ياسين رُكَّهاصرفي إليّ وجهاً يأسرني
واكشفي لي يداً وأنملات تفتنني
واشهدي لي: ’أسلمت واستسلمت لأمر الله ورسوله، وإن كنت كارهة‘
ملّكتكِ فؤادي وكياني
وشهدت لكِ أني ولدت لأسقيكِ ودادي
عشت لكِ عاشقاً وإن كنت كارها
ولم يصرفني عن أسر عينيكِ
سوى وجه سجودي لربّي
لقاء خالق شفتيكِ

—ياسين رُكَّه

عابثون أم مغيرون؟

تُرى، هل نحن عابثون؟ عندما نكتب ونتحدث، هل هو فقط تمرين أجوف عبثي عقيم من حرية التعبير عن الرأي؟ أم أننا نؤثر في بعضنا البعض؟ هل غير أحدنا رأيه في شيء ما خلال السنة ونصف السابقة؟ أما أن حقيبتنا الفكرية اليوم كما كانت دائما؟

—ياسين رُكَّه

الأربعاء، مايو 2

تعليق على أحداث العباسية في مايو ٢٠١٢

تعليقا على أحداث العباسية الأخيرة من إصابات وقتل: كل فرد، أو بوق إعلامي، قيادي، ناشط، شخصية مسموعة، أو متظاهر شارك—سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة—في خروج المظاهرات أو الاعتصامات من ميدان التحرير، مسئول ويده ملطخة بالدماء؛ فيما عدا هذا، لا يصح تحميل أي جهات أو شخصيات—مثل أبو اسماعيل—المسئولية إلا إذا انطبق عليهم السابق من الدعوة إلى الخروج من ميدان التحرير. وإن كان مرتكبي الجرائم بلطجية، فقوات الأمن خذلتنا بشدة.