الخميس، يوليو 18

الفتنة نائمة والظالمون يهلكون الظالمين والطعام لذيذ

’اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين‘.

كيف تربي السلبية وحب الدنيا في شعب مسلم وتصنع أشباه متدينين؟ ارفع صوتك بهذا الدعاء، ركّز عليه، كرره على مسامع المسلمين؛ وفي نفس الوقت، اشتكي وقل لهم أن الأدعية المستحدثة التي يدعون بها ليس لها دليل في السنة وأن الأولى والأرجح الدعاء بما دعا به الرسول عليه الصلاة والسلام. ولكننا لا نعرف عن الرسول (ص) دعائه بذلك الدعاء أبداً، فلماذا يدعو به الشيخ المُفتي في الخُطب والدروس؟!

إذا أصبحت أمنية المسلم هي أن يُهلِك الله الظالمين بالظالمين ويخرجه من بينهم سالمين، فما هي وظيفة المسلم؟ ما هي شغلانة المسلم إذن؟ ما هي فائدته للناس ولله وللأرض؟

لو الظالمين يتضربوا بالظالمين، أُمَّال انت بتعمل إيه؟ بتتفرّج؟

أليس هذا الدعاء مثل قول: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}—المائدة: ٢٤؟

كيف تصنع السلبية وانعدام النخوة والخوف صناعة في قلوب أشباه المتدينين؟ كلما قام أحدهم للوقوف أمام ظالم أو جندي مرتزق من جنود الظالم، تحدث عن ’الفتنة‘. تحدث عن الفتنة كثيراً، وطنطن بها مراراً وتكراراً في آذان أشباه المتدينين؛ الفتنة راحت والفتنة أتت، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

أهي الفتنة حقاً التي كانت نائمة؟ أهي الفتنة حقاً التي استيقظت؟ ومن الذي يريدون عودته إلى النوم؟ الفتنة؟ أم قلبك وضميرك؟ أنت.

لعنة الله على الجهل، وشفانا الله جميعاً من سهولة غسيل الأمخاخ.

يا أهل العقل، الحق في غير مكانه قد يكون باطلاً؛ الحق لغير أهله قد يصبح ظلماً. وأعطيك مثالاً واضحاً: فكرة أن إله الكون واحد، أليست حقاً؟ فما ظنك بشخص يؤمن بأن هذا الإله الواحد ليس في السماء، بل هو أمامه...تمثال أو صنم أمامه؟ فعندما يتحدث هذا الشخص عن الإله والرب الواحد، قد تعجب بكلامه، وتراه على حق؛ ولكنك قد تُصعق عندما تكتشف أن الإله الذي يتحدث عنه موجود في حجرته على هيئة صنم!

إذن، فقبل أن تقبل الحق تأكد من مكان الحق في الزمان والمكان، تأكد من العلاقات بين هذا الحق وما حوله، تأكد من نسبيّته أو إطلاقه. يعني، هل التوقيت مناسب؟ وهل هذا هو مكان التطبيق السليم لهذا الحق؟ وهل الحق في هذا المكان يُظهر علاقات صحية بينه وبين ما حوله من أفكار أو حقائق أو أفراد؟

في زماننا هذا، نرى شبه يومياً أمثلة لموقف ’حق يراد به باطل‘. وبإسقاط الكلام كله على مثال ذكرته مناسب لأحداث اليوم، نعم، يوجد شيء اسمه الفتنة وعلينا أن نتقيها؛ ولكن هل للفتنة علاقة بالوقوف أمام الظالم أو زبانية الظالم؟ بالتأكيد لا. فلا تدع المغسولين مخياً والجهلاء وأشباه المتدينين يخدعونك بما خدعوهم به النخبة والإعلام الكاذب ومشايخ الحكومات.

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: