الثلاثاء، فبراير 26

أكره، وأكره الإخوان [شعر عامي]

ياسين ركه: أكره، وأكره الإخوان [شعر عامي]

(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي)

شِعْر عامّي: «أكره وأكره الإخوان»

صبّاحي
أحبُّه في أيامي ومنامي ووانا صاحي
البرادعي
يبوس إنجلينا وأحبُّه وانا بأستغفر وأدعي
شفيق
أحبه وأحبه وأحبه وأدعو الله ألا أفيق
مبارك
دمعتي شاهدة، ما شاء الله وتبارك
كلهم حبايبي، قوي قوي، من جُوّه
ويمكن أقبل الصهاينة، إنما الإخواني، إلا هُوّه
أكره وأكره وأكره الإخوان
بمنتهى الغلّ والعنفوان
سألوني ليه كده يا عبدْ لله
قولتلهم هوّه كده، لله في لله
أصل كل أسبابي طلعت إشاعات وتلفيق
وضاع آخر أمل ليّا...خسر شفيق
فمفيش غير إني أكره الإخوان لله في لله
وأطمّن نفسي على ديني بنشر آيات الله
حتى لو مش فاهم لا الآية ولا ديني
مش مهم، المهم أكره الإخوان ويزداد يقيني
إنهم شياطين وأسوأ من الصهاينة
فاصل بقه عشان أغنية هايفا هايلة

—ياسين رُكَّه

القدس: الصفعة الدائمة

رسم للمسجد الأقصى ومصلى قبة الصخرة

أرسلت لي أخت تطلب منّي أن أكتب شيئاً عن القدس، فكتبت لها هذا الخطاب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أشكركِ على رسالتكِ.

القدس...إن مجرد التفكير في الكتابة عن القدس يجعل عيني تكاد تدمع. قد يكون هذا من أسباب عدم كتابتي عن القضية الفلسطينية سوى بطريقة غير مباشرة عن طريق ذكر العدو الصهيوني. ما يحدث في أرض فلسطين هو صفعة دائمة، مستمرة، على وجه كل مسلم تبقى في قلبه ولو ذرة من العزة والكرامة والحب لهذا الدين، صفعة دائمة على وجه كل من يشعر بالأخوة التي تملأ القلب—لا محالة—تجاه كل من قال لا إله إلا الله، محمد رسول الله. المسلم الحق لا يمكن أن يشعر بأي شيء سوى الأخوة العميقة لأي موحد لم يُبدِ الكراهية له أو للإسلام؛ وأقول هذا لأن في زماننا هذا للأسف يوجد موحدون—أو هكذا يقولون—يُظهِرون الكراهية لمسلم لأنه تجرأ على إخراج الإسلام من المسجد وإدخاله في السياسة مثلاً. وكأن هذه الأمة لها أي أمل في استرداد أراضينا المغتصبة وثرواتنا المسروقة بدون إدخال الإسلام في السياسة؛ وكأنّ أي حاكم عربي من العالمانيين والليبراليين الذين حكموا بلادنا في المائة سنة السابقة عندهم أي نيّة لإيقاف الجيش الصهيوني والجيش الأمريكي عند حدودهم. ولكني أستطرد...

ولكن استطرادي مبرر! مبرر لأنه لا يوجد فائدة من البكاء، لا يوجد فائدة من سماع الأناشيد الإسلامية الحماسية، لا يوجد فائدة حتى من الكتابة والحديث عن القضية الفلسطينية إن لم ندرك أنه لن يكون هناك حل جذري للقضية أبداً إلا إذا قويت شوكة الإسلام سياسياً. لأن لا أمريكا ولا الجيش الإسرائيلي يسمعوا إلى أي لغة سوى لغة القوة والردع والمصالح؛ فنعم، نكتب ونتحدث، ولكن في إطار القوة السياسية الإسلامية ثم الوحدة الإسلامية التي تتبعها. فعندما ترى الدولة العالمانية سياسياً والمسلمة عقائدياً وشعائرياً أن الدولة المسلمة سياسياً أصبحت قوية، وقتها يسمع الشعب الخانع القابل بالليبرالية أو العالمانية، يسمع للإسلام السياسيّ بل ويغار ويخجل من ضعف بلده المسلمة فيبدأ يرى فائدة الإسلام في السياسة ويطالب به، وبالتالي تأتي الوحدة الإسلامية؛ تأتي الولايات العربية المتحدة (واسمها الأصلي القديم هو الخلافة الإسلامية ولكن معظم المسلمين المعاصرين لا يدركون هذا ويظنون الخلافة شيئاً رجعياً متخلّفاً). وعندما تأتي الوحدة الإسلامية، حتى ولو بين دول إسلامية قليلة ولكن ذات وزن وأهمية جغرافية لقضية فلسطين، يمكن لهذه الوحدة الإسلامية (هذه البذرة للخلافة أو للولايات العربية المتحدة) أن تتحدث بقوة إلى أمريكا والجيش الإسرائيلي، وتطالب بمطالب حازمة، على الأقل توقف سيل الدماء وتضمن للشعب الفلسطيني حياة كريمة وآمنة...إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً وتأتي الحرب الأخيرة التي نعرفها جميعاً من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ويعرفونها اليهود جيداً. ولكن إلى أن يأتي هذا اليوم، فإني أسأل الله أن نرى على الأقل بذرة الوحدة الإسلامية في حياتنا، ونرى هذه البذرة قوية سياسياً؛ تطلب بمنتهى الحزم مطالباً عادلة للشعب الفلسطيني، ولا يملك أمامها الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأمريكية سوى تلبيتها أمام الرأي العام العالمي، وخوفاً من الغضب الذي يملأ شعوب هذه الوحدة الإسلامية.

هذا هو أملي ودعائي، وهذه هي رؤيتي لإخواني وأخواتي في فلسطين المحتلة والقدس العزيزة. لأني لا أعرف متى تأتي حرب آخر الزمان، وبغض النظر عن هذه الحرب الموعودة، أتمنى على الله أن أرى إخواني وأخواتي في فلسطين بلا مذلة ولا بكاء ولا خوف ولا هدم ولا تعذيب ولا سجن ولا حصار ولا قتل؛ أتمنى على الله أن أراهم سالمين آمنين مرفوعي الرأس...على الأقل من أجل السبب الأنانيّ النابع من الأخوة الطاغية على قلبي، من غيرتي على عرض أختي الفلسطينية…كي لا أشعر أنا بالصفعة الدائمة على وجهي: القدس المغتصبة.

—ياسين رُكَّه

رجال المعارضة: يتمنعن وهن الراغبات!

دُمَى المعارضة في مصر، في الفترة ٢٠١٢–٢٠١٣، هذه الأراجوزات العالمانية والليبرالية والاشتراكية، تذكرني بمقولة: ’يتمنَّعْن، وهُنَّ الراغبات!‘

وبالمناسبة، هذه المقولة ليست بحديث ولا حتى بأثر؛ وإنما هي مقولة مُلَفّقة ومكذوبة على عليّ بن أبي طالب—رضي الله عنه. فرسالتها وفكرتها ليست من الإسلام في شيء، ولا علاقة لها بفطرة نسائنا ولا ثقافتنا ولا ديننا؛ ولهذا السبب بالتحديد، هي مناسِبة لأشباه الرجال هؤلاء في المعارضة الحالية! كما أنها مطابقة تماماً لحالهم.

حقيقةً، عندما تنظر إلى حالهم، خاصة بعد أن قام الرئيس مُرسي بكل ما في وسعه لهم، داعياً إياهم إلى الحوار أكثر من مرة، آخرها دعوة للحوار يوم ٢٦ فبراير ٢٠١٣ أمام الشعب كله، ببث تليفزيوني على الهواء مباشرة، ومؤكداً لهم أن الانتخابات سيراقِب عليها عشرات الهيئات والمؤسسات المحلية والدولية للتأكد التام من سلامتها من أي تزوير ونزاهتها التامة؛ عندما تنظر إلى حالهم بعد كل هذا، وهم ما زالوا يرفضون الحوار وليس عندهم سوى إفلاس فِكري وأعذار واهية لمقاطعة الانتخابات، قد توافقني أنه حقاً لا يمكن وصف حال أشباه الرجال هؤلاء سوى بهذه المقولة اليهودية: ’يتمنَّعْن...وهُنَّ الراغبات!‘

أما حال الذين يسمعون وينصتون لهم حتى الآن، ولا يلاحظوا مواقف رموزهم المثيرة للشفقة، فلا أدري كيف أصفه. أسأل الله لهم الشفاء من غيبوبة العقل والرشد.

اللهم أرنا جميعاً الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

—ياسين رُكَّه

الاثنين، فبراير 25

تربية إعلام

عجبت لمن يتعجب من عدم قدرة المعارضة أو الليبراليين أو أهل جبهة الخراب على التخلص من الكراهية العمياء تجاه التيار الإسلامي، وهو نفسه—بتاع التيار الإسلامي—غير قادر على التخلص من الكراهية العمياء تجاه طرف ما...سواء شيعة أو أقباط أو إخوان أو سلفيين.

فلنعترف لأنفسنا في التيار الإسلامي أن بعضنا يكن الكراهية لطرف ما، القليل من السلفيين يكرهون الإخوان ومرسي؛ والقليل من الإخوان يكرهون السلفيين؛ والكثير من الجانبين يكرهون الأقباط أو الشيعة أو الاثنين!

هناك أمثلة سيئة في كل مكان وكل مجموعة من الناس في الدنيا؛ هذا لا شك فيه. يعني فيه إخوان فاسدين  وفيه سلفيين متطرفين وفيه أقباط وحشين وفيه شيعة مجانين. ولكن إن ركزنا على كراهية الأفعال والأقوال نفسها التي تخالف الوسطية الإسلامية، لسلمنا من الكثير من المغالاة والكثير من الحقد والكراهية الدائمة التي تأكل قلوب البعض فتحرم أصحابها من الإخلاص الحقيقي في الصلاة ومن التخلق بخلق من بُعِث رحمة للعالمين. من كره الأفعال والأقوال الخاطئة فقط، استطاع أن يكره لفترة مؤقتة، واستطاع أن يرى الأمور من منظور موضوعي عقلاني، واستطاع أن يناقش الآخرين بإقناع وهدوء؛ ونعم، أدرك أن حتى الإقناع والهدوء لا ينفع مع بعض الناس، ولكن يجب على الأقل أن نحاول!

إذا كانت نصيحة الرسول (ص) هي: «أبغض عدوك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما»، فما بالنا بمن هو ليس عدونا! وهل من يشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ولم يرفع علينا السلاح أمام أعيننا بالدليل البيّن، هل يجوز أن يُعتبر مثل هذا عدونا؟

أحياناً عندما تستغرب ما تراه في غيرك، يغيب عنك أن ما فيهم فيك، ولكنك لا تلاحظه. قبل أن تنتظر من غيرك أن يتوقف عن كراهيتك العمياء، اسأل نفسك من تكره في هذه الدنيا؟ اسأل نفسك: هل يمكنني أن أكره فعله وقوله ولا أكرهه هو نفسه؟ واسأل نفسك هل كراهيتك لهذا الطرف أو هذه الأطراف لها أسبابها العقلانية؟ هل رأيت هذه الأسباب بعينك أو رأيت دلائلاً قاطعة لها؟ أم أن أسبابك كلها...لا مؤاخذة...تربية إعلام!

—ياسين رُكَّه

الأحد، فبراير 24

الإعلامِي الإسلامُوفُوبي المُتَأسْلِم

العيب ليس فيه وحده، وإنما أيضاً في عقول فارغة من الإسلام، لم يعد لأصحابها (الجمهور والمعجبين) القدرة لأن تُفرِّق ما بين المُحارب للإسلام والمُشوِّه للهوية الإسلامية تحت قناع فنِّي (ويروه كفنان ومبدع وشخص يُدخِل في قلوبهم السعادة)، وبين المُحِبّ للإسلام الذي يجتهد بإخلاص (ويروه كتاجر دين). عقول فرغت من الإسلام، جعلت قلوباً تتعلق بأعداء الإسلام؛ أصحابها في غيبة يضحكون.

—ياسين رُكَّه

اعطني شعباً بلا إسلام في العقل

كذب النازيّ. بل اعطني شعباً بلا إسلام—في عقله، لا يميز الفاسق ولا يراجع الأنباء، ثم اعطني ميكروفوناً، أعطيك حرباً في عشية وضحاها. أعطيك غنماً، أعطيك عبيداً، أعطيك جنوداً، أعطيك شعبين من الشعب. أعطني شعباً بلا إسلام في العقل، ثم اعطني ميكروفوناً، أعطيك أي شيء.

—ياسين رُكَّه

السبت، فبراير 23

دليل آخر أن أزمات الوقود مخطط لها

ضبط سيارة تهرب ٢ طن سولار بالقليوبية

وزير التموين الإخواني، باسم عودة، يتحدث عن ضبط شحنة أخرى من السولار قبل التهريب، كجزء من حملة الوزارة في مكافحة تهريب السلع الأساسية. عشان اللي كان من كام أسبوع كده بينشر كلام عن ’أزمة الوقود الآتية في مصر‘ والخراب اللي بيتنبأوا بيه تحت ظل الحكومة الحالية؛ عشان يعرفوا إذا المشاكل دي من سوء إدارة، أم من مؤامرات ضد الوطن، وسرقة خطط لها مسبقاً شركاء الإعلام الفاسد الذين يقومون بتخريب الوطن، وينسقون مع الإعلام التصريحات!

—ياسين رُكَّه

لا يغرّنك الكثرة، ولا الصغر

رسم لطريق ينتهي بمفترق طرق، الاتجاه إلى اليمين بزاوية عالية ينتهي بنور متمثل في اللون الأبيض الناصع ويتبع هذا الاتجاه فرد واحد فقط، والاتجاه الأيسر بزاوية عالية ينتهي بظلام متمثل في لون متدرج السواد، ويسلك الاتجاه أعداد كثيرة من الناس

’لا يغرّنك في طريقِ الباطـلِ كَثرةُ الهالكين. ولا يوحشنّك في دربِ الحقِ قِلةُ السالكين.‘—الفضيل بن عياض

نسخة أخرى من هذه الصورة تُنشر في بعض الصفحات الإسلامية؛ لم تعجبني النسخة الأصلية لسببين: طريق أو درب الحق فيها في الناحية الشمال، وخيال الشخصيات باللون الأبيض. قمت بتغيير تلك النسخة الأصلية إلى النسخة الموضحة هنا؛ ترى فيها درب الحق في الناحية اليمنى، نهايته نور؛ وطريق الباطل في الناحية الشِمال، نهايته ظلام. وترى خيال الأفراد باللون الطبيعي.

قال الله تعالى في كتابه الكريم:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}—الحاقة: ١٩. وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ}—الحاقة: ٢٥.

وليس المقصود أن الناحية اليُمنى دائماً هي الصواب أو الخير أو الحق، أو أن الناحية الشِمال دائماً خطأ؛ وإنما في الرسوم والصور البيانية والرمزية، هذه التفاصيل لها تأثير على العقل الباطن، فالأفضل أن تكون الرسالة الضمنية والرمزية في أي صورة مطابقة للحق وللفِكر الإسلامي كما نعرفه من القرآن والسنة.

بعض الناس قد تظن أن هذه التفاصيل غير هامة، ولكني أؤمن أن طريقة التفكير هذه، الاستخفاف بالتفاصيل، هي من أسباب تخلف العرب والمسلمين اليوم؛ إنها نفس طريقة تفكير الشخص الذي يلقي المهملات في الشارع ويقول أن ورقته الصغيرة لن تحوّل الشارع إلى مزبلة؛ وهي نفس طريقة تفكير العامِل في المصنع الذي لا يتقن قياس القطعة التي ينتجها قائلاً أنّ ملّيمتراً واحداً بسيطاً ناقص هنا أو هناك لن يجعل المنتج ناقصاً. وللأسف، هذا هو ما يجعل شوارع بلادنا ملوثة ومتسخة؛ وهو ما يجعل بعض صناعاتنا لا يُعتمد عليها على المدى الطويل.

أرجو أن يأتي اليوم الذي يعي فيه معظم العرب والمسلمين أن التفاصيل في أحيان كثيرة تكون مهمة جداً؛ وأن كل كلمة وكل فعل، مهما صغر، قد يدخل في ردود أفعال متسلسلة، فيؤدي إلى نتائج مهيبة الحجم في النهاية.

لا يغرّنّك الكثرة…ولا الصغر.

—ياسين رُكَّه

كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟

كل كلمة نكتبها ونقولها، سنحاسَب عليها. كل كلمة!

{مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}—ق: ١٨.

أي كلمة نكتبها أو نقولها قد تكون ترساً من أتراس ماكينة الحرب في النهاية، أو أحد أسباب التبسّم في اتفاقية السلام والتعاون؛ أي كلمة قد تدخل في معادلات تسلسلية تؤدي إلى نتيجة لم نكن أبداً نتخيلها عندما كتبنا تلك الكلمة، تماماً مثل القنبلة الذرية، في حجم الثلاجة، ولكن تدخل في ردود أفعال تسلسلية تدمر مدينة بأكملها.

«إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ—مِن رضوانِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ؛ وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ—مِن سخطِ اللهِ، لا يُلقي لها بالاً، يَهوي بها في جهنَّمَ!» الراوي: أبو هريرة | المحدث:السيوطي | المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: ٢٠٦٠ | خلاصة حكم المحدث: صحيح.

وكل من قال ’لا إله إلا الله‘ (وإن علمنا أنه لا يؤمن بها!) دمه حرام على المسلم. فقبل أن تكتب كلاماً أو تنشر صوراً تزيد الكراهية ضد الشيعة، وتحث على معاداتهم، وتمهد الطريق إلى حرب ضدهم، تُراق فيها دماء من الجانبين تؤمن بلا إله إلا الله، تذكر آيات الله وأحاديث الرسول، واعلم أنك لا يجب أن تكون من يطلق الرصاص أو يستخدم النصل في القتل؛ إن كنت ممن تسببت في بدء الحرب بلسانك وقلمك، فأنت مسئول وقتها. وكلمة لا إله إلا الله وحدها ستكون خصمك يوم القيامة بجانب الشيعي الذي تسببت في قتله بكلمة منك، بدلاً من أن تدعو إلى الحوار معه.

«أجمع لي نفراً من إخوانك حتى أحدثهم. فبعث رسولاً إليهم. فلما اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس أصفر. فقال: تحدثوا بما كنتم تحدثون به. حتى دار الحديث. فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه. فقال: إني آتيكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله؛ وإن رجلاً من المسلمين قصد غفلته. قال: وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد. فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله. فقتله. فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فأخبره. حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع. فدعاه. فسأله، فقال: ”لم قتلته؟“ قال : ’يا رسول الله، أوجع في المسلمين. وقتل فلاناً وفلاناً. وسمى له نفراً. وإني حملت عليه، فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله.‘ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”أقتلته؟“ قال: ’نعم‘. ”فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟“ فجعل لا يزيده على أن يقول: ”كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟“» الراوي: جندب بن عبدالله | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: ٩٧ | خلاصة حكم المحدث: صحيح.

”كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟“

”كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟!“

كم سئمت الجهل

”كم سئمت الجهل وقناعة الجاهلين به. ما كرهت في الدنيا أكثر من الظلم والجهل والكِبر؛ فإن اجتمعوا، قتلوا. أسالوا الدماء أنهاراً.“—ياسين رُكَّه

محاولة أخرى لكبح جموح كراهية الشيعة

كتبت على إحدى الصفحات، تحت موضوع يضع الاثنين، الإخوان والشيعة، أمام مدفع الكراهية:

أنا مشترك في الصفحة، يعني أؤمن بوجود بعض المؤامرات السياسية تحت مظلة الربيع العربي الحالية. وفي نفس الوقت مؤيد للمشروع الإسلامي السياسي في المنطقة، وخاصة مصر؛ وأغار على ديني وتطبيقه بكليّته وشموليّته. هذه الخلفية ذكرها مهم، لأني سأقول أن أختلف معكم في بعض الأمور أيضاً. أختلف مع الكثير في قضية الإخوان؛ فأنا أؤيدهم حتى الآن، ولم أرى دليلاً واحداً قاطعاً أو حتى شاهداً مقنعاً أنهم ليسوا مخلصين، دعك من شريرين أو موالين للشيعة! وثانياً، أنا سنّي وليس لي أي انتمائات حزبية أو سياسية أو دينية، ولكني في نفس الوقت مختلف معكم ومع الكثير من المسلمين، ممن لا يؤمنون بالمؤامرات من الأصل، ولكن سبحان الله تجدهم يكرهون الشيعة بسبب الإشاعات التي يسمعونها؛ يعني أختلف مع الكثير في هذه الكراهية العمياء التعميمية للشيعة.

يا إخواني، [بعض] أئمة الشيعة يتطاولون على الصحابة؛ وأضع عشرة خطوط تحت كلمة [بعض]، لأنه من التطرف الفِكري والمبالغة الجاهلة المتهورة أن نعمم. بعض الشيعة يقوم بشعائر متطرفة ليست من الإسلام في شيء. ما المشكلة الاستثنائية في هذا؟ ألا يوجد عندنا، في بلاد وأهل السنة، أئمة متطرفون فِكرياً؟ ألا يوجد عندنا جهلاء يعبدون أهل المقابر؟ فالكثير من عيوبهم موجودة فينا!

وأنتم، هنا، على هذه الصفحة، ألا تؤمنون أن قيادات الدول هي الفاسدة ومن أفسدت الدولة بالإعلام الفاسد المضلل؟ فلماذا لا تطبقون نفس المبدأ على الشيعة؟! قيادات كثيرة في بلاد الشيعة فاسدة، ولكن تحدث مع الشيعي البسيط، المواطن العادي، واسأله إذا كان يسب الصحابة أو يسب عائشة! اسأل الشيعي البسيط إذا كان يؤمن بقتل السنيين وأي شخص في الدنيا اسمه عُمَر! شيء عجيب أن نأخذ فيديوهات من يوتيوب لخمسة شيوخ شيعة، ولشعائر تقوم بها قبيلة محددة من أهل الشيعة، ثم ننشرها ونقول: ’انظروا على الشيعة‘! وعندما يفعل السياسيون الأمريكيون نفس الشيء ضد المسلمين كلهم، كي يغسلوا أمخاخ الشعب الأمريكي، نشتكي ونتظاهر ونقول بروباجاندا وغسيل مخ. فعلاً، سبحان الله على ازدواجية المعايير التي لا يسلم منها أي إنسان اليوم—على ما يبدو.

يا إخوة، أدعوكم إلى بعض الإنصاف وبعض الوسطية؛ ابتعدوا عن التعميم والتطرف في الآراء والأفكار. وإني لست بصدد دعوتنا أن نصاحب الشيعة، ولكن يا إخوة على الأقل نركز على عدونا المشترك، الصهيونية العالمية والرأسمالية الروثتشايلدية العالمية، ثم عندما نأمن على الأمة الإسلامية كلها، سنة وشيعة، من هذا الخطر وهذا العدو المشترك، وقتها نجلس مع قيادات الشيعة ونتحدث عن مشاكلنا واختلافاتنا! أو نعادي الشيعة حتى، إن شئتم وقتها! ولكن على الأقل نكون أمِنَّا على أمتنا الإسلامية كَكُل من عدونا المشترك.

ونعم، أعرف أن الكلام الموضوعي أحياناً لا جدوى منه مع [بعض] الناس، لأن الرد على هذا الكلام جاهز عندهم، خاصة من المتطرفين في البحوث المؤامراتية: الشيعة موالون للصهاينة! ولكني، ومع إيماني بوجود بعض المؤامرات بالفعل، لا أتطرف فِكرياً إلى الحد الذي يجعلني أردد اتهام شنيع مثل هذا ضد موحدين يؤمنون بالله ورسوله. هدانا الله جميعاً إلى الحق ورزقنا اتباعه.

هذه أمثلة التعليقات التي كتبها بعض المسلمين المؤيدين للمشروع الإسلامي، والمفترض أنهم أكثر عِلماً في الإسلام من الليبراليين والعالمانيين:

’ياسين انت عايش في كوكب تاني البوست بيحكي عن ناس اتقتلت من الروافض بسبب ان اسمهم عمر يبقى لو اتمكنوا من رقابنا هيعملوا فينا ايه .....اصمت يرحمك الله‘

خُد بالك من القناعة: قُتِلوا لأن اسمهم عُمَر! والله العظيم إني لأضحك على الكلام! أكاد لا أصدق أن سذاجة البعض وصلت إلى هذا المستوى! يعني لا وجود أصلاً عندهم لاحتمال أن هناك من فعل هذا فقط كي يضع بذرة وجود هذا التطرف في الشيعة، وأن من فعل هذا وخطط له من الأصل لا هو بشيعي ولا مسلم من الأصل! لا وجود عندهم لهذا الاحتمال على الإطلاق.

’ياسين دين الشيعه سب ام المومنين والصحابه وقتل المسلمين والاجزام بان ابي بكر وعمر وزوجات النبي في النار والشهاده عند الشيعه للدخول في دينهم ان يسب ويلعن الصحابه انت جاي تمثل علينا يا عم فوقوا بقي‘

وانظر إلى الفِكر واختيار الألفاظ: ’دين الشيعة سب‘...أصبح الدين نفسه، وهو ليس بشخص ولا يمكنه الكلام، بل الدين هو منظومة من الشعائر والإيمانيات والسياسات والقوانين والقواعد، أصبح الفِكر نفسه، الغير مشخصن، قادر على السب والشتيمة!

’ياياسين هما بياخدوا دينهم وعقيدتهم من الائمة بتوعهم مش من القران ,,وصعب جدا جدا وصول اى رجل دين عندهم لمكانة الامامة لازم يمر بأمور عديدة صعبة جدا وسب الصحابة وامهات المسلمين دى مش تطرف دى فى صلب عقيدتهم وكل الطقوس الشيعيه بيمارسها الشيعة كلهم باختلاف طبقاتهم المجتمعيه .يعنى لو مش عمل كدا يبقى كافر بالنسبة للمذهب الشيعى .الدين كله عندهم محرف ياياسين ,الازهر طلب من نجاد فى زيارته لمصر باصدار تشريع يحرم سب الصحابة وزوجات الرسول وهو رفض الطلب لانه اخلال بعقيدته الشيعية ومش مجرد تطرف او اختلاف فى وجهات النظر فى بعض امور الدين ددددددددددددى عقيدة عندهم .‘

لاحظ أيضاً عجب العجاب في التعليق أعلاه...عجب العجاب: أصبح المسلم، الذي يوحد الله ويؤمن برسول الله، لا يأخذ دينه من القرآن! ومش بعضهم، لا [كلهم]...كلهم كده! وصاحب التعليق يعرف يقيناً أن وصول الشيعي للإمامة لا يأتي بدخول الجامعات الإسلامية في بلاد الشيعة، وحفظ القرآن وتعلم الحديث، لا، بل يأتي بطقوس عديدة صعبة جداً (وكأنهم مجتمع سري ماسوني!)، وأحد هذه الطقوس بقه...يأمره أن يردد خلف الإمام الشيعي الأكبر بترنيمة سبّ الصحابة وآل البيت! فعلاً، كأننا نشاهد فيلماً عن المجتمعات السرية والماسونيين، وليس عن الشيعة! لا، وإيه، سبّ الصحابة...أصبح من [العقيدة]! العقيدة يا خلق هُوه، مش مثلاً جزء من السيرة النبوية واختلاف على بعض الأحداث التاريخية، لا، لا، ده جزء من العقيدة...يعني جزء من الإيمان بالله، وهوية الله، وصفات الله وكده...جزء من الكلام ده، سب الصحابة! لا حول ولا قوة إلا بالله. وكافر عندهم اللي ميشتمش الصحابة! الناس دي بتجيب القصص دي منين!!!!!!! نفسي أفهم! نفسي الناس دي تروح تزور إيران سياحة كده، تدخل مساجد هناك، وتتكلم مع الإيرانيين عربي أو إنجليزي، وتتعرف عليهم، وتشوف أفكار المواطن الشيعي العادي، وتروح الجامعات الإسلامية في إيران، ويتكلموا مع الأساتذة هناك، ويدخلوا كمان محاضرات باللغة العربية أو الإنجليزية عشان يسمعوا اللي بيتقال...ثم يرجعوا مصر، ويشوفوا كده لو لسه متأكدين إن الشيعة هم شياطين الإنس في الأرض!

عجبت لك يا مسلم! ثم عجبت لك يا إنسان. ولم أعجب للزمن، فإن الله هو الدهر، كما في الحديث الصحيح.

—ياسين رُكَّه

حرفنة الإعلام في تلطيخ الإخوان

لفت انتباهي أحد أصدقائي إلى شيء لم ألاحظه في تطور الأحداث ودينامية المواجهة ما بين الإعلام والتيار الإسلامي كَكُلّ، والإخوان بالأخص: في بداية الانتخابات وقصة التطور السياسي في مصر بعد الثورة، كان الإعلام يركز بشدة على السلفيين في السياسة والإعلام الإسلامي، ويتصيّد لهم الأخطاء، بل وأحياناً يتصيّد لهم أي تصريحات أو أفعال من السهل إقناع الجماهير الليبرالية أو العالمانية أو حتى القليلة العلم بالإسلام أنها أخطاء وتصريحات متطرفة وإلى آخره.

إن تتذكروا، من قام برفع الأذان في البرلمان كان من الإخوة السلفيين؛ موضوع عملية التجميل، نفس الكلام؛ تهمة فعل فاضح في مكان عام، كذلك. فما هي النتيجة؟ تلطيخ سمعة التيار الإسلامي كَكُلّ، وبأسهل طريقة ممكنة، لأن جماهير ليبرالية أو قليلة العلم بسهولة جداً تكره تصريحات أو أفعال عندما تقنعها أنها متطرفة. ثم بعد كل هذا، تتصدر الإخوان كجماعة وكحزب أغلبية سياسية المشهد السياسية في مصر...وإيه؟ وتشيل الليلة!

يعني إن لاحظتم، يكاد لا يوجد أي نقد اليوم أو فضائح من الإعلام اليوم ضد السلفيين! موضوع المتحدث الرسمي للرئيس، علم الدين، ده لم يأتِ من الإعلام؛ وإنما المكتب الرئاسي نفسه ثم من تصريحات القيادات السلفية، ثم بعد ذلك استغله الإعلام؛ خُد بالك. ولكن اليوم، مين اللي شايل الليلة كلها إعلامياً؟ الإخوان. ويكاد يكون مفيش أي نقد أو كلام على السلفيين! بل بالعكس، بيعملوا تحالفات مع ليبراليين واشتراكيين وغيرهم! فجأة، أصبح الفِكر الأحوط (وهو المعروف بالأكثر تشدداً عند بعض الناس) حلو وجميل وتمام؛ والإخوان هُمَّ اللي كِخّة ووحشين! ليه؟ أصلهم حزب الأغلبية. يعني إيه أغلبية؟ ما تيجي نتكلم بالأرقام: حوالي ٥٠% في البرلمان إخوان، وحوالي ٢٠% سلفيين. طيّب، هل المعادلة دي تستحق إن الكلام كُلّه إنهارده يتحول من ’الإسلاميين وحشين‘ إلى ’الإخوان وحشين‘، والسلفيين دُول حبايبنا أو مش حنتكلم عليهم خالص؟

واللعبة اللي أثارت انتباهي في الحكاية دي كلها هي أسلوب الإعلام فيها! قمة الحرفنة في غسيل أمخاخ الجماهير ورسم الصورة المستقبلية المستهدفة في عقولهم! استغل بعض [السلفيين] في تلطيخ سمعة [التيار الإسلامي] كله أو [الإسلاميين]، ثم كرر على الناس إن [الإخوان] هُمَّ [الأغلبية]، ثم اسكت عن السلفيين وعن الإسلاميين، وابتدي شغّل اسطوانة الإخوان لوحدها.

مش بأقولكم...حرفنة! :)

بس يا ريتها كانت في الخير.

—ياسين رُكَّه

ابتلينا بقوم

رداً على المقولة المنسوبة لابن سينا، ’ابتلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد غيرهم‘، اللي فرحانين بيها بعض الليبراليين قوي، أقول: وإحنا ابتلينا بقوم يفضلون شارب الخمر على الملتحي! وابن سينا...كان ملتحي. يفضلون السفور على الحجاب. ثم يقولون أنهم مسلمون. كذبوا. ابتلينا بقوم جهلاء منافقين كاذبين.

—ياسين رُكَّه

كن نفسك ولا أحد غير نفسك، وكن أفضل كل يوم

تعليقاً على الحكمة الصحيحة: ’لا تحاول أن تكون شخصاً آخر‘. والحكمة سارية سواء الأمر يتعلق بآخرين أو هو شيء داخليّ. لا تحاول أن تكون شخصاً آخر، بل كُن «أنت» وفقط أنت، وكن أنت أفضل كل يوم مما كنت عليه البارحة.

وأضف إلى هذا مُلحق، للأسف الكثير من الناس وخاصة الشباب يحتاج أن يسمعه اليوم: أحياناً ’أنت‘ قد تكون مخطئ في الكثير، أحياناً ’أنت‘ قد تكون في حالة أداء سلبي وغير جيد على الإطلاق، وبغض النظر عن هذا، ’أنت‘ لن تكون أبداً كامل الأوصاف؛ يعني في كل الأحوال، يوجد مساحة كبيرة لكل منا أن يتحسن...أن يكون نسخة مطورة وأفضل وأجمل بكثير من نسخته الحالية. وبناءً عليه، يجب أن ترى الفرق واضحاً بين شخص يشترط عليك أن تكون شخصاً آخر كي يقبلك، وشخص يشترط عليك أن تكون أفضل اليوم كي يعطيك الحب (أحياناً هذا الشخص للأسف الشديد يكون الأب أو الأم)، وشخص يحبك كما أنت ولكن يريدك أن تكون أفضل. هؤلاء ثلاثة أشخاص مختلفون؛ يجب عليك ألا تجعل أول اثنين يؤثران عليك سلبياً، ويجب أن تتمسك بالثالث وتشكره وتعطيه الإشارة الخضراء لأن يظل يدفعك إلى التحسن، طالماً أنه يحبك ولا يمنع عنك الحب حتى تتحسن أو تتغير.

نقبل أنفسنا، نعم؛ نحب أنفسنا، نعم؛ ولكن دائماً نرى مساحة التطور في أنفسنا، ونشكر محبّينا إن لفتوا أنظارنا إلى مناطق تحسن لم نكن نراها.

—ياسين رُكَّه

أمثلة من تأثر المسلمين بالعالمانية والإسلاموفوبيا

كتب أحدهم: ’الحريه هي ان يمتلك الفرد الحريه الكامله في الاختيار والتصويت بدون توجيه وبدون ضغط‘: مزج حق مع باطل. الحق في الحرية الكاملة في الاختيار والتصويت، وأن ’الضغط‘ يفسخ الحرية أو يبطلها؛ أما الباطل فهو زعم أن ’التوجيه‘ يفسخ ويبطل الحرية! من قال بهذا أصلاً؟ من قال أن توجيه الناس وإعلامهم يبطل الحرية؟ هذا إدعاء لم أقرأه أبداً في أي كتاب أكاديمي أو فلسفي أو حتى ديني؛ لم أسمع هذا سوى في إعلام غسيل المخ.

ثم للأسف الشديد، يبني الأخ استنتاجاته كلها على هذا الجزء الباطل. فانظر إلى اختيار الكلمات في عبارة: ’قيام الاخوان بتعبئة الاوتوبيسات [وتوجيه] الشعب البسيط للتصويت‘. ما المشكلة في أن يقوم الإخوان بشجيع الناس على التصويت بدلاً من التكاسل أو الصمت أو السلبية؟ ما المشكلة في أن يقوم الإخوان بتيسير عملية التصويت للمحتاجين، بتوفير حافلات نقل لهم؟ ما المشكلة في أن يقول الإخوان للناس أنهم يهدفون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية (وهو ما حدث بالفعل قدر الإمكان في الدستور المبدئي، وحتى المادة الثانية التي كان عليها قولان بسبب كلمة ’المبادئ‘، قاموا بتوضيحها في مادة جديدة...يعني أثبتوا أنهم يهتمون بالشريعة وتوضيح معناها بالفعل)، وأن يستخدموا كل الطرق الإعلامية المناسبة لتوعية الناس بأهداف حزبهم، الحرية والعدالة، وخططهم؟ أليس هذا ما يقوم به أي حزب سياسي في أي دولة أخرى، بما فيهم الدول المتقدمة؟ ما المشكلة في أي من هذا؟ لا يوجد أي مشكلة، سوى في الإعلام الفاسد الغاسل للأمخاخ، ومن تم غسيل مخه بالفعل، فأصبح يرى السياسة من منظور عاطفي انفعالي ضبابي، بدلاً من منظور عملي موضوعي عقلاني.

وانظر إلى اختيار الألفاظ مرة أخرى: ’مرورا باستغلال المساجد ورفع راية الدين في الدعاية‘. استغلال؟ هل أصبح تعليم الناس وتوجيههم إلى الحق في خطب المساجد ’استغلال‘؟ من أين أتى هذا الفِكر من الأصل؟ ’رفع راية الدين في الدعاية‘؟ أُمَّال عايز حزب إسلامي يرفع راية إيه؟ راية العالمانية؟ راية الليبرالية؟ تحب يرفع راية الاشتراكية أو الإنسانية؟ يرفع راية إيه بالظبط حزب إسلامي؟ ما أكيد لازم يرفع راية الإسلام! وإيه كلمة ’الدين‘ دي؟ عارف جات منين؟ جات من اللي معندوش دين أصلاً، أو كافر بالدين، أو دينه محشور في ركن مظلم للشعائر التعبّدية في محراب عبادة، وعمره ما بيخرج دينه منه...يعني واحد دينه غير دين الإسلام. يعني واحد قبل إن العالمانية تركب دينه وتدلدل رجليها كمان. عايزنا نبقى كده؟ عايز الإسلام يتحول لكده؟

ما لازم نرفع راية الدين في السياسة، لإن دين الإسلام يخرج منه سياسات اقتصادية واجتماعية وعسكرية وتجارية و...و... سياسات كثيرة تجتمع فتكون السياسة الإسلامية في إدراة شئون الدولة المسلمة والمجتمع المسلم.

يا ريت يا جدعان لما كل واحد جاهل يقولك ’رفع راية الدين‘، وقفه عند حده وقولُّه: لا يا حبيبي، ما تستخبّاش ورا كلمة الدين العايمة دي؛ اتكلم بالتحديد كده وقولِّي إيه اللي مش عاجبك. إحنا مش بنرفع راية ’الدين‘، إحنا بنرفع راية الإسلام. فلمّا يبقى مش عاجبك اللي بيحصل، خليك مباشر كده واسترجل وقلها صراحة: مش عايز حد يرفع راية الإسلام. ماشي؟ ما تستخبُّوش ورا كلمة ’الدين‘ حياة أبوكم.

سبحان الله، ويقول كاتب كل الكلمات المقتبسة أنه مؤيد للمشروع الإسلامي! أي تأييد للإسلام يأتي من عقل يفكر بهذه الطريقة العالمانية، وهذه الإسلاموفوبيا المقنعة الخفيّة؟

أسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى الحق ويرزقنا اتباعه.

—ياسين رُكَّه

الشعب عَمَل والشعب سَوَّا والشعب قال

كتب د. أحمد جلال، وهو أخ أحترم آراءه وتحليلاته السياسية جداً: ’في تيارات في البلد عاشت سنيين فاكرة نفسها أغلبية على الأرض‘.

فكان تعليقي: لغاية إنهارده..أُمَّال هُمَّ بيتكلموا باسم الشعب ليه؟ عشان فاكرين نفسهم فعلاً يمثلوا الشعب.

وحنروح بعيد ليه؟ صحابي القاهراوية اللي كارهين الإخوان—وأحياناً التيار الإسلامي كله، فاكرين إنهم يمثلوا الشعب. لما بيتكلموا عن فشل الإخوان الذريع وكراهية الإخوان، مش بيقولوا ’إحنا كرهنا‘ قدر ما بيقولوا ’الشعب خلاص كرههم‘. ويا ريتهم مثلاً زي حالاتي برّه مصر، فنقول مش واخدين بالهم من واقع الشارع المصري (دي أصلاً الاسطوانة اللي كثير منهم بيقولهالي ساعات عشان يبرروا مساندتي للإخوان، إني مش شايف حال مصر وبتاع)، لا، دُول عايشين في القاهرة. ولكن يبدو إن قوقعة أو فقاعة القاهرة أعطتهم انطباع غير دقيق بالمرة عن مصر. وفعلاً، نرجع لصندوق الاستفتاء مثلاً، تلاقي إن حتى الاسكندرية أغلبها قال نعم للدستور. القاهرة كانت أكثر مدينة تقطر بآراء الليبراليين وأصواتهم من كل جانب. القاهراوية والنخبة فاكرين إنهم يمثلوا مصر. ها! هاها!

أنا متربّي في القاهرة على فكرة. :)

—ياسين رُكَّه

هل قوات الأمن في مصر تابعة للحكومة اليوم؟

لا يا شريك الوطن، هذا ليس ما يقوله الواقع؛ بل هذا ما يقوله الإعلام الفاسد وإشاعات الفوتوشوب والمواقع الاجتماعية، وما يقوله الوضع ’الرسمي‘ للوطن. ولكن الفرق بين الواقع والصورة الرسمية شاسع!

الوضع الرسمي هو أن الأجهزة الأمنية تابعة للحكومة، نعم؛ ولكن الواقع غير هذا تماماً. واقع مصر اليوم هو أن أنياب الدولة ليس تحت سيطرة الرئيس أو الحكومة. بالله عليك، إذا كانت المخابرات والجيش والأمن القومي والشرطة تحت سيطرة الحكومة أو الرئيس، هل كنا سنرى كم التطاول والإسفاف والإتلاف لقصر الرئاسة ومباني ملك للدولة أخرى هكذا؟ هل كان الرئيس أو حزب الحرية والعدالة سيتركوا البلطجية والعصابات المقنعة ليمرحوا فساداً في البلاد وإرهاباً للناس وقطعاً للطرق وتعطيلاً للمصالح العامة؟ هل حالة عدم الاستقرار في الوطن تصب في صالح الرئيس أو الحرية والعدالة أو الإخوان؟

يا إخواني، بالله عليكم، بالله عليكم، فكّروا بعقولكم! قوات الأمن كلها في مصر اليوم خارج سيطرة الرئيس والحزب الحاكم؛ بل إن قوات الأمن في خصومة مع الحزب الحاكم. أتظن أن قوات أمن كانت تمنع قانوناً حرية شخصية مثل إطلاق اللحية، فقط لأنها من مظاهر السنة والتدين والإسلام، فجأة وفي يوم وسنة، سوف تتصالح مع حزب حاكم إسلامي؟ هذه خزعبلات! إن قوات أمن الوطن، من مخابرات وإلى شرطة، هي مؤسسات عالمانية قلباً وقالباً، بل وبعضها يكره ويخشى دخول الإسلام فيها. فشيء طبيعي أن تكون هذه القوات في خصومة كامنة خفية ضد الحزب الإسلامي الحاكم، والمشروع الإسلامي كله. وطبيعي أن ترى قوات الأمن هذه حالة عدم الاستقرار في البلاد شيء مفيد لها تحت ظل حكم إسلامي، حتى يجبروا الشعب بالضغط النفسي مع الوقت على رفض هذا النظام. ولكن إن ساعدت قوات الأمن النظام الإسلامي الحاكم على حماية الوطن واستقراره، فهذا سيؤدي إلى تأييد أكثر للأحزاب الإسلامية مما هو متواجد الآن؛ وهذا ليس ما تريده قوات الامن العالمانية. هذا هو التحليل المبسط جداً للوضع في مصر اليوم.

وكما ذكرت يا شركاء الوطن، لا أقول لكم تعالوا لتساندوا المشروع الإسلامي أو الإخوان أو الأحزاب الإسلامية؛ بل أعطيكم الاختيارين: إن أردتم أن يهتم أحد بقضايا الاعتقال العشوائي هذه، فإما أن تقولوا أن المتهم هو الأحزاب الإسلامية فقط أو الإخوان، وقوات الأمن دُول زي الفل وحلوين، ووقتها تجدوا الإعلام وقوات الأمر تحت أمركم...وإما أن تبرئوا الرئيس والحزب الحاكم مما يحدث، وتزيدوا الضغط على قوات أمن الوطن، سواء مخابرات أو جيش أو أمن قومي أو شرطة، كي يتعاملوا مع الشعب والوطن بشرف وجدية أكثر من هذه، وألا يورطوا معهم الحزب الحاكم فيما يقصرون فيه. الاختيار اختياركم يا شركاء الوطن، بغض النظر عن توجهاتكم الدينية أو السياسية أو الفِكرية.

—ياسين رُكَّه

الجهل النقاشيّ في أمتنا

من مظاهر الجهل الشديد في النقاش والحوار في أمتنا هي استنتاج كلاماً على أمزجتنا، لم يقله الشخص الذي نحاوره. مثلاً، يقول الشخص أن نسبة الأمّيين في الريف المصري كذا وكذا، ثم يردد المذيع بعده ’يعني كل الفلاحين في مصر أميين؟ لا حول ولا قوة إلا بالله‘، وهو إما مذيع جاهل أو أنه يريد أن يضع كلاماً على لسان الضيف لم يقله الضيف؛ أو تجد الجرائد العربية في اليوم التالي منشورة بعنوان مثل ’المسئول الفلاني في الحكومة يفجر تصريحاً بأن الفلاحين أميين!‘ ومثال آخر نراه بكثرة في الإعلام والشارع عامة هو أن يقول الناقد ’هذا فِكر عَالَمَاني، ولا يمتّ أصلاً للأكاديمية بصلة‘، فيكون رد فعل الطرف الآخر على وتيرة ‘وتتهمني أني عَلَمَاني؟! سنترك لحضرتك الأكاديمية والعِلم في كل شيء!‘

شيء فعلاً مخزي؛ شيء يُرثى له ويقطر جهلاً. وبالمناسبة، عندما يقوم مشاهير الإعلام وتقوم الجرائد الكبيرة بمثل هذه الأفعال، فماذا تنتظر من المواطن البسيط الذي يناقشك أو يتحاور معك في قضية ما؟ ما هو وقتها، هذا المذيع المشهور وهذه الجريدة الكبيرة تعتبر بمثابة القدوة في نظر المواطن البسيط، وهو يقلدها! هذه هي الحقيقة. المواطنون البسطاء يبحثون عن أي مثال يقلدونه، لأنهم نشئوا على ذلك؛ بل وهذه هي الطبيعة البشرية الاجتماعية التي يقل جداً من يقاومها؛ إنها فطرة اجتماعية بحتة أن نبحث عن مثال أو قدوة نحتذي بها، كي نشعر بالانتماء والوحدة الروحية مع من حولنا. فإن لم نعرف تفاصيل كافية عن قدوة حقيقية مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فماذا تظن أننا نفعل؟ إننا نبحث عن أي قدوة أو مثال آخر! فإن لم يجد المواطن مثالاً يُحتذى به في الحوار والنقاش وتفسير ما يقوله الطرف الآخر، فماذا سيفعل؟ بالتأكيد سيستخدم أول مثال أمامه في الحوار والنقاش؛ وما هو أول مثال في الحوار والنقاش يمكنك أن تجده في عالم اليوم؟ مذيع على شاشة التليفزيون يفسر ويعيد كلاماً ويناقش ضيفاً ما!

فعندما يكون أسلوب هذا المذيع بهذا الجهل والتخلّف أو بهذا الخبث والتزوير المخزي، فما الذي سيلتقطه المشاهد؟

ما ذكّرني بهذه القضية، بعد سيل من الفيديوهات—على يوتيوب—المنشورة بعناوين مبالِغة أو مُضَلِّلَة جداً ولا علاقة لها بمحتوى الفيديو خلال الشهور الأخيرة، هو فيديو يُنشر هذه الأيام عن استهزاء جمال عبد الناصر ومن حوله بالحجاب وبالثقافة الإسلامية التي تمنع الفن السافر؛ وبالرغم من أني أعي جيداً أن عبد الناصر كان يحارب شريعة الله، ويعذّب الإخوان المسلمين في المعتقلات، وساعد في استوطان إسرائيل بحركة في منتهى الدهاء وهي إرسال يهود مصر إلى إسرائيل تحت ستار إعلامي من ’طرد اليهود من مصر‘ (ويا له من دهاء سياسي إعلامي!)، إلا أن كل هذا لا يعني أن أبالغ أو أكذب في تصريح قام هو به.

كان هذا تعليقي على الفيديو:

عنوان الفيديو مضلل ويضع كلاماً على لسان عبد الناصر هو لم يقله، فللأسف لا أستطيع إعادة النشر، لأن هذا هو نفس أسلوب المعارضة وإعلام الكذب والدعارة السياسية الذي يضع كلاماً وهمياً على ألسنة الرئيس وساسة الأحزاب الإسلامية؛ فلماذا نقبل على خصومنا ما نرفضه على أنفسنا؟ لا لازدواجية المعايير، ونعم للخصومة الشريفة.

وهذا ليس دفاعاً عن عبد الناصر بالتأكيد؛ هذا الرجل كان محارباً لشريعة الله بما لا يدع مجالاً للشك، وعذب الكثير من الإخوان في المعتقلات؛ ولكن كل هذا لا يبرر أن نتبع نفس أسلوب خصومنا في وضع كلام على لسان الغير هو لم يقله. هذه ثقافة جاهلة كاذبة، أرجو من العرب نبذها وتركها، لأنها حقيقة تخلف ثقافي ومستوى متدني في الحوار، أعاني منه شخصياً مع الكثير من الناس ممن يستنتج كلاماً على مزاجه مما أقوله، ثم يقوّلني كلاماً لم أقله. الله يهدينا جميعاً.

—ياسين رُكَّه

الثلاثاء، فبراير 19

سياسات الإخوان وقيادات السلفيين وقضية الشيعة

سياسات الإخوان وقيادات السلفيين وقضية الشيعة

(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي إن أردته)

بسم الله، والحمد لله.

تأملت في الأحداث الأخيرة، مواقف قيادات حزب النور السلفيّ، التي بدا منها أنهم على استعداد للتحالف مع قوى خارج التيار الإسلامي حتى عندما تكون في معارضة الحكومة الإسلامية الحالية. صاحب تلك المواقف تصريحات المتحدث الرسمي للحزب، نادر بكّار، المتحاملة والناقدة بحدة للحكومة والرئيس، بل وأحياناً، تصريحات تطالب مسئولاً في الحكومة مباشرة بالاستقالة. خذلت تلك المواقف والتصريحات الكثير من الجماهير المؤيدة للمشروع الإسلامي كَكُلّ، وأدت إلى مشاعر خيبة أمل في قيادات حزب النور.

والبعض يفهم أن هذه المناورات السياسية والتصريحات، التي يعتبرها البعض مخزية، ما هي إلا ضربات تحت الحزام واستغلال غير شريف للظروف والجو السياسي في الوطن. ولماذا؟ من أجل مكاسب سياسية بالية، يبدو أن قيادات حزب النور تظنها هامة. ولماذا قد تكون تلك المكاسب هامة من منظورهم، على الرغم من أنهم مسلمين المنهج قبل أن يكونوا سياسيين؟ مثلاً، لأنّ منهجهم السلفي أفضل وأصح من المنهج الإخواني، من منظورهم! فيستحق منهجهم كل المناورات والحيل المخزية من أجل إعطائه التمكن السياسي أو السلطاني. وكأن الأمة الإسلامية، خلاص، تخلصت من كل مشاكلها الخارجية، وتغلبت على أعدائها الأجانب، فلم يتبقى سوى النزاع الداخلي على السلطة السياسية لنشر المنهج والفِكر الإسلامي ’الأصحّ‘!

ولمن يؤيد هذا التحليل أو الرأي، أقول أننا قد نتفق في هذه النقطة، ولكن نختلف في نقطة أخرى ذات صلة، وهي متعلقة بإيران والشيعة. من حيث أقف فِكرياً اليوم، أرى أن الكثير في التيار الإسلاميّ ينظرون إلى الشيعة بطريقة أراها مشابهة بعض الشيء لطريقة نظر قيادات حزب النور السلفي إلى الإخوان. قد تكون هذه العبارة مفاجئة للبعض، ولكني سأشرح وجهة نظري: أدرك أن الشيعة قد يكون لهم خطط للتوسع ونشر عقائدهم وتعاليمهم؛ أدرك أن بعض أئمتهم، ولا أقول كلهم، بعضهم يتطاولون على بعض الصحابة؛ ولكن، إيران على الأقل لا تعترف بالكيان الصهيوني وتنتقده وتهاجمه في كل المؤتمرات الصحفية العالمية؛ فعلينا أولاً التركيز على أعداء الأمة الحقيقيين، ثم بعدها نلتفت لاختلافاتنا مع الشيعة ونتحاور معهم ونطالبهم بكذا وكذا. وإن خشينا على بلادنا منهم، فعلينا أن نمنع أي انتشار رسمي لهم، وأن نُعلّم أهل بلادنا المذهب السني بلا كراهية ولا تخويف من الطرف الآخر. ولكن ما أراه أحياناً هو أن هناك سُعار ورعب اسمه الشيعة في صفوف التيار الإسلامي وأهل السنة. سبحان الله، مع أنهم في النهاية موحدين ومؤمنين مثلنا برسول الله (ص)، وعدونا وعدوهم واحد. ألا تعادي إيران كدولة أمريكا المحتلة للعراق وأفغانستان؟ وتعادي إسرائيل المحتلة لفلسطين بل ولا تعترف بالكيان الصهيوني من الأصل؟

ولا أقول نصادقهم، وإنما أقول نركز على ما يجمعنا بهم، وخاصة العداء للمحتل الإسرائيلي والغربي في أراضي الإسلام. وبعد أن ننتهي من أعداء الإسلام، نلتفت للخصومات الداخلية (إن تبقت أصلاً!).

فمن يتعجّب مما يحدث من قيادات حزب النور تجاه الإخوان وحزبهم الحاكم، وهي مواقف مخزية للمشروع الإسلامي كَكُلّ، فعليه أن يراجع مشاعره وتوجهاته هو نفسه تجاه الشيعة، وما يعنيه هذا للأمة الإسلامية وقدر وحدتها أمام المحتل الصهيوني.

فرسالتي هنا هي: إن أردت أن تفهم الأسباب المحتملة لمواقف قيادات حزب النور ضد الحزب الإخواني الحاكم، فانظر في نفسِك وابحث عن أسباب عدائك للشيعة وإيران. قد تقول أن أسبابك متعلقة بما يقوله الشيعة عن الصحابة، ولكني سأسألك: هل سمعت كل الشيعة يسبّون الصحابة؟ أم أنك شاهدت بعض الفيديوهات؟ فإن كان كل ما تعرفه يأتي من بعض الفيديوهات والإشاعات، فلماذا تكره أن يبني المواطن الأمريكي أو الغربي رأيه عن الإسلام والمسلمين فقط من فيديوهات قليلة عن فتاوى متشددة وما شابه؟ ثم تسمح لنفسك أن تبني رأياً عن الشيعة بنفس الطريقة التي يبني بها الأمريكي رأيه عن المسلمين؟

والنقطة الثانية، هي أنه الأولى بنا كمسلمين سنة، ومؤيدي التيار الإسلامي، أن نوحد صفوفنا مع إيران والشيعة، وهم يقولون لا إله إلا الله، محمد رسول الله، حتى نسترد أراضينا ونوقف سيل الدماء المسلمة في أنحاء الأرض. ثم بعدها…نجلس مع الشيعة ونناقش مشاكلنا واختلافاتنا في قضية الصحابة!

إن لم تجد في قلبك الرغبة والقدرة على فعل ذلك، فلا تنتظر من قيادات حزب النور السلفيّ أن تتجاهل اختلافاتهم الفِكرية والفقهية مع المنهج الإخواني، وتؤثر الوحدة الإسلامية عليها في هذه المرحلة الحرجة للمشروع الإسلامي كله.

—ياسين رُكَّه

أخونة الدولة، أخونة الدولة

ياسين رُكَّه - أخونة الدولة، أخونة الدولة

(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي إن أردته)

هُمَّ مش بيقولوا #أخونة #الدولة؟ غيظهم وقولهم أنا مش #إخوان، وعاجبني بقه أخونة الدولة! آآآخون الدولة يا ريّس. هوّه بقه كده النظام. قولها بصياعة كده وبلطجة وبجاحة في وشهم. آه، عاجبني.

ماهو أصلي لو أخونة الدولة يعني محافظين زي سعد الحسيني، محافظ كفر الشيخ، ووزير زي باسم عودة، وزير التموين، ونائب محافظ زي حسن البرنس في الإسكندرية، ناس زي دي تبقى مسئولة عن الدولة، يبقى أخون أم الدولة كلها، وعاجبني. واللي مش عاجبه عنده الصندوق، يخسر قدامنا ثم يضرب دماغه في الحيط...أو يحدف طوب.

—ياسين رُكَّه

غَتِّتْ عليهم!

ياسين رُكَّه - غتّت عليهم!

(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي إن أردته)

شوفوا يا جماعة الخير، الناس دي مش مابتفهمش بس، هُمَّ مش عايزين أصلاً يفهموا. يعني...حتى لو ينفع تفهّمه، هوّه مش عايز يفهم. فالحل إيه؟ غتّت عليهم.

قولهم: الريّس مُرسي ده...أحسن رئيس في الوطن العربي كله، على مدار التاريخ المعاصر!

حيقولّك: يا سلام، وده بأمارة إيه ده؟ النهضة اللي مش شايفنها؟

قولّه: لأ. إنما أحسن رئيس، على الإطلاق، غتاته كده. هوّه كده، أحسن رئيس.

حيقولّك: يا خروووف!

قولّه: أحلى حاجة...البرسيم! عارف...اللي مش إخوان، بيأيّدنا عشان الزيت والسكر؛ عارف انت بقه، إحنا بننضم للجماعة ليه؟

حيقولّك: ليه؟

قولّه: عشان البرسيم! البرسيم الإخواني ده...لا يُعلى عليه. برسيم بس إيه...عايز بُقّك. عايز...بُقّك!

حيقولّك: أديك اعترفت أهو!

قولّه: المهم انت تكون انبسطت. إن شالله تكون ارتحت كده لمّا سمعت الحقيقة. ارتحت نفسياً كده؟

يمكن...على دِه، ما يعرفش يردّ. لإنه وقتها، يمكن...أخيراً يكتشف، إن مفيش حاجة حتريّحُه.

ولو ردّ...غَتِّتْ عليه!

—ياسين رُكَّه

الأحد، فبراير 17

خواطر عن إهانة المسلمين للطعام وتركهم سننه

سبحان مغيّر الأحوال! كتب د. خالد محمد الحمد (@alhamadkhaled): ’يقول شيخ سعودي: قبل ٧٠ سنة كانت ديارنا فقيرة، وكانت الصومال بلد غني، فذهبت هناك أبحث عن الرزق؛ وقد رأيت أهل الصومال يكبون النعمة في القمامة!‘

إني أحياناً أرى الكثير من المسلمين، بما فيهم من بلاد لا تعتبر مرفهة، مثل مصر وباكستان، بعد أن ينتهوا من طعامهم، يتركون الكثير من الأكل في صحونهم، ويلقون الكثير من الأكل الصالح في القمامة. أرى هذا بعيني، ووالله أتألم وأتحسر على ما أرى. إنّ الرسول (ص) أمر الآكل بلعق أصابعه قبل أن يغسلها أو يمسحها بالمنديل [انظر: «صحيح مسلم» (3/1605-1607)]، وأمر بأخذ اللقمة إذا سقطت وإماطة ما عليها وأكلها [انظر: «صحيح مسلم» (3/1605-1607)]. وقياساً على أن موضع السجود يشهد لنا يوم القيامة، فقد تشهد علينا النعمة؛ إن كان علينا كمسلمين أن نلعق أصابعنا قبل غسلها أو مسحها، كي لا تضيع حتى قطرات المرقة، ولأن بركة الطعام قد تكون في قطرة صلصة، فما بالنا مثلاً بحبّات الأرز التي يلقيها بعضنا في القمامة كل يوم! لا تحقر من شأن هذه الحبات؛ بل فكّر بطريقة الماكرو-إيكونومِكس أو الاقتصاد الكلّي، بطريقة مبسطة جداً، أي اضرب حبات الأرز هذه في مثلاً ٥٠ مليون مواطن كل يوم، يعني إن ألقى كل مواطن من هؤلاء عشرة حبات أرز فقط في القمامة يومياً، لأصبح في القمامة يومياً ٥٠٠ مليون حبة أرز—نصف مليار، وهو بحسبة تقريبية ما يعادل ١٤ طن أرز يومياً في القمامة!

وهذا إسراف الأرز فقط، وأنا أتحدث عن أن كل مواطن من ٥٠ مليون مثلاً يلقي في القمامة فقط ١٠ حبات أرز، فقط عشرة! فما بالنا بالأكل الذي يلقيه البعض في القمامة كل أسبوع. قارن هذا الواقع المرير، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا بأن نلعق أصابعنا قبل غسلها. يمكن...يمكن لمن تبقى فيه ذرة من احترام لأوامر الرسول (ص) وسنته فوق أي شكليات أن يشعر بفجيعتنا ومصيبتنا في الأمة الإسلامية كلها اليوم. وكما ذكرت، أرى الإسراف من المصريين والباكستانيين، ليس فقط في إخواننا الخليجيين.

ثم نشتكي من الفقر وقلة الموارد وحالة الاقتصاد! سبحان الله، عجبت لك يا مسلم، قبل أن أعجب للإنسان أو أعجب للزمان. وكلّه لأننا جهلنا ديننا وسنّتنا وتخلينا عنهما وفضلنا المظاهر وتقليد الغرب عليهما، بل وبعضنا اعتبروهما تخلف ورجعية. ومن يعرف دينه فينا، أحياناً لا يربط الدنيا بالدين كي يرى الحقائق ويفهم لماذا قد يكون الله غاضباً علينا.

إني أحب الأكل بيدي، ونعم، ألعق أصابعي بعد الأكل وأمسح طبقي بأصابعي حتى لا أترك أي طعام عليه يضيع هباء ولأني لا أعرف أين بركة الطعام، على الأقل عندما أكون في بيتي ولست مضطراً للأكل التظاهري الثقيل الدم. ونعم، أرى الاستغراب في أعين بعض العرب والباكستانيين هنا، حتى وهم يبتسمون، عندما يروني أفعل هذا، خاصة لأن شكلي غربيّ بعض الشيء. ولا أملك إلا أن أقول في عقلي...نسيتم دينكم وسنتكم، لدرجة أنكم أصبحتم تستغربون من مظاهرهما! ليتكم تدركون أنه لا عيب في سنة الحبيب عندما ترون الغربيّ، أو نصف الغربيّ، يتبعها. وأقسم بالله العظيم أن طعم الأكل نفسه يكون أفضل في فمي عندما آكل بيدي، وبالثلاث أصابع فقط، لا بقبضة اليد كما يفعل بعض العرب اليوم. فالأسباب كثيرة جداً لاتباع سنة الحبيب، والرجوع لديننا؛ اقتصاد، بركة، مرضاة الله، وطعم الأكل نفسه.

—ياسين رُكَّه

السبت، فبراير 16

نظريات المؤامرة والإخوان

نشر صديق لي مقالة مترجمة من الإنجليزية عن تطور #الأولتراس إلى بلاك-بلُك، فقرأت تعليقاً تحت الرابط يقول: ’جد يا [...] البلاك بلوك ده ممكن يطلعوا تبع الاخوان و يكونوا احد اسباب سقوط الشرطة انا دخلت من كام يوم على صفحتهم لقيت ناس كلها غل و سبابين بالفاظ اول مرة اسمعها وكل همهم القضاء على الشرطة و ازاى يدمروا مدرعة الشرطة و شتيمه فى الداخلية بجد حاجة مقلقة جدا‘.

فكان رد فعلي الفوري:

هاهاها. ممكن يكونوا إخوان!

هاهاهاهاهاهاها. حبيبتي يا مصر...فيكي كــــــــــــــــــــــــــــــل العجايب.

وما زلت أضحك.

—ياسين رُكَّه

لماذا أنت هنا في الدنيا؟

الغرب يقضي الأعوام والأبحاث العلمية الباهظة أحياناً كي يجيب على سؤال واحد: لماذا نحن هنا؟ لماذا أنت وأنا هنا؟ لماذا الدنيا، لماذا الكون؟

مع أنّ خالق الكون قد أعطانا بالفعل الإجابة منذ أكثر من ١٤٠٠ عام في آخر نسخة من دين التوحيد، دين آدم ونوح وإبراهيم:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} —الذاريات: ٥٦.

العبادة بمفهومها الشامل هي شكر وخدمة الله في أي شيء نقوم به، ولو بالنيّة. وأهم عبادة، والعبادة التي لا يصلح بدونها أي عبادة أخرى أو أي عمل، هي الصلاة. وأسمى أنواع العبادة هي معرفة الله؛ أن نتعلم ونفهم كي نعرف من هو الله، من ربنا. والصلاة التي لا تعيننا على معرفة الله ولو أكثر قليلاً...ليست بصلاة.

فمن أراد أن يستحق الحياة من الأصل، دعك من كونه مسلماً بحق، فليسأل نفسه في كل فرصة ممكنة: هل أنا أقوم الآن بما خلقني الله له؟ هل أوفي بسبب وجودي في الحياة؟ هل أعبد الله وأنا أتحدث؟ هل أعبد الله وأنا أكتب؟ هل أعبد الله وأنا أعمل؟ هل أعبد الله وأنا أرسم؟ هل أعبد الله وأنا أحب؟ وهل أعبد الله وأنا أكره؟ إن كنت تعبد الله أو تقوم بما يعينك على عبادة الله في أقرب وقت، فأنت تفي بسبب وجودك. فيما عدى هذا، نحن لا نستحق الحياة من الأصل.

ولكن بعضنا يستمر في الحياة فقط برحمة الله، والله فقط برحمة الله المفرطة.

—ياسين رُكَّه

الشرخ بين الحكومة المصرية وقوات أمن الوطن

من الألغاز السياسية المصرية التي يتعسر عليّ فهمها: لماذا يتم الإفراج عن البلطجية؟ أين الأمن القومي والمخابرات من إيجاد كل خلاياهم والقبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة بالأدلة القاطعة؟ أين الشرطة والأمن القومي والمخابرات من الحصول على دلائل قاطعة لتورط هذه المجموعة الإرهابية المقنّعة في عمليات قطع طرق وتخريب لمؤسسات الدولة وممتلكات الشعب؟ أين قوات أمن الوطن من كل هذا؟ وإن كانت كل هذه القوات في خصام خفيّ مع النظام لأنه إسلاميّ، فأين مكتب الرئاسة والمتحدثون الرسميون لحكومتنا من تصريحات رسمية يذكرون فيها للشعب أن مثلاً، لا الشرطة ولا الأمن القومي ولا المخابرات راضيين يسمعوا كلام الرئيس والحكومة في الإتيان بهذه الحثالة ومحاكمتهم بالأدلة؟ يعني الحكومة ملهاش كلمة لا على الشرطة ولا على الأمن القومي ولا على المخابرات؟ لغاية إنهارده؟ أُمَّال الأجهزة دي في مصر ماشية على حساب مين؟؟

هذا الشرخ بين الحكومة وقوات الأمن في الوقت الحالي فعلاً من أكبر الألغاز السياسية في مصر التي تدهشني.

—ياسين رُكَّه

وجهكِ على صدري

وكأنكِ سابحة في عروقي
وكأنكِ سجّاني وقيودي
تبسمّكِ فرحةً لعيوني
وجهكِ على صدري فاكتفى
شفتاكِ في عقلي فانتفى
مراراً أعود فلا أنسى
بساطتكِ سحر وتعويذة
جنونكِ حلو الهريسة
أيا جميلة القد والوجه
سامحيني في غزلي وتجرئي
ليته كان قراري وبيدي
وإنما هو انفجاري ووجدي
لا أدري لماذا أنتِ
بعد كل هذه السنين أنتِ
ووالله ما هو بيدي
وجهكِ على صدري فاكتفى
في حلم يقظة…انتفى

—ياسين رُكَّه

الجمعة، فبراير 15

نستعجل والله يؤخر

’أعرف أنِّي لست مستعداً، عندما أستعجل ويؤخّر ربّي.‘—ياسين رُكَّه

تجربتي وشهادتي عن الإخوان

أكتب في ١٥ فبراير ٢٠١٣: أقسم بالله العظيم أن الحقيقة كما أتذكرها اليوم هي أني بقى لي سنتين في هذا الموّال، ثورة وسياسة مصرية ونقاشات وحوارات مع المئات من المصريين من مختلف الأطياف والاتجاهات الفِكرية، وجدت أن ٨ في كل عشرة إخوان قابلتهم كانوا في منتهى الأدب معي حتى وأنا أشاركهم بعض النقد البنّاء المتأدب عن تقصير الجماعة وحزب الحرية والعدالة في أمور معيّنة، ولم يبرروا أو يدافعوا بالباطل أو ما شابه؛ وعلى الجانب الآخر، ٨ في كل عشرة إخوانوفوبيين أثبتوا لي بما لا يدع مجالاً للشك أنهم مفلسون فِكريّاً، ولا يملكون سوى الإشاعات والأكاذيب (مثل الإشاعات حول عزة الجرف وإشاعات كاذبة عن تصريحات مُلفّقة أسبوعياً) والمبالغات والتحامل، وحوالي ٦ من هؤلاء الثمانية (أي ثلاثة أرباعهم) عندما تُقام عليهم الحُجة ويروا أنهم مفلسون فِكريّاً، يفزعون إلى السباب والشتيمة، وإتهامي بأني إخواني وخروف، أو ينزلون إلى مستوى الفُحش عليّ وعلى مُرسي والإخوان كلهم.

هذه شهادتي بمنتهى الحيادية والأمانة، وبناءً عليه لا يسعني سوى أن أقول أن أغلب الإخوان ليسوا عبيداً ولا غنم، وأغلب الإخوانوفوبيين مغسولي الأمخاخ ورعاع همج، بناءً على تجربتي الشخصية. والله على ما أقول شهيد.

—ياسين رُكَّه

الخميس، فبراير 14

بلطجي له رأي!

لو مات، يبقى شهيد؛ ولو عاش، يبقى ناشط سياسي. لو اتقبض عليه، يبقى تعذيب وقمع ودِكتاتورية؛ ولو قتل حد بالخرطوش، يبقى مُرسي قاتل شعبه!

’بلطجي لُه رأي‘—محمد كمال

قاوموا المركزية ولو إخوانية (أو ليبرالية)!

من يعرفني، قد يتعجب من نقدي للإخوان أو الاعتراض عليهم أو التحذير من شيء قد يأتي منهم؛ ولكن من يعرفني [جيداً] لن يتعجب، بل قد يبتسم، لأنه يرى مني عملاً لا أقوم به كثيراً ولكنه كان دائماً يعرف أني مستعد للقيام به في أي لحظة. في مقالتي هذه أدعو القارئ المؤيد للمشروع الإسلامي إلى مقاومة ’المركزية‘ ولو كانت إخوانية؛ وأدعو القراء الآخرين، سواء ليبراليين أو مؤيدين للنظام القديم، أن يقاوموا المركزية ولو كانت برادعاوية أو ليبرالية أو فلولية.

المركزية في سياقي هذا هي تمركز السلطات أو الثروات في كيان واحد؛ سواء أكان الكيان شخص أو مؤسسة. أعي أن بعض أهل المعارضة في مصر الآن يقولون مثلاً أن الرئيس مُرسي استولى على كل السلطات، ولكن هذا موضوع جدل ويمكن أن يناقشه المختصون بالتفصيل باستخدام الدستور الجديد والقوانين الموجودة؛ وهو ليس موضوعي أصلاً. ما دفعني إلى كتابة هذا الكلام هو كلام كتبته د. فاطمة حفناوي، مدرسة الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، ودعت فيه المصريين، وبالذات النساء، إلى استثمار مدخراتهم من الذهب والفضة في البنك ’المركزي‘ المصري لإنعاش الاقتصاد. ويبدو أن هناك الكثير من الناس ممن أعجبتهم الفكرة. هذه دعوة أرفضها قلباً وقالباً.

أولاً، أحب أن أذكُر، للأكاديميين وغيرهم، أني أعي أن فكرة المركزية أو التمركز، centralization، ليست فكرة سلبية أو خاطئة في حد ذاتها؛ أعي أن لها تطبيقات كثيرة مفيدة جداً، توفر الوقت والموارد على الشركات والحكومات، بل وأحياناً على عائلة واحدة أو عمارة واحدة في حيّ ما. ولكن، مثل أي أداة أو فكرة في الدنيا، هناك استخدامات جيدة واستخدامات سيئة أو خطيرة لفكرة المركزية. مثلاً، في الوقت الذي قد يؤدي فيه تمركز الكثير من المهام والخطوات المتعلقة ببعضها البعض، في مكان واحد، إلى الكفاءة وتوفير الوقت والموارد؛ إلا أن تمركز المسئوليات كلها على شخص واحد لا يؤدي إلى أي كفاءة، بل بالعكس، يؤثر على الشخص والعمل أو المهام نفسها سلبياً. وتمركز الصلاحيات والسلطات والثروات في مكان واحد أو مع طرف واحد أيضاً شيء فيه خطورة شديدة.

فبدون الدخول في تفاصيل أكثر لا يتسع لها الوقت أو المساحة وجمهور المقالة، أرجو من القارئ الاطلاع أكثر في هذا الموضوع، إن شاء، ليتمكن من التفرقة ما بين التمركز المحمود والمركزية المذمومة؛ وبعض الناس يمكنها التفرقة ببعض العلم والفطنة.

د. فاطمة حفناوي شاركت بفكرتها عن استثمار مدخرات الشعب من الذهب والفضة في البنك المركزي، ولا أدري إذا كانت هذه الفكرة ستجد قبولاً وشعبية أكثر فتصبح مشروعاً حقيقياً في يوم من الأيام، ولكن ما أريد أن أقوله هو أنه لا يعنيني من قد يتبنى الفكرة ومن يدعو لها: فبقدر ما أؤيد المشروع الإسلامي وأدافع عن الإخوان ضد الظلم ما استطعت، والله إن دعا إلى هذه الفكرة حزب الحرية والعدالة نفسه، وكان في استطاعتي، لحاربت الفكرة بكل ما أوتيت من قوة.

ورسالتي ببساطة هي: إياكم أن تعطوا مدخراتكم، بالذات من الذهب والفضة، إلى البنك المركزي! وإن كنتم لابد مدخرين في بنك بعض الذهب والفضة، سواء كسبائك أو مجوهرات، فلا تضعوها كلها في بنك واحد، لأن البنوك نفسها لا يمكن الثقة التامة بها هذه الأيام؛ هذا غير أن البنوك نفسها أحياناً تجمعها المصالح وتصبح ’متمركزة‘.

ثم أرجو أن يعي العرب أن البنوك المركزية ليست مؤسسات حكومية، بل شركات خاصة. قد تجد بعض ذوي المناصب والمتخصصين ممن يشككون في هذا ويتلاعبون بالألفاظ ليقولوا لك أنه ليس شركة خاصة مثل بقية الشركات، بل لها وضع خاص، وقد يقولون لك أيضاً أنها ’شركة خاصة حكومية‘! نعم، بعض محامين البنوك المركزية في الغرب يقولون هذا. اختصار الأمر وتبسيطه هو أن البنك المركزي ليس مؤسسة حكومية، بل شركة خاصة. وفر على نفسك الكثير من الجدل وافهم هذه الفكرة البسيطة، وتصرف مع الأمور ومع هذا البنك وأخباره بناءً على هذا.

فأرجو أن يقول أحدهم للدكتورة فاطمة حفناوي، مدرسة الاقتصاد الزارعي بجامعة القاهرة، هذه المعلومة، وينصحها بأن تغير فكرتها بعض الشيء، عشان ربنا يسترها مع الشعب الغلبان ده.

وهاهو تعليق بالعامّية به معلومات أكثر كتبته على صفحة ما في فيسبوك:

الكلام ده لو ينفع أصلاً نثق في البنوك، وبالذات البنك المركزي! يا نهار اسود! بنك مركزي إيه يا ناس؟ البنك المركزي ده شركة خاصة! يا عرب فُوقوا..انتوا لسه فاكرين إن البنك المركزي ده مؤسسة حكومية؟

الأمريكان برضو كانوا فاكرين إن بنك الاحتياطي الفيديرالي، Federal Reserve Bank، مؤسسة حكومية، وكثير من الشعب هناك ابتدى يكتشف ويعي إن الاحتياطي الفيديرالي ده شركة خاصة يملكها أغنى عائلات العالم، بالذات عائلة روثتشايلد.

عقبال عندنا في مصر وبقية الدول العربية كده لما الناس تعي إن البنك المركزي ده شركة خاصة.

إياكم حد يفرّط في مدخراته من الذهب أو الفضة، سواء في صورة مجوهرات أو سبائك، إلى أي بنك، سواء مركزي أو غيره! اللي عايز يصرف مدخراته في سبيل الله بدون أن يكنزها، ربنا يباركله ويعينه، لكن يصرفها فعلاً في سبيل الله في مشروع ما لحل مشكلة جذرية للفقراء أو كده، مش بس يأكلهم كام يوم وخلاص، لا، يعينهم يشتغلوا أو يعتمدوا على نفسه مثلاً. المهم يعني، يا نصرف مدخراتنا في حل مشاكل جذرية، يا تفضل زي ما هيّه كذهب أو فضة بعيداً عن البنوك، خاصة البنوك المركزية.

اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.

—ياسين رُكَّه

مقارنة صورة باهومت بصورة مبنى القمر الجديد

مقارنة صورة باهومت بصورة مبنى القمر الجديد As above So below in Dubai proposed architecture

رسم تخيلي لمشروع مبنى ‘القمر الجديد’ في دبي: صراحة، إن لم يضيفوا الهلال المقلوب تحته، لاعتبرت التصميم عادي وبريء، ولكن إضافة الهلال المقلوب وبهذه الطريقة بالتحديد، جعلت علامة ‘كما فوقكم، هو تحتنا’ تصرخ في وجهي. وللأسف، الكثير من العرب تضحك على مثل هذه الأشياء، وتتشدق المصطلح السطحي ‘نظريات مؤامرة’.

باهومت: الشيطان عند السحرة والماسونيين وعبدة الشيطان. يشير بعلامة ‘كما فوقكم، هو تحتنا’، ولاحظ هلال الله الأبيض، وهلال الشيطان الأسود. من يكسب في مبنى القمر الجديد؟

—ياسين رُكَّه

الفرق بين المشروعين المادي العالماني والإسلامي

المؤرخ-محمد-إلهاميكتب المؤرخ، محمد إلهامي، وهو كاتب ورجل أكاديمي أعتبره من عباقرة الأمة المعاصرين كلاماً في منتهى الأهمية عن الفرق بين المشروع المادّيّ العَالَمَانيّ، والمشروع الإسلامي في تطوير ونهضة الوطن.

أعيد نشر ما كتبه على صفحته في فيسبوك وحسابه على تويتر كي تعم الفائدة وينتشر هذا الفكر قدر الإمكان في شعوبنا.

الرئيس بين المشروعين المادي والإسلامي:

١. حقيقة علمية: أقام النبي الدولة في المدينة تأسيساً للدين، وكان هذا مقدماً على الإنجاز الاقتصادي أو إثراء الفقراء، الشريعة أولا قولا وعملا.

٢. مخاطبة غرائز الناس واحتياجاتهم الاقتصادية وتقديمه على التأسيس للدين والتعلق به يسحب الحركة الإسلامية للفكر المادي ويسوقها للتنازل عن الدين.

٣. خطاب الدين والشريعة يفجر طاقات الناس ويثير بدائع الشعوب، أما خطاب المادية والعَلَمَانية فيجعلهم أسرى لحاجاتهم الاقتصادية التي لا تُشبع أبدا.

٤. شعوبنا المسلمة لا تحتاج إلى لقمة العيش بقدر ما تحتاج إلى قيادة تعيدها إلى عزتها النفسية النابعة من حملها الرسالة الخاتمة "أمة قائدها محمد"!

٥. الرئيس—في المسار المادي العلماني—سيحرق نفسه في العمل على إشباع الحاجات الاقتصادية والشعب ينتظر ويراقب ويقيم ويثور إذا لم يعجبه الإنجاز.

٦. بينما الرئيس—في السياق الإسلامي—باعث نهضة تستند إلى العزة والكرامة والرسالة، وحينها سيبذل الشعب حتى وإن لم يدرك الثمرة وإن كان به خصاصة.

تبعاً لما سبق: الشعوب التي تتوق للعزة وتحمل رسالة بل وتطلب الشهادة خير للحكام من الشعوب التي تنتظر ارتفاع مستوى الدخل ثم الرفاهية ثم اللذة.

الفرار يوم الجهاد من الكبائر في الإسلام رغم أنه من أبسط الحقوق والحريات في الفكر المادي العلماني، ولهذا آثار بعيدة وكبيرة وفارقة ومصيرية.

تميز المجتمع النبوي بكونه مجتمعا من المجاهدين، لا يتخلف عن الجهاد إلا معذور أو منافق، وقد لقي الثلاثة المؤمنون تأديباً قاسياً لما تخلّفوا مرة واحدة.

وإذا انتشر الجهاد في المجتمع تعلق بالآخرة، فكان زاهداً في الدنيا، حاملاً للرسالة يبحث عن دوره في إصلاح الحياة لا منتظرا إنجازا يرفع مستوى دخله.

بنظرة بسيطة، سيكمن حل المشكلة الاقتصادية نفسها إذا زهد الناس في الدنيا وكانوا أخلص للدين (والرسالة) الذي يفرض عليهم دورا فاعلا في إصلاح الحياة.

خلاصة التغريدات السابقة كلها: المشروع الإسلامي والدولة الإسلامية نموذج مغاير ومفارق لنموذج الدولة العلمانية المادية القائمة، استيعاب هذا حتم. —المؤرخ محمد إلهامي

عزبة الإسلاميين المزعومة في الشورى

صورة لطفل ابن نائب حزب السلام الديمقراطي التابع للفلول في اجتماع للجنة تابعة لمجلس الشورى المصري

طلعت عزبة الفلول وصفوت الشريف!

دليل آخر على كذب الإخوانوفوبيين والإسلاموفوبيين؛ شوية يقولوا طفل يحضر اجتماع سري، ومرة يقولوا عزبة الإخوان في مجلس الشورى؛ والشباب الإخوانوفوبي على فيسبوك بيتعاطى عادي من غير ما حتى يقضي ثانية واحدة يتأكد أو يشكك. ماهو ما بيصدّق يلاقي حاجة تعطي لتخيلاته مصداقية ولأمراضه النفسية شرعية!

هذه هي الحقيقة بقلم «طارق الملط»:

‘ذهبت اليوم لحضور مناقشة التعديل المقترح على قانون التمويل العقارى فى اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى ...فوجئت بوجود طفل جالس على أحد كراسى الصالون ..بجوار ترابيزة الاجتماعات ، ظللت أفكر الولد ده أنا شفته فين فين فين ....ايوه فى الصورة اللى نزلتها زميلتى العزيزة رشا قناوى ، وقالت طفل فى اللجنة المالية ...ماهى عزبة .

وطبعا فضلت قاعد متربص أشوف مين سيادة النائب من الحرية والعدالة ولا النور ولا الجماعة البناء والتنمية (وما فكرتش فى الوسط لأن انا عندى بنات وفى الجامعة ) ..لأن ده يؤكد قول رشا أنهم فاكرينها عزبة .

ولكن بعد أن تحريت فى الأمر ...علمت أن والد الطفل هو النائب الجالس على يسار الطفل بالصورة وهو نائب عن حزب ...السلام الديمقراطى ...أحد الأحزاب الكرتونية التى نشات بفنجان قهوة مع صفوت بك قبل الثورة ، والراجل من الوادى الجديد ويبدو أنه إصطحب ابنه للقاهرة ..وليس لديه مكان يتركه فيه ...وهذا طبعا ليس تبرير للتصرف الخاطئ جملة وتفصيلا ولا يليق ...ولكن هو تفهُّم وقراءة لحقيقة الموضوع .

وبالتالى أعتقد ...أن الموضوع لم يحقق الهدف منه ...وسيموت فى مهده ...لأنه لم يثبت أنه مصدره ..أصحاب العزبة ...كما يحب أن يعبر البعض .
خلص الكلام.‘—طارق الملط

—ياسين رُكَّه

الأربعاء، فبراير 13

اللهم افضح الكذابين

افتكرت دعوة حلوة كانت جاتلي كفكرة من سنة تقريباً: سواء بتحب الإخوان أو بتكرهم، سواء فاكرهم صادقين أو كاذبين، تعالوا كلنا كلنا ندعي ربنا:

اللهم العن الكذابين الكذوبين، اللهم عاقب كل ناشر للكذب باستمرار أشد العقاب في الدنيا والآخرة؛ اللهم افضح الكذابين فضيحة يعتبر لها كل شخص يفكر حتى في الكذب أو نشر الكذب. اللهم افضح كلّ الكذابين على الشعب، أينما كانوا وأياً كانوا.

ادعوا دعوة مثل هذه بضمير، وبدون تحديد من هم الكاذبين. إيه رأيكم؟ لا بتوع المشروع الإسلامي ولا بتوع المشروع المدني الليبرالي يحددوا مين الكذاب، ويسيبوها بس على ربنا. هوّه ربنا عارف، صح؟ تعالوا كلنا ندعي ربنا بضمير إنه يفضح الكذابين كثيري الكذب على الشعوب، عشان كلنا نعرف الحقيقة في أقرب وقت. عشان نعرف مين بيكذب، الإخوان...أم الإعلام والإخوانوفوبيين.

—ياسين رُكَّه

جبهة الخراب ودراما التشاؤم وجعلوني مجرماً

قال لي أحد المعارف: عامة أكيد حييجي يوم ونشوف فيه إذا الثورة مارحتش هَدَر، ومين اللي بيتاجر بالدين ودماء الشهداء وإرادة الشباب.

قلت: بالظبط كده. وبعدين حتى لو مجاش اليوم اللي نتأكد فيه مائة بالمائة من قلوب الناس ونواياهم، اللي بإذن الله أكيد أكيد هوّه إنه حييجي يوم، أقرب مما نتصور، كلنا نقدر نختار حزب سياسي غير الحرية والعدالة، ونختار رئيس غير محمد مُرسي لو مش عاجبنا! كل واحد فينا وقتها يقدر يختار شخص أو حزب آخر هوّه مطمئن ليه أكثر، صح؟

والله بقه اختارنا حزب الوسط، وحزب الوسط أخد عشرين في المائة فقط؛ واخترنا عبد المنعم أبو الفتوح، وأبو الفتوح أخد في النهائي أربعين في المائة فقط؛ دي مش مشكلة الأغلبية اللي اختارت الحرية والعدالة ثاني واختارت محمد مرسي مرة كمان؛ ولا مشكلة الديمقراطية، صح؟ المفروض إننا نقبل برأي الأغلبية، حتى لو لم يكونوا أغلبية ساحقة، بل كانوا فقط ٥١%.

المهم في الآخر، إن مصر مش رايحة إلى الهاوية خالص يعني؛ الموضوع أبسط من كده بكثير. ومفيش أصلاً حَد بيتكلم عن الدمار والخراب والصدع والتشاؤم غير جبهة الخراب—الله يهِدِّها؛ ومفيش حَد جايب الكرب والهم والتنبؤات المتشائمة والسلبية غير أعضاء جبهة الخراب والإعلاميين المتواطئين—الله يزيحهم من على شاشاتنا! إنما الحقيقة هيّه إنّ مصر ببساطة بتشوف حظها مع الحرية والعدالة ومُرسي لمدة أربع سنين—فات منهم كثير وأسرع مما نتخيّل؛ وبعدها مصر حتشوف عايزه تكمّل ولّا عايزه تجرّب حزب ورئيس آخر. عادي يعني؛ الموضوع مش دراما ولا ’جعلوني مجرماً‘ خالص. :)

—ياسين رُكَّه

الحمد لله على تأجيل القصاص!

كتبت في قضية القصاص سابقاً، وأكتب فيها مرة أخرى بعمق أكثر: من فوائد عدم حصولنا كشعب مصري حتى اليوم على القصاص هي أن احتمال حصولنا على القصاص الحقيقي العادل ما زال قائماً، فالحمد لله على ذلك. ولا، لا أعني أن كل شيء جائز، ويمكن أن نحصل على القصاص قريباً وما زال هناك أمل، وأن هذه فائدة؛ بل أعني أننا قوم بأغلبيتنا جهلة وسطحيين وسذج، فإن حصلنا على القصاص الذي يريده أغلبيتنا من الهمج، وهو رؤية دماء الرئيس المخلوع مبارك، لصفقت وهللت وكبّرت واحتفلت هذه الأغلبية الهمجية، ورضوا تماماً عن كل شيء، ونسوا في خلال أيام أي مجرمين آخرين!

وأتحدى أي عربي يمكنه أن يجادل بمنطق أو موضوعية معي ضد هذه النقطة. بالله عليكم، بالله عليكم إن تم إعدام محمد حسني مبارك بالفعل، ألن تنسى الأغلبية العظمى من هذا الشعب المسكين بقية المجرمين والقتلة في الوطن؟ هذا هو ما أراه بمنتهى الوضوح في أناس بهذه الهمجية والسطحية والانفعالية في كل شيء. وكالعادة، محدش يزعل مني، أو اللي يزعل يتفلق، لإني مصري وأحب بلدي وشربت من نيلها الذي تلوث على يد أهلها وذقت الملح في رياح شواطئ إسكندريتها. مصر من أجمل وأهم بلاد الدنيا، ليس لأني منها وإنما لأن هذه هي الحقيقة التاريخية والموضوعية؛ ولأنها على هذه الدرجة من الأهمية، فإن من يستحقها شعب يجب أن تكون أغلبيته، أو على الأقل نخبته، أفضل بكثير من شعبنا ونخبتنا اليوم. إني أنظر حولي فأرى أن ٨ من كل عشرة أشخاص وأصدقاء عرفتهم في الماضي من وسطي الاجتماعي، اليوم كارهين للإخوان وللأحزاب الإسلامية ويحاربون المشروع الإسلامي بشكل مباشر وغير مباشر، ويشاركون في عدم استقرار الوطن بشكل مباشر أو غير مباشر، والأشد أسفاً: أغلبية هؤلاء الثمانية جاهلة بالإسلام. شيء فعلاً مؤسف جداً، ولكن قد تكون هذه دائرتي أنا فقط، وتوجد أماكن أخرى في مصر ودوائر اجتماعية أخرى أغلبيتها ذوو فطرة سليمة على الأقل، إن لم يكن عندهم عمق ومعرفة وفطنة لأعداء الوطن الحقيقيين.

ورجوعاً لموضوع القصاص، فلأني أرى أن أغلبية من حولي وأغلبية من أراهم في التعليقات على مختلف المواقع أناس أعمتهم الكراهية عن التفكير نفسه، دعك من الموضوعية أو الوسطية، فإني مؤمن أن الله يفعل الأصح وهو يفعل ما يريد، وفي هذه النقطة، إنه تأجيل القصاص. وسبب منطقي عقلاني يقنعني شخصياً جداً هو أنه عندما تظهر الدلائل القاطعة على هوية من قتل المتظاهرين من أول يوم ثورة، فوقتها لن نعرف فقط من صاحب القرار، المسئول الأول، بل سنعرف أيضاً من ضغط زناد السلاح أو طعن السلاح فقتل؛ سنعرفهم جميعاً، من أكبرهم إلى أصغرهم، وبالتالي يكون القصاص ضدهم جميعاً. أما اليوم، فالقصاص ضد المسئول الأول سوف يطفئ غل الهمج والرعاع والسطحيين والجهلاء والمتسرعيين وحتى بعض تجار الدم، ولكنه لن يُرجع للشهداء حقوقهم الكاملة، ولن يكون العدل الحقيقي، لأننا وقتها سنكون عاقبنا المسئول الأول بدون دليل قاطع على تدخله الشخصي لإحداث هذه الجرائم، وأيضاً بدون عقاب كل من شارك في تنفيذ أي أوامر أو تعليمات إلى أن نصل إلى من استخدم السلاح مباشرة في القتل.

هذه هي أكبر وأهم فائدة لعدم حصولنا اليوم على القصاص، فالحمد لله على التأجيل، والحمد لله أنه يعاملنا ويعامل الدنيا كلها بحكمته، ولا يعاملنا بما نرغب فيه نحن بجهلنا وسطحيتنا وغباء بعضنا. وأسأل الله الهداية للمغيّبين.

—ياسين رُكَّه

قضية سوريا ومجازرها والمساعدة من الخارج

بدون تكتل عربي أو إسلامي حول قضية سوريا، الجهاد والقتال الفردي أو الغير منظم ما هو مُسكّنات ألم، وهي واجبة على القادر من أبناء المدن السورية التي يتم الهجوم عليها؛ فالتعاون الضيق على مقاس خلايا صغيرة تعيش هناك وتقاوم قدر استطاعتها ليس موضوع مقالتي لأنه شيء ضروري وواجب. فليس المقصود التثبيط من همة إخواننا في سوريا ممن يدافعون عن أهلهم وأرواحهم وبيوتهم؛ لا، أبداً، أعانهم الله، وما يقومون به ضروري حتى ينقذوا ما يمكن إنقاذه. إنما رسالتي لغير المجبر على الجهاد وحده أو ضمن مجموعات صغيرة، رسالتي للمسلمين خارج سوريا: المقاومة في سوريا على هذا الشكل مسكّن ألم، ولا تعالج جذور المشكلة أو تعالجها معالجة مؤثرة. والمشكلة أكبر من بشّار نفسه؛ بل إن بشّار يمثل أكبر عائق غير مباشر لحل مشكلة سوريا، ليس لأنه القاتل المباشر، بل لأن الأغلبية العظمى من العرب، كعادتهم، تلومه هو شخصياً على كل ما يحدث في سوريا وكل المجازر؛ ونعم، القائد أكثر من يُلام، ولكن لا نضعه في قفص الاتهام على الارتكاب المباشر لكل الجرائم إلا بالدلائل أنه أعطى الأوامر بمجازر أو ما شابه. وبعض الشواهد تقول أن هناك طرف ثالث في سوريا، تماماً مثل الثورة في مصر.

يعني عندنا في مصر، بعض الثوار يتهمون قوات أمن الوطن في كل حوادث القتل التي حدثت لمتظاهرين؛ وعلى الجانب الآخر، قوات أمن الوطن تلوم المتظاهرين على حوادث القتل ضد الشرطة وتلوم الثوار على حوادث العنف بالمولوتوف والطوب. في رأيي أنّ كل ثائر بعد بدء انتخابات البرلمان، منذ وقت بعيد، سَهْل لومه لأنه سَهَّل لحدوث الفوضى والعنف، ولكنه ليس بالضرورة الفاعل المباشر لأعمال العنف، إلا قلة خائنة للوطن ولها مبادئ أناركية فوضوية وما شابه. وفي نفس الوقت، بالتأكيد لا تُلام قوات أمن الوطن على كل أو حتى أغلبية من قُتِلوا في الثورة؛ بل بالتأكيد هناك طرف ثالث متمثل في البلطجية مدفوعي الأجر والقتلة المحترفين الذين استخدموا أسلحة قنص وأسلحة كاتمة للصوت وسط المتظاهرين أنفسهم لقتل شخصيات محددة في الثورة.

وعلى نفس الوتيرة، هناك طرف ثالث في سوريا يقوم بالمجازر والقتل؛ ليسوا لطيفين مثل البلطجية في مصر الذين يقتلون أعداداً قليلة من الثوار وقوات الأمن، ولكنهم حيوانات تجردوا من الآدمية نفسها—بل أسوأ من الحيوانات، فهم قتلة وسفاحون مأجورون في سوريا.

كم واحد في الوطن العربي يفكر بهذه الطريقة؟ بل كم واحد عنده أصلاً الاستعداد لتصديق هذا بدلاً من الضحك والتشدق بالمصطلح السطحي ’نظريات مؤامرة‘؟

إذن فالمشكلة أكبر بكثير من بشّار وأكبر من سفاحين الطرف الثالث في سوريا. المشكلة فينا نحن كأمة؛ جَهْلنا وسطحيتنا وانفعالاتنا بدون تفكير ومبالغاتنا هي ما تقتلنا يومياً.

من أراد أن يساعد أهل سوريا من خارج سوريا، فنصيحتي له هي أن يحاول فهم ما يحدث في سوريا، معرفة الحقائق، ثم نشر وتوعية شعبه بهذه الحقائق، ثم توصيل الحقائق للمسئولين والسياسيين ودفعهم إلى إخبار سياسيين في دول عربية أخرى، ثم الضغط عليهم جميعاً ليتخذوا قرارات حازمة وسريعة بين تعاون عسكري ومناورات دبلوماسية مع بشّار الأسد وإلى آخره. عندما يرى الناس والسياسيون أن هناك حقائق تقول أن بشار الأسد ليس المتهم الوحيد في هذه القضايا، سيمكنهم على الأقل الحوار مع القائد—وهو مقصر وفاسد بالتأكيد، وعلى الأقل وقتها هو نفسه سيأمن على حياته ويعرف أن من يتحاورون معه لا يتحاورون معه على أساس أنه جزار وسفاح، بل على أساس أنه قائد دولة مقصر ويمكنه استخدام مساعدات من زملائه قادة بقية الدول العربية في إيجاد الطرف الثالث في سوريا وإنقاذ إخواننا السوريين، أعانهم وحفظهم الله. أو على الأقل نجد الدليل القاطع أنه هو السفاح الوحيد—إن كان! أليس كذلك؟

في رأيي، من أمكنه القيام بمجهود مثل هذا، فسيكون مجهوده بتوفيق الله أكثر فائدة بكثير—على المدى الطويل—من السفر إلى سوريا لحمل السلاح والمقاومة به، لأن هذا—كما ذكرت—أقرب إلى مسكّن الألم من حل جذريّ. ومن لم يمكنه القيام بهذا أو ذاك، فعلى الأقل يمتنع عن نشر الإشاعات الغير مؤكده، ويحاول أن يمد يد العون بالمال والدعاء لمساعدة إخواننا وأخواتنا السوريين من لاجئين خارجها وضحايا إرهاب داخل سوريا الشقيقة.

—ياسين رُكَّه

الثلاثاء، فبراير 12

مصطفى حسين يرسم الشعراوي بإشارة باهومت!

Strange-caricature-of-Shaarawy

هل ظن مصطفى حسين أن العرب ليس فيهم من يفهم؟

لماذا يرسم مصطفى حسين الشيخ الشعراوي هكذا؟ ما هذه السحابة وهذا المكان؟ هل الشيخ في السماء؟؟ وما هذه الإشارة بيديه؟ اليمنى تقول لا، واليسرى تشير إلى الموجه إليه الكلام؟ هذا ما يريدنا أن نفهمه الرسام الكاريكاتيري، ولكن حقيقة هذه الإشارة، خاصة عندما تكون الذراع اليمنى مرتفعة لهذه الدرجة التي تكاد تكون غير طبيعية...الحقيقة نراها في صورة باهُومِتْ (بافُومِتْ Baphomet)، الشيطان كما يتخيله السحرة وعبدة الشيطان، وباهومت أيضاً يعتبروه سخرية من الرسول عليه الصلاة والسلام (لاحظ الهلال الأبيض فوق اليمنى والهلال الأسود تحت اليسرى!).

والإشارة تعني بالإنجليزية:
As above, so below

وهذه الجملة هي أشبه باللغز، ويتعسر ترجمتها إلى العربية بدقة، ولكن عدة ترجمات قد تساعد القارئ العربي على الفهم:
• كما فوق، هو تحت
• كما فوقكم، هو تحتكم
• ما فوقنا، هو تحتنا
• الله هو سيد السماء، والشيطان هو سيد الأرض

كل هذه الترجمات تشرح معنى اللغز الذي يُشار إليه فقط بهذه العلامة من الذراعين واليدين. فلماذا يقوم مصطفى حسين برسم شيخنا الشعراوي هكذا؟ وهل هي صدفة؟

تحديث: بعد نشري لهذه الصورة والمقالة، رأيت أن بعض الناس تضحك على هذا التحليل والاحتمال. مساكين الناس...عندما يواجههم شيء لا يفهمونه على الإطلاق، يتسرعون في السخرية منه أو الضحك، يقيناً أنهم يعرفون الحقيقة.

ما يثير فضولي هو ما الذي يعتمد عليه هؤلاء الناس كي يكونوا متأكدين تماماً من صحة ظنهم في قضية مثل هذه؟ كيف تكون متأكداً؟ لابد من الإيمان العميق بالصدف أو المصادفة، أليس كذلك؟ لابد من الإيمان العميق بأن التلقائية في أي شيء لا سبب عميق لها، بل هي فقط تلقائية عشوائية! لابد من الإيمان بالعشوائية والمصادفات في نفس الوقت. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل العشوائية والمصادفات حقائق علمية؟ بل هل العشوائية والمصادفات أفكار أو استنتاجات علمية من الأصل؟ العلم الحديث يقول لا، ولكن هذه نظريات متقدمة جداً ولم يسمع عنها أغلبية الناس من الأصل.

ماذا أيضاً؟ ماذا نحتاج كي نؤمن يقيناً أن مصطفى حسين بريء وأن احتمال أن هذا الرسم مقصود شيء مستحيل؟ نحتاج إلى أن تكون إشارات اليد أشياء غير هامة. لابد أن تكون إشارات اليد شيء تلقائي فقط وغير هام على الإطلاق. بعيداً عن الطب والرفلِكسولوجي والعلوم الكونية الأخرى التي تتطرق إلى أهمية اليد وطريقة استخدامها، من دين الإسلام نفسه أقول: إذا لم تكن إشارة اليد مهمة، فلماذا أمر الله رسوله بأن يشير بإصبع السبابة ويحركه تحريكاً خفيفاً في كل تشهد وفي كل صلاة؟ ولماذا أمر رسول الله أن يضع الكف الأيمن تحديداً فوق الكف الأيسر أثناء الوقوف وقراءة القرآن؟ ولماذا رفع اليدين إلى الكتفين عند الله أكبر وسمع الله لمن حمده؟ لماذا كل هذه الإشارات، وخاصة إشارة السبابة في التشهد؟ أشياء رمزية فقط؟ بجد؟ الله يأمرنا بشيء رمزي وغير ذي أهمية لنفعله في كل صلاة وفي كل تشهد؟

إذا كل هذه الأسئلة لم تجدي مع المتشكك والساخر، فكل ما أستطيع أن أقوله هو أن الإنسان عدو ما يجهله. وأنه أحياناً يكون الشيء أعمق بمراحل كبيرة من أن يستوعبه إنسان، فلا يجد هذا الإنسان ما يحفظ به ماء وجهه أو يشعر به بالثفة بنفسه سوى السخرية والاستهزاء بما يجهل. تماماً كما سخر البعض في الماضي ويخسر ملاحدة اليوم من فكرة وجود الله من الأصل، فيقولون عليها أساطير الأولين. قد يحلو للمستهزئ أن يقول أن هذه خرافات وأساطير، وتحميل للأمر أكثر من أهميته، تماماً وكأننا نقول أن إشارة السبابة في التشهد وتحريكها (كما في الحديث الصحيح) ليست مهمة لهذه الدرجة، وهي مجرد إشارة رمزية؛ وهو جهل وسطحية وتسرع في الحكم على شيء أمرنا الله به في أهم عبادة بل أهم شيء نفعله في الحياة، وهو الصلاة.

فعلاً، الإنسان عدو ما يجهله، وأحياناً يكون الخبر سابق لزمانه. معظم الناس ليست مستعدة بعد لدراسة عمق الإشارات، دعك من فهمها. وهو بالفعل...أسهل بكثير أن نقنع أنفسنا أن كل شيء في الحياة بسيط جداً، ولا يوجد عمق له أو تعقيد، وكأن الذرة نفسها، المكون الرئيسي للكون الحسّي، بسيطة مثلاً. ذو العقل البسيط والعلم البسيط لا يستطيع أن يرى سوى البساطة؛ هذا هو الموضوع ببساطة. وما أبسط السخرية والضحك.

هي مذعرة للشيطان [أي الإشارة بالأصبع].
الراوي: عبدالله بن عمر | المحدث: ابن الملقن | المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم: ١/٣٢٥ خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن [كما اشترط على نفسه في المقدمة]

الإشارة بالإصبع أشد على الشيطان من الحديد.
الراوي: عبدالله بن عمر | المحدث: ابن الملقن | المصدر: تحفة المحتاج - الصفحة أو الرقم: ١/٣٢٥
خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن [كما اشترط على نفسه في المقدمة]

كان ابن عمر إذا جلس في الصلاة، وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله—صلى الله عليه وسلم: لهي أشدّ على الشيطان من الحديد! يعني: السبابة.
الراوي: عبدالله بن عمر | المحدث: الألباني | المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: ٨٧٧
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

وبناءً عليه، فإن كانت الإشارة بإصبع التوحيد أشد على الشيطان من الحديد، وهذا ليس إدعائي، وإنما قول الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه، فلماذا يا أهل العقل تستبعدون احتمال أن الشيطان يعلم أولياءه إشارات ترضي الشيطان بدلاً من الإشارات التي تؤلمه؟ أليس هذا منطق سليم بناءً على الدليل الديني؟ وبناءً على هذا، فما المشكلة في أن تكون بعض الشخصيات المشهورة والهامة في الوطن العربي خائنين للوطن أو الدين، أو للاثنين معاً، ويكتبون ويعملون من أجل مجموعات نخبة لا دين لها من الأصل، وتعمل من أجل الدنيا والتفاهات التي يعدها الشيطان لرؤساء مجالسهم؟

—ياسين رُكَّه

منصب المُفتي

قرأت بعض التعليقات على موضوع مفتي الديار المصرية، بمناسبة تعيينه حديثاً بالانتخاب لأول مرة في التاريخ الحديث، بدلاً من التوظيف الحكومي. ولاحظت أن حتى بعض المثقفين يروا أن المنصب ليس له أهمية، فأقول الآتي في هذا الشأن:

هذه القضية تعتمد على كيفية التطبيق وعلى الصلاحيات. إننا كأمة، ليس عندنا ’فاتيكان‘ أو قائد بسلطات مثل سلطات بابا الفاتيكان—أي أن المرجعية الدينية ليست متمركزة عندنا في مبنى أو فرد واحد حيّ، واليوم ليس عندنا حكومة ديكتاتورية تعيّن منصب المُفتي كموظف حكومة (فقد تخلصنا من النظام القديم، والنظام الجديد غيّر القوانين فجعل منصب المُفتي بالانتخاب، لا بالتوظيف الحكومي)؛ فاليوم، لأنه ليس عندنا فاتيكان ولأننا نطبق مبدأ الشورى والانتخاب—تحت مسمى الديمقراطية، فهو آمن بل ومطلوب لنا أن يكون عندنا منصب مثل مفتي الديار.

والمقصود أصلاً من اسم المنصب أنه مستشار الرئيس والوزارات والهيئات الحكومية الكبرى في أمور الدين والفتاوى الشرعية. يعني عندما يحتاج الرئيس إلى معرفة ماذا يقول الإسلام في قضية ما جديدة عليه، أهي حرام أم حلال، يذهب إلى مفتي الديار ليستشيره. فكلمة ’الديار‘ هنا تشير إلى دار الرئيس ودار الوزارة الفُلانية ودار الهيئة العِلّانية، وإلى آخره. طالما منصب مفتي الديار المصرية، هذه هي رؤيته وصلاحياته ومسئولياته الرئيسية، فهو شرف لنا أن يكون عندنا المنصب، وأن يتم اختياره بالانتخاب.

وإن تساءل أحدهم: لماذا لا يكون فريق فتوى استشاري بدلاً من مُفتي واحد؟ أقول: هذه مسئولية المُفتي نفسه؛ يطلب مساعديه وزملاءه في القضايا الكبيرة والمهمة ويتناقش معهم ويستشيرهم فيها، ثم يرجع إلى الرئيس فيقول له بماذا أفتى الفريق الاستشاري في الأزهر. أما في بعض الأمور البسيطة للرئيس أو الوزارات، فقد يفتي فيها مفتي الديار في التو واللحظة، على خط الهاتف مثلاً، وهو بالتأكيد أسرع بكثير من الحاجة إلى اجتماع فريق كل مرة طلبت دار مصرية فتوى ما. وبالتأكيد كل مؤسسة أو فريق في الدنيا يحتاج إلى قائد؛ هذه سنة الحياة. فبإمكاننا جميعاً اعتبار أن مُفتي الديار المصرية هو قائد فريق الفتاوى الشرعية الاستشاري للديار المصرية. ولأن المنصب يتم التعيين له بالانتخاب اليوم، فلا خوف من تسلط أي أحد بإذن الله، لأن علماء الأزهر دائماً سيختارون أحق وأكفأ عالم للمنصب بتوفيق الله.

—ياسين رُكَّه

الحقير والبغيض والقبيح

سألت نفسي: من الحقير؟ فتفكرت ثم وجدت أن الحقير عندي هو من استغل ضعف أو جهل شخص آخر كي يستغله هو نفسه.

وسألت نفسي: من البغيض؟ فوجدت أن البغيض عندي هو من ظن أن امتلاك شيء يعطيه مقاماً وهيبة حقيقية ثم بالفعل تملك هذا الشيء؛ أو من ظن أن الشهادة واللقب يعطياه مقاماً وهيبة حقيقية وبالفعل حصل عليهما؛ أو من ظن أن المنصب يعطيه سمواً ومقاماً أعلى وبالفعل حصل على المنصب؛ هذه الناس عادة ما أجدها بغيضة كلما تعاملت مع أشكالهم. نبرتهم بغيضة، أسلوبهم بغيض، عيونهم بغيضة، ووجوههم بغيضة. وأبغضهم لأني أعلم أنهم يشعرون بالنقص والدونية، وأعلم أنهم يبغضون أنفسهم ونصيبهم، ومع ذلك...يضعون في نبرتهم وعلى وجوههم قناعاً من التعالي على الآخرين. فيا له من تناقض يقطر قبحاً.

أما القبيح...فهو من كَرِه الجمالَ في الآخرين، فكُرِه الجمالُ فيه وارتدت الكراهية على وجهه قبحاً.

—ياسين رُكَّه

الاثنين، فبراير 11

هُمَّ الإخوان حيجيبوه منين يعني؟

تسجيل صوتي لمقالة [هُمَّ الإخوان حيجيبوه منين يعني؟]، ياسين رُكَّه

(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي)

بيبقى مسلّي جداً بالنسبالي لما واحدة أو واحد متعلّم وذو مركز أو من الطبقة الراقية كده يقولي بثقة: ’أنا أعرف إخوان كثير على فكرة، واتعاملت معاهم، وهمّا فعلاً كده…‘ ثم يبدأ في سرد أو ذكر العيوب والبلاوي اللي موضوع الحوار بيدور حوليها.

ومسلّي أكثر لما الكائن الإخوانوفوبي يخترع مصطلح أهبل زي ’الكائن الإخواني‘.

فيه ناس بتتكلم عن الإخوان وكإنهم مخلوقات من الفضاء، أو جنس مختلف عن جنس المصريين والعرب، أو كإنهم يهود مثلاً. فعلاً، لو تسمعهم بيتكلموا عن الإخوان، تحس إن الناس دي عملوا حاجة اسمها [إرجاء للتكذيب]، أو بالإنجليزية: suspension of disbelief، بحيث إنهم عَلَّقوا أو أجلوا تكذيب الخيال، أو علّقوا الحقيقة مؤقتاً لغاية ما يخلّصوا كلام عن الإخوان! واضحك.

والناس اللي بتقولّك إنهم تعاملوا مع الإخوان ويعرفوهم كويس، الرد عليهم بسيط وهوه سؤال: هل تعاملت معاهم جميعاً؟ كل عضو من مئات الآلاف من الأعضاء عرفته بنفسك؟

ولكن المهم، رجوعاً للموضوع، اللي دايماً بيبقى نفسي أقولُّه للشخص اللي يقولّي إنه يعرف الإخوان وتعامل معاهم وهمّه كده وهلمّ جرّا، هوّه: لا مؤاخذة يعني، من غير زعل، من غير ما انت تزعل ولا الإخوان يزعلوا مني، هوّه لو الإخوان فيهم ناس سطحيين ومغرورين وأنانيين وحشّاشين وكذابين ومقفّلين وعِنَديين ولا يقبلوا النقد ولا النصيحة وأخلاقهم سيئة وهجوميين و…و…

هُمَّ حيجيبوه منين يعني؟ ماهو منكم يا مصريين! إذا كان الإخوان فيهم الأشكال دي، فَدَه عشان انتم يا مصريين فيكم الأشكال دي على قفا من يشيل. إنتم يا مصريين فيكم العِبَر، وفيكم العيوب دي كلها. والإخوان دُول إيه أصلاً؟ لا يا ناصح، مش كائنات فضائية هُمَّ؛ الإخوان دُول مصريين زيكم، وطالعين من نفس الأرض اللي انتوا طالعين منها وشربوا من نفس الهباب اللي شربتوه، واتربوا على نفس العادات، واتعودوا على نفس الأخلاق اللي انتوا اتعودتوا عليها. لو ٥ في كل عشرة إخوان زي الزفت، فده عشان غالباً ٧ في كل عشرة مصريين زي القطران.

انتوا يا مصريين كثير منكم سطحيين ومغرورين وأنانيين وحشّاشين وكذابين ومقفّلين وعِنَديين ولا تقبلوا النقد ولا النصيحة وأخلاقكم سيئة وهجوميين و…و…والله انتم يا مصريين فيكم العِبَر. فلما انتوا أغلبيّتكم تنضفوا في قلوبكم وأخلاقكم، الإخوان أكيد حينضفوا برضو في أغلبيتهم.

فيا ريت نفُوق بقه من أفيون الإعلام وبلاهة تعليق الحقيقة وإحنا بنتكلّم عن الإخوان، ونفتكر إننا بنتكلم عن مصريين زيّنا، لو فيهم العِبَر، فده عشان مش حيجيبوه من برّه، إحنا فينا العِبَر، وهُمَّ بيجيبُوا شبابهم من وسطنا. بسيطة، صح؟

—ياسين رُكَّه

هل حقاً مرسي متردد وضعيف سياسياً؟

دكتور أحمد جلالكتب دكتور أحمد جلال:

بسم الله الرحمن الرحيم،
هذه تغريدات كتبتها صباح اليوم، محاولة لرؤية الوضع في مصر من زاوية أخرى، قد تتفق أو تختلف معها.

لم أفهم هدوء مرسي في الرد على أعمال البلطجة في محيط الإتحادية وعلى تصريحات جبهة الإنقاذ! بعد تفكير خارج الصندوق، يبدو أن هناك تفسير لما يحدث في مصر.

مرسي بعد شهر أزاح طنطاوي وعنان، وغيّر رئيس المخابرات، وأنهى ٦٠ سنة حكم الجيش لمصر دون نقطة دم! فهل يمكن أن يوصف بالجُبن أو الجهل السياسي؟

أراد مرسي تغيير النائب العام ولم تنجح أول محاولة، وكشفت عن أقنعة الكثير والحمد لله؛ لكنه صمّم وخطّط، وكان له في النهاية ما أراد.

عندما شعر مرسي بمحاولة الدستورية العليا لإرجاع الدستور والتأسيسية للمربع صفر، أصدر الإعلان الدستوري، وثارت المعارضة والإعلام. أي هاو سياسة كان سيعلم رد فعل المعارضة على الإعلان الدستوري. إذاً، لماذا؟

تصوّري أنها مناورة سياسية، "خضع" للضغط ظاهراً لكنه نفّذ ما أراده!

ألغى مرسي الإعلان الدستوري لكنه لم يلغ آثاره. سخر منه الإعلام، لكن النتيجة: النائب العام تغيّر، حصّن التأسيسية، أنهى الدستور.

حتى عندما حاول الزند ومن معه الضغط عليه لإفشال الإشراف على الاستفتاء، أقامه على يومين! النتيجة على الأرض: مرسي ينفذ أغلب ما يريده!

سامح عاشور نفسه قال: مرسي يتقدم عدة خطوات ونحن نرجعه خطوة أو اثنين؛ في النهاية هو يتقدم!

طيّب، ما هو التفسير المحتمل للوضع عند الإتحادية؟

بلطجية جبهة الإنقاذ مع الإعلام يقومون بإستفزاز صريح وفجّ؛ الهدف الوحيد منه هو الدفع لأي رد قوي، سواء من الرئاسة أو التيار الإسلامي.

تصعيد الأمر لحصار القائد إبراهيم وحرق مسجد عمر بن عبدالعزيز، يهدف لاستفزاز التيار الإسلامي للنزول! وهو ما لم يحدث.

سمعتها من زميل كاره للإخوان والسلفيين—وأغلب الظن أنها فلتة لسان، قال: ’نعمل إيه تاني عشان تنزلوا يا بهايم؟‘

لا أتصور أن أحداً سيأتي بونش لخلع باب الإتحادية وسرقته، عادي كده! :)

هذا تصرف استفزازي ليقوم الحرس الجمهوري برد عنيف! وهو ما لم يحدث.

قيل عن سبب إقالة وزير الداخلية السابق أنه طلب من مرسي توقيعه على أمر بإستخدام القوة! إذاً: المطلوب هو الرد بعنف من الرئاسة أو الإسلاميين!

مرسي رئيس مُنتخب، والعالم شهد بنزاهة العملية الإنتخابية. إذاً لا يمكن إزاحته بعد ٦ أشهر بمظاهرات. الحل هو ثورة شعبية! استحضار ثورة يناير.

جبهة الإنقاذ و الإعلام ومن يدعمهم يقومون بمناورات عديدة مثل:

١. دعوة الجيش للإشراف على الحوار.
٢. استفزاز الرئاسة عند قصر الإتحادية.
٣. محاولة إسقاط الداخلية بالهجوم على الأقسام والسجن، لتكرار ٢٨ يناير.
٤. استفزاز التيار الإسلامي بالسخرية من العلماء والهجوم على المساجد.
٥. تخويف حمدين للمستثمرين الأمريكيين في زيارتهم السابقة من الاستقرار في مصر.
٦. خطابات البرادعي للدول الأوروبية.
٧. خطاب إعلامي متشائم وسوداوي.

العديد من المناورات تهدف في النهاية لتكرار مشهد ١١ فبراير ٢٠١١:

تجمع شعبي كبير أمام الإتحادية
(أو)
عنف ودم بشكل كبير عند القصر

سواء كان هذا العنف نتيجة لممارسات الداخلية، الحرس الجمهوري، أو التيار الإسلامي، المهم يكون في دم وكتير! والنتيجة؟ نزول الجيش.

الجيش لا يستطيع عمل إنقلاب على رئيس منتخب له شرعية شعبية ودولية. الحل:خروج الأمور عن السيطرة، فيطلب الشعب الأمن ويطلب العالم استقرار مصر.

ما يقوم به مرسي ويؤكد عليه الجيش و الداخلية هو:
١. رفض استخدام القوة.
٢. الجيش لايتدخل بالسياسة.

النتيجة أن جبهة الإنقاذ تحتاج لإنقاذ! :)

الجبهة والإعلام في إنتظار أي رد عنيف من أي جانب (الرئاسة / الحكومة / التيار الإسلامي)، وعدم حدوث هذا، يستفزهم أكثر ويحرقهم في الشارع ويفسد خططهم.

حاول تتخيل الخبر ده: الحرس الجمهوري يفتح النار على بلطجية حاولوا تسلق القصر، ويموت العشرات!

تفتكروا إيه رد فعل الجبهة والإعلام؟

باقي من الزمن ٥ أسابيع (٥ أيام جمعة) حتى انتخابات البرلمان؛ عايشنا أحداث عنف قبل أي إنتخابات في العامين الماضيين. جبهة الإنقاذ بكامل طاقمها و الإعلام كانوا يصدرون هذا الخطاب قبل أي إنتخابات: إحنا مش جاهزين، مافيش أمن، الناس مش عارفة البرامج. الهدف هو تأجيل أي عملية إنتخابية! لماذا؟ لأنهم الآن يعارضون مرسي "الديكتاتور"؛ غداً سيعارضون البرلمان—أي إختيار الشعب!

ولأجل هذا أبدعت النخبة مصطلح "التوافق"، حتى في البرلمان (حسن نافعة طالب ببرلمان توافقي معيّن)؛ ليس لأنهم يعلمون ضعف تمثيلهم فقط. فكرة أن تقوم المعارضة بالهجوم على ممثلي الشعب ستضعف من رصيدهم أكثر. الأسهل أن يعارضوا الرئيس؛ البرلمان سيصدر تشريعات بعيداً عن مرسي.

صلاحيات الرئيس في الدستور أضعف داخلياً. والقوة السياسية في يد رئيس الحكومة الذي ستأتي به الأغلبية. يعني إختيار شعبي من متعدد.

إذا أصدر البرلمان قانون بمنع التظاهر عند الإتحادية، فمشكلة جبهة الإتقاذ والإعلام ستكون مع نواب الشعب وليس الرئيس! هجوم على أطراف عديدة.

عندها ستجد تيارات متعددة تشترك في إصدار قانون ما، وسيكون على الإعلام فتح النار عليها جميعاً؛ هذا سيتعبهم ويبعد الصورة عن مرسي. وهو المطلوب.

واهِم من يتصور أن أجهزة الدولة تدعم مرسي قلباً وقالباً. لكن أيضاً واهِم من يتصور أنهم يستطيعون الانقلاب على رئيس منتخب بقاعدة شعبية عريضة.

إعادة هيكلة هذه الأجهزة وخاصة السيادية سيأخذ وقتاً (لاحظوا أن مصر تسير بشكل أسرع كثيراً من تركيا). الفلول والمعارضة سيحاولون إفشال مرسي. لكن أجهزة الدولة في النهاية ستحمي الشرعية.

ما يحاول البرادعي وباقي الشلّة القيام به، هو إقحام الجيش في اللعبة، أو حرق مصر حتى يضطر للتدخل!

تصوّري أن مرسي و مؤسسة الرئاسة أدركوا المخطط؛ ولهذا كان هذا الهدوء و"الضعف" السياسي؛ إضافة لتصريح السيسي بأنه لن يتدخل، لإفشال هذا المخطط.

هأضرب كذا مثال: نزول الجيش بورسعيد والسويس، حالة الطوارئ وعدم التزام الناس بها، بالعكس لعبوا كرة مع الجيش! وسخر الإعلام من مرسي، صح؟

ما الهدف "الحقيقي" من نزول الجيش وحظر التجول؟ تحقيق الأمن؛ وهذا ما حدث. يلعبوا كورة، يلعبوا كوتشينة، ويفتكروا إنهم فوق الدولة، مش مهم. :)

مرسي أصدر إعلان دستوري وتراجع عنه (ضعيف، متردد)؛ ماشي. :) المهم إنّه نفّذ ما أراد، وغيّر النائب العام، وحصّن التأسيسية، وأنهى الدستور.

مرسي بيمدح في الجيش وكرّم طنطاوي وعنان؛ الإخوان متحالفين معهم. ماشي. :) في الآخر، أزاح المجلس العسكري، وغيّر رئيس المخابرات، والجيش ترك حكم مصر.

لما تيجي تمسك مؤسسة كبيرة، فيها فساد كبير، بيبقى عندك حل من ٢: يا تغيّر كل الناس مرة واحدة، يا تغيّر بالتدريج.

ممكن نفكر علمياً في الطريقتين: التغيير السريع والجذري يتطلب وجود بديل جاهز ومدرّب؛ لا يوجد. التغيير السريع سيجعل من المطرودين دولة كاملة عدو داخل حدودك!

التغيير السريع أصلاً وابتداءاً يفترض أنك قمت بالثورة مدعوماً بقوة عسكرية كي تنفذ هذه القرارت الجذرية؛ وهو ما لم يحدث.

في المقابل التغيير التدريجي أهدأ، ولا يبني عداوات بشكل واسع. سيعاديك قلّة ولكن الباقي من احتفظ بمنصبه سيحاول استرضاءك ليكمّل، خاصة وهو يرى أنك فعلاً قادر على إزاحة قيادات كبيرة و الإطاحة بهم.

التغيير التدريجي يعطيك فرصة لدراسة مشاكل كل مؤسسة وبحث أفضل الحلول، وإختيار المطلوب تغييره الآن، ومن يمكن تأجيله.

تركيا قامت بالتغيير التدريجي، وبشكل أبطأ من مصر بمراحل. في حين أن رومانيا وأوكرانيا عندما أزاحوا الأجهزة الأمنية بكاملها، إنقلبت الأجهزة على الثورة.

لو حاولنا أن ننظر للوضع في مصر بعيداً عن الشحن والتضليل الإعلامي، سنجد الصورة مختلفة كثيراً على الأرض.

أكيد رجال الأعمال اللي بيفتحوا مشاريع في مصر، وسامسونج اللي هتفتح مصنع في شهر مايو، أكيد عارفين وفاهمين بيعملوا إيه.

كل محاولات جبهة الإنقاذ و الفلول و الإعلام هدفها:
١. تأخير بناء المؤسسات.
٢. خلق صورة سوداوية عن الوضع في مصر للداخل والخارج.

تركيا الآن فيها رجال أعمال عَلَمَانيين، ونسبة من الشعب تكره الإسلام السياسي، ولكنها تنتخب أردوجان لنجاحه الإقتصادي! وهذا ما يخيف المعارضة.

إتكلمت كتير النهارده. :) المهم أنا متفائل جداً، رغم وجود مخاوف كتير. وسبب التفاؤل الأساسي هو رعاية الله سبحانه وتعالى لهذه الثورة. من بدأ هذا الأمر سيتمّه، وبالنصر! من أزاح عمر سليمان من المشهد، لن يتركنا. من كشف الأقنعة ورد مكر الإعلام في نحورهم، لن يخذلنا.

"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ"؛ ولم يقل سبحانه: ويمكرون وتمكرون وأنصركم! في أي صراع بين الحق والباطل في القرآن، ستجد المولى عز وجل هو الطرف الأساسي.

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ"—٣٦ الأنفال. كم مرة عايشناها؟

أعلم أن البعض سيقول: هي ليست حرب على الإسلام! الله أعلم بالنوايا، لكن أريد إجابة منطقية على عدة أسئلة:

١. ترفض الإخوان سياسياً، مفهوم؛ لكن رفضهم مع السلفيين والوسط والجماعة والجهاد؟! يعني التيار الإسلامي كله؟ فهل ترفض دخول الإسلام للسياسة؟

٢. ترفض إقحام الدين في السياسة، وتطلب دعم الكنيسة! فهل هو رفض للإسلام تحديداً؟

٣. تهاجم علماء الإسلام وفقط؟

٤. تونس سارت على خطى النخبة (الدستور أولاً ورئيس توافقي)؛ فماذا حدث؟ حرق لمقار حزب النهضة، وتحميل الغنوشي المسؤولية دون الرئيس!؟!

طبعاً كل اللي فات كان محاولة لفهم الصورة من زاوية تانية! ماعنديش معلومات…لكن عندي أمل وتفاؤل وثقة في الله سبحانه وتعالى.

كتبه: د. أحمد جلال

الأحد، فبراير 10

تمكين للرجل على حساب المرأة

Toronto: Walk a mile in her shoes تورونتو - ماراثون المشي لمسافة ميل في حذاء المرأة

تنتشر هذه الصورة على الكثير من الصفحات العربية، ويبدو أن بعض نساء العرب تعجبها الصورة. بعيداً أصلاً عن الدين أو رأي الدين ورأي الرجال العرب في حدث وصورة مثل هذه؛ يعني سيبنا من لعنة التشبه بالنساء، سيبنا من المناظر المقززة في مثل هذا الحدث لبعضنا، نحن معشر الرجال العرب. فلنترك كل هذا على جنب، أختي وسيدتي العربية. تعالي لأقول لكِ قولاً آخر عن هذا الحدث، لا علاقة له بالدين ورجولة الرجل، بل علاقته بكِ أنتِ واعتزازكِ بنفسكِ وبنطاقكِ أو مملكتكِ كامرأة.

هذا الحدث باختصار يرمز إلى تمكين غير مباشر للرجل على حساب المرأة.

كيف؟ المشكلة مشكلة مرأة، وعلاجها أيضاً في يد المرأة. فلماذا ننظم حدث مثل هذا، يبدو وكأنه ’يعاقب‘ الرجل على الظاهرة؟ من المسئول عن الظاهرة؟ الرجل أم المرأة؟ من الذي يقوم بقرار الشراء والارتداء؟ الرجل أم المرأة؟ هل المرأة تابعة للموضة التي يخترعها الرجل؟ هل المرأة تلبس الكعب العالي في العمل والشوارع أو خارج البيت فقط إرضاءً للرجل؟ حقيقي؟ وحتى إن كان إدعاء مثل هذا حقيقي—وهو هراء، فهل يجبرها أحد على إرضاء الرجل بهذه الطريقة؟ وهل هذه هي الطريقة الوحيدة لإرضاء الرجل؟

يعني باختصار، القرار قرار المرأة، ولا دخل للرجل فيه. هذا الحدث إهانة غير مباشرة للمرأة، لأنه يعطي التمكين والوعي للرجل، بدلاً من إعطاء التمكين والوعي للمرأة نفسها، صاحبة القضية وصاحبة القرار.

وأتمنى أن تفهم المرأة هذا الكلام. جادلت فتاة مصرية من قبل في هذا الأمر، ولم تقتنع للأسف. فربنا يهدينا جميعاً.

—ياسين رُكَّه

السبت، فبراير 9

بلطجة في بلطجة ووداعاً للثورة

الشعب قال كلمة الأغلبية مش مرة أو اثنين، بل ثلاث مرات: قال كلمة الأغلبية مرة في البرلمان (مرجعية إسلامية)، ومرة في الرئاسة (مرجعية إسلامية)، ومرة في استفتاء الدستور (برضو مرجعية إسلامية) [عارف، عارف، بيضحكوا علينا ومفيش مرجعية إسلامية...حتى إن صح الحكم على قلوب الناس ده، برضو عاجبني، أحسن من اللي بيقولي صراحة كده إنه حيدّيني مرجعية عالمانية، لا شكراً]، وفيه بلطجية فاكرين نفسهم يمثلوا الثورة أو المعارضة أو الشعب، وهمه لا يمثلوا إلا البلطجة ولوي الدراع. ضرب رأي الأغلبية بعرض الحائط، وإجبار الأغلبية على قبول الرأي الآخر بالإجبار والعافية والتهديد والتخريب. هي دي ثورة؟ أو حتى معارضة؟؟ مش الحاجّة سِلميّة بس هيّه اللي اتبرّت من الأشكال دي، الثورة كلها على بعضها اتبرّت من الأشكال دي. والمعارضة لا تمت بصلة إلى إجبار رئيس مُنتخب أن يتنحّى. هذه ليست ثورة؛ هذه بلطجة يا سادة. ومن المنظور الغربي العَالَمَاني، هذه صفعة على وجه الديمقراطية. بعيداً عن الدين أصلاً، برضو لا تصبح لا ثورة ولا معارضة، بل إهانة للديمقراطية...وبلطجة.

—ياسين رُكَّه

الجمعة، فبراير 8

خدعوك فقالوا الإسلام السياسي

ألاحظ مؤخراً أن بعض الموحّدين (ولا أقول مسلمين، بل موحدين) يتحدثون عما يُسَمَّى بالإسلام السياسي أو السياسة في الإسلام وكأنها أفكار أجنبية أو دخيلة على الإسلام. كيف وصل بعض العرب إلى هذا الفِكر؟ حقيقة لا أفهم.

دعونا نحلل الأمر لغوياً ببساطة، وقبل حتى أن نتحدث عن الإسلام أو ما يقوله الله في القرآن: ما هي السياسة أصلاً؟ السياسة هي مجال العمل الذي يحتوي على منظومة أو مجموعة من السياسات المحلية والدولية. سياسات جمع كلمة سياسة واحدة؛ والسياسة الواحدة بدورها هي منهاج العمل المحلي أو الدولي في قضية ما. فما هو منهاج العمل؟ منهاج العمل هو مجموعة من القواعد التي تنظم كيفية العمل، وقد يكون المنهاج في شركة كبرى أو دولة. عندما يكون في دولة، فطبيعي أن تكون على الأقل بعض هذه ’القواعد‘ ببساطة قوانين، إما محلية أو دولية. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل في الإسلام ’قوانين‘ محلية ودولية واجتماعية وعسكرية واقتصادية أم لا؟ هل في الإسلام سياسات اقتصادية أم لا؟

الإجابة لمن يفقه الألف من كوز الذرة في الإسلام هي بالتأكيد نعم، في الإسلام يوجد قوانين وسياسات، وهي بكليتها معروفة باسم الشريعة الإسلامية (أو الدستور الإسلامي). فمثلاً مجموعة القوانين المتعلقة بالمعاملات المالية والربا وتحديد بالضبط ما هو الربا اسمها سياسات اقتصادية إسلامية، أو بالإنجليزية:
Islamic economic policies

فإن كان في الإسلام قواعد وقوانين، تجتمع لتكون سياسات، والسياسات بدورها تجتمع لتكون سياسة الدولة، أفليس إذن الإسلام نظام شامل متكامل ويحتوي على سياسة الدولة المسلمة أو الشعب المسلم؟ ألا يوجد سياسة في الإسلام إذن؟

فما الذي يقصده البعض عندما يختبئون خلف المصطلح العجيب ’الإسلام السياسي‘ ليسخروا منه أو يرفضوه؟ وهل عندما يرفضوه، هم يرفضوا أشخاص مثل مُرسِي وأحزاب مثل الحرية والعدالة، أم أنهم عندما تطرقوا إلى ما يسمونه بالإسلام السياسي، هم في الحقيقة يرفضون كليّة وشمولية الإسلام، ويريدون أن يكون الإسلام فقط شعائر وهز رؤوس ولوي ألسنة بقرآن لا يفقهون فيه شيئاً؟ هل يرفضون سياسة وسياسيين، أم هم في الحقيقة يريدون دفس الإسلام دفساً في ركن مظلم على سجادة تضرع في محراب عبادة، لا يخرج منه أبداً؟

—ياسين رُكَّه

الثلاثاء، فبراير 5

السباب والحياء والنساء

قرأت تعليقاً عن الشتيمة؛ افتكرت تربيتي، وافتكرت حال بلادنا كان إزاي في التسعينات، وافتكرت اللي بأسمعه عن حال بلدي تجاه الشتيمة والسباب العلني إنهارده، وافتكرت المخلوق الواطي سُوسْتَه والثقافة الواطية بتاعته والتخدير والدغدغة العقلية تجاه السبّ العلني اللي بيقوم بيه. فتأملت في الأمر.

أنا مباشتمش بألفاظ نابية في أي مكان أو صفحة عامة، ولا أسمح لأي شخص بنشر الألفاظ النابية على صفحتي؛ هذا مع العلم بأني على أتم الاستعداد بأن أترك شتيمة موجهه لي شخصياً إذا لم تكن لفظاً قذراً تماماً، يعني لو واحد كتب ’كلب حقير واطي‘، ممكن أسيبها لو معاها كلام تاني، لكن ما أسيبش لفظ قذر أبداً. والسبب الرئيسي هوه وجود البنات والنساء. حقيقي، مقدرش أزعم إن امتناعي عن الشتيمة راجع لمبادئ أو كده، خالص...أنا ممكن أشتم بأوطى الألفاظ، أخلاقي للأسف تسمحلي وبأشتم مع صحابي الولاد—على الأقل إنهارده، وبأؤكد للأسف لإن ده شيء لا يدعو للفخر أبداً ولا شطارة أو شجاعة مثلاً والعياذ بالله؛ ده ضعف وتنفيس للغضب مثير للشفقة. لكن ما يمنعني عن نطق أو كتابة الألفاظ القذرة في أي مكان أو صفحة عامة هو احتمال أن تسمع أو تقرأ السباب فتاة. أنا عارف إن فيه بنات بتشتم، لكن ده مش معناها إن كلهم كده؛ واحتراماً للبنات اللي ممكن يسوئها جداً قراءة أو سماع الشتيمة أو الفحش، أمتنع. وفي الامتناع خير وتحضر ليّا، غصبٍ عن أخلاقي اللي تسمحلي، فالحمد لله إن ربنا خلق بنات محترمة ولسه موجودين رغم أنف المخلوقات العِرّة من الجنسين.

فلكل ذكر وأنثى بيشتموا بفحش في الصفحات والأماكن العامة وفاكرين إن الناس كلها زيهم أقولهم: لأه، فُوقُوا، لسّه فيه بنات حيائها ينخدش من الفحش والألفاظ القذرة وقد تتأذى بشدة كمان، ولسّه فيه رجالة تمتنع عن الألفاظ دي عشان بنت واحدة بس زي دي، حتى لو وسط عشر إناث وجوههم ملوثة بقبح ما تقبلوه من ألفاظ حولهم بدون الإعراض عنها بوجوههم. إحنا رجّاله، مش لازم تكون وشوشنا جميلة علاطول، لكن البنت...إزاي يفضل وشّها جميل وهيه موجهاه كل يوم في اتجاه ألفاظ قذرة من غير ما تدوّر وشها وتسيب المكان اللي فيه ألفاظ قذرة؟ ما ينفعش. حتحتاج طبقات من الفاونديشن عشان تغطي القذارة اللي بتتراكم على وشها اللي مبقاش فيه حياء، وتلوث بقذارة الموجات الصوتية النابية.

يا ريت كل بنت بتسمح لنفسها تقول ألفاظ نابية أو تقعد مع ناس بترمي في وشّها ألفاظ فاحشة تفتكر إن حتى الشاب اللي كان بيلعب بديله وهوّه صغير مع الداعرات، لما بيفكر يتجوز، بيحاول على الأقل إنه يبتعد عن الوجوه الداعرة، فيبحث عن وجه فيه بعض الحياء؛ هوّه بيعمل كده بفطرته، لإنه عايز زوجة يثق فيها؛ سواء ربنا وفقه يلاقيها بعد اللي عملُه أم لا، دي حاجة ترجع لله بقه. وتراكم الألفاظ القذرة في وش أي بنت لا يمكن أن يترك أي حياء على الوش ده. والوش اللي من غير حياء حيحتاج فاونديشن كثير قوي عشان يخبّي القذارة التي سممت الحياء. أنا عارف إن ذكور كثير  بقه يبدو عليهم إنهم لا يروا ولا حتى يهتموا بالحياء، ولكن أؤكد لكم أن الكثير منهم عندما يبحثون عن شريكة حياة، بفطرتهم البحتة يبحثون عن الحياء في وجوه من يقابلونهن من نساء. فالسؤال: هل من حياء تبقّى في وجهكِ أم أن الفُحش قد قتله قتلا؟ ووالله إن الحياء ليس طأطأة الرأس وحمار الخدود، بل هو هالة ساحرة يراها الرجل في وجه وعين المرأة المرفوعة الرأس؛ فإن كان رجلاً نبيلاً، ألقت في قلبه الاحترام، حتى جعلته هو يطأطئ عينه للحظة.

—ياسين رُكَّه

غسيل المخ: ما هي إيَّتُك؟

هل غسيل المخ فقط من التليفزيون؟ هل غسيل المخ فقط للأغبياء؟

يبدو أن هناك توجه فكري يتم الترويج له وتبنّيه ببطء من قبل الكثير من الناس هذه الأيام، بأن غسيل المخ فقط من التليفزيون، وأن ’الأذكياء‘ آمنون من غسيل المخ. والمفارقة المضحكة هنا هي أن هذه الفكرة في حد ذاتها غسيل مخ! بعض الناس تُغسل أمخاخهم بها.

من حيث أقف اليوم متأملاً، يمكنني بسهولة أن أخبرك أنّ لا أحد آمن من غسيل المخ، لأن هناك وسائط مكرسة وقنوات إدّعائية لكل طبقة في المجتمع ولكل نوع من الناس. غسيل المخ ليس فقط تخدير الأغبياء ليزدادوا غباءً؛ بل هو أيضاً إشغالك بالتفاهات وبالأفكار والأنشطة الهدّامة، لا البنّاءة؛ هو إبهار وإقناع الذكي كي يصبح متعصباً. ما هو التعصب؟ التعصب هو الاستمرار في الصراع على الرغم من أن الحرب انتهت بالفعل، الصراع بعد الحرب. أي أن التعصب هو الصراع من أجل الصراع، بأسباب ضعيفة إلى منعدمة أصلاً لتبرير الصراع. هل الأذكياء أو المتعلّمون آمنون من غسيل المخ في هذا السبيل؟ أبداً؛ بل إن الأذكياء والمتعلمين هم بالتحديد الشريحة المستهدفة من فطيرة المجتمع في سبيل هذا النوع من البقاء أو أسلوب الحياة.

’الإيّات‘ وسائط شائعة جداً لهذا النوع من التجنيد؛ لو معي الإيّة المناسبة لك، يمكنني أن أجنّدك كبَيْدق متعصب في سبيل قضيتي المزعومة. الإيّات تتضمن الليبرالية، والليبرتاريالية (التحررية)، والرأسمالية، والاشتراكية، والإنسانية الإحسانية، والإنسانية التحضرية، وهلم جرا، بلا آخر، حرفياً بلا نهاية، ولكن الإيّة المفضلة للنخبة، وأكثر الإيّات شعبية عند الناس، وأكثرها تأثيراً وأيسرها تكيّفاً هي…الحريّة.

إن كنت تؤمن بأي [إيّة] بحماس وعاطفة، فقد تؤمن بها على نحو أعمى أيضاً؛ إن كنت تناضل وتصارع من أجل أي إيّة، فقد تم غسيل مخك بالفعل منذ زمن بعيد. والأهم من ذلك، تعلّقك وصراعك من أجل إيّة يعني أن مبادئك تتغير وتتأقلم باستمرار لتتماشى مع الإية الأرضية، التي هي من صنع الإنسان، والتي يتم مراجعتها وتغييرها باستمرار لتتلائم مع أجندة أو برنامج الصانع من أهل النخبة. ناهيك عن المبادئ المعلّقة التي لم يتم الفصل فيها في أي إيّة، مثل الإجهاض وعقوبة الموت وقضايا الأجناس. فعندك إيّة مثل الحريّة، كانت بالأمس تعني حرية الأبيض ليستعبد الأسود وحرية المرأة لتظهر شعرها، وأصبحت اليوم حرية أصحاب البنوك ليستعبدوا الشعوب وحرية المرأة لتظهر كل جسمها فيما عدى الصدر والعضو التناسلي، والله أعلم كيف سيغير النخبة معنى الحرية غداً.

ما هو المخرج؟ ابحث عن ثابت، بدلاً من البحث عن المتغير بلا نهاية. اطلب فكراً أقامه وجود أعلى، بدلاً من فكر أسسه إنسان مثلك، بالتأكيد عرضة للخطأ، ربما متحيّز، وجلياً قصير العمر. التمس طريقك العائد إلى مصدرك، الصمد الثابت، الآخر الوارث، الخبير الباطن، الواحد الأحد. واهدي غيرك باللين إلى طرقهم العائدة إلى الصمد، حاول أن تنقذهم من الإيّات. قد يغسل الإنسان مخ أخيه الإنسان، وباستخدام الدين نفسه، ولكن الله لا يغسل أمخاخ عباده أبداً؛ التمس طريقك إليه، طريقك إلى مصدرك الصمد، بدون أن تسمح لأي إنسان أن يغسل مخك خلال الطريق، لأنّه—تذكر—لا يوجد أحد آمن من غسيل المخ، خصوصاً إن كنت تقرأ، أو تشاهد، أو تسمع للآخرين باستمرار، بدلاً من أن تجاهد كي تسمع مصدرك: ربّك.

—ياسين رُكَّه