الثلاثاء، يوليو 9

لماذا دليل أقلية المعارضة هو عزل العسكر لمرُسي؟

يبدو أن بعض مؤيدي التيار الإسلامي نفسه يؤمنون أن عزل الرئيس السابق د. محمد مُرسي كان هزيمة في إحدى المعارك ضد الإسلاموفوبيا وفوبيا الشريعة الإسلامية. كما يراه الفريق الآخر، الذي يضم عالمانيين وليبراليين وملاحدة وعسكر وفلول وأقباط وإلى آخره، نصراً لهم. الحقيقة، كما أراها، هي أن هذا لم يكن هزيمة أو نصراً، بل كان غشاً واستخداماً غير قانوني للقوة العسكرية. بل وكان الدليل الذي نحتاجه اليوم على أن المعارضة في الحقيقة هي الأقلية! لأن الكثير من أهل المعارضة يتشدق بأن تأييد الإخوان ومُرسي قلّ كثيراً عما سبق.

فالذي حدث، من منظوري، هو أن العسكر استغل أن ما يقرب من نصف الشعب (ولكن لا يمثل الأغلبية بالدقة الحسابية) يهتف ضد الرئيس السابق د. محمد مُرسي، فعَزَله العسكر بناءً على ذلك؛ ولكن هل حقاً كان المعارضون أكثر؟ أنا على يقين أنهم كانوا الأقلية، حتى وإن كانوا مثلاً ٤٥% من الشعب، فهذه أقلية؛ طالما لم يزيدوا عن ٥٠%، فهم الأقلية، كما تقول قواعد الديمقراطية التي يتشدقون بها في أي بلد ديمقراطي نصف محترم؛ أوباما مثلاً في أمريكا كسب بنسبة ٥٢.٩٣%، كما كسب مُرسي بنسبة ٥١.٧٣%. فإن كان المعارضون ٤٩.٩٩% من الشعب، لظل د. محمد مُرسي الرئيس الشرعي للوطن.

كيف عرفت أنّ المعارضين كانوا الأقلية؟ ببساطة لأنه إن كان العسكر يعرف أن المعارضة هي الأغلبية، لأجرى استفتاء شعبي بمنتهى الثقة في مسألة بقاء مُرسي من رحيله. ولضمان دقة النتائج وعدم التزوير، لأشرف العسكر بأنفسهم على الاستفتاء وأيضاً قاموا بتمويل إشراف حيادي دولي على الاستفتاء، وبالتالي لعرفنا جميعاً بمنتهى الدقة رأي أغلبية الشعب في هذا الأمر. ولكن العسكر كان يعرف أن المعارضة هي الأقلية على مستوى الجمهورية كلها، حتى وإن كانت أغلبية في بؤرة الفساد، العاصمة؛ عواصم العالم كلها بؤر فساد عامة، أو بمعنى آخر، يتركز ويكثر فيها الفساد عن أي مدينة أخرى في الدولة. ولأن العسكر كان يعرف أن المعارضة أقلية، فقد أدرك أن الطريقة الوحيدة للتخلص من مُرسي هي استخدام القوة والجبر. استخدام القوة والجبر بدون أي خطوات تسبقها لتجنب هذه الخطوة، هو دائماً اختيار أهل الباطل والفساد، لأنهم يعرفون أن لا الحق ولا المنطق نفسه معهم.

فإن جادلك معارض في حقيقة أنه يمثل الأقلية، اسأله لماذا إذن لم يقم العسكر أو الجيش بإجراء استفتاء شعبي يشرف عليه العسكر أنفسهم—مع إشراف دولي أيضاً—في مسألة بقاء مُرسي من عدمه؟

غالباً سيكون رده الساذج والمتكبر هو أن الأمر واضح؛ اسأله واضح لِمَن؟ له هو وعينه الغير حيادية الكارهة؟ أم واضح لعدّاد في بيته يعرف به أعداد الناس في كل مكان في مصر؟ الأمر الوحيد الواضح هو أن الكثير لا يريد أن يعدّ الناس في مصر اليوم بدقة رقمية وحسابية ونسبية.

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: